وهناك افلام عربية عديدة حملت قصة الحرب مع اعدو الذي يجثم على ارضنا العربية الان في طابا وفلسطين والجولان وجنوب لبنان ..!!
منها التسجيلي , ومنها الروائي , وقد يصعب الحصر الان , وبالذات في مجال الفيلم التسجيلي والوثائقي , الذي يحتاج الى دعم اكبر من خلال اذاعته في محطاتنا التلفزيونية العربية , لانها تسجيل واقعي للاحداث العظيمة التي مر بها المقاتل العربي في كل مكان فنحن بحاجة فعلية وحقيقية للفيم الحربي القادر على تقديم صورة مثالية افضل عن المقاتل العربي الى العالم اجمع , وفي نفس الوقت يساعد المقاتل العربي على فهم دوره الميدانى القتالي , وليست مجرد اضافات لمشاهد او لقطات في الفيلم ليتم حشوها دون دلالة ادبية ونفسية , وهو الامر الذي جدث في العديد من الافلام كفيلم " الوفاء العظيم " بطولة نجلاء فتحي وسمير صبري ومحمود ياسين وكمال الشناوي وعبد المنعم ابراهيم او ان يكون الحديث عن الحرب انسانيا باثارة اللاحقة مثل ما شاهدنا حالة الضابط المصاب الذي يعود الى اهله وبلدة في فيلم " برج المدابغ " من بطولة عادل ادهم ويسري ورغدة ونجوى فؤاد وصلاح السعدنى ويونس شلبي وعزة جمال الدين فنحن امام عدد , يجيد استخدام السينما كلغة عالمية , تبرر هزائمه , وتضخم انتصاراته , امام مواطنيه وامام العالم , وهو
الذي انتج عشرات الافلام عن حرب يونيو 1967 لتمجيد نفسه , وتجعله يتوقف عن عرض فيلم تسجيلي حول حصن بارليف كلف ملايين الدولارات بعد تحطيم هذا الحصن – الوهم – المزيف , وتضطره الى انتاج فيلم يتحدث بمرارة عن هزيمته في اكتوبر سنة 1973 في اكثر من فيلم , ولكنه بالتاكيد كان يوارى الهزيمة العسكرية , بافلام عنصرية واخرى تبين بعض غدره ومكره , كما هو الحال في فيلم " ظلال الملائكة " الذي عرض في مهرجان كان 75 باسم سويسرا .. او لفيلم اسمه " عملية الرعد " الذي عرض في مهرجان كان 1977 , للمخرج ثمولان , الذي نجح مخرجنا العربي " يوسف شاهين " في ابعاده عن لجنة التحكيم في مهرجان كان 1983 , رغم كل القوة الرأسمالية والاعلامية والسينمائية التي تؤيدهم وتقف ضدنا ..!!
واخيرا فاننا اذا اردنا حقا , كسر حاجز الخوف , والانطلاق نحو العالم , فلا بد لنا من الاهتمام بفيلم حربي , وفي هذا المجال نذكر سلسلة افلام اسماعيل ياسين في البوليس الحربي وفي الطيران , كما نذكر افلام مثل " اسود سيناء " بطولة رغدة وشكري سرحان " والقنطرة شرق " وايضا " مشاغبون في الجيش " الذي يعتبر نسخة عصرية عن سلسلة افلام اسماعيل ياسين السابقة الذكرر , والذي ببطولته يونس شلبي وليلى علوى وسمير غانم لكننا حتى الآن , لا يمكن ان نقارن الفيلم الحربي الروائي العربي من قريب او بعيد بالافلام العالمية التى تحدثنا عنها بداية حول الحرب العالمية الثانية .. فاغلب انتاجنا من الافلام الحربية يعتمد على جوانب انسانية واجتماعية حول اثار الحروب النفسية على ضباطنا وجنودنا ولم تظهر القدرات البطولية والقتالية الميدانية الا في مشاهد اقرب الي المشاهد الاخبارية المحشوة ضمن الفيلم الروائي ..
نقول هذا ونحن نعلم كم يكلف الفيلم الحربي ..؟ وما هي التقنيات اللازمة لانتاجه .. لكننا اذا ما وصلنا الى الفيلم الحربي – الروائي – الذى ينقل لنا صورة كامله وواقعية عن عمليات الميدان العسكرى نكون قد حققنا ما نصبو اليه سينمائيا – لان الفيلم الحربي بالتاكيد يحتاج الى تعبير سينمائي ومميز اكثر من اى نوعية اخرى من الافلام بحيث يأتى اليوم الذى نستطيع فيه انتاج فيلم حربي بمستوى الفيلم العالمى .
ومع ضعف المضامين الحربية العصرية فى الفيلم العربي , يمكن استلهام هذه المضامين بالعوده الى الافلام التاريخيه , بحيث نجد منها افكارنا قد يسهل على السينمائيين العرب تطبيقها فى افلام تتحدث عن الحروب العربية المعاصرة . ففى فيلم " الرسالة " الدينى نجد انفسنا امام نماذج من المعارك بين المسلمين وبين الكفار فى " بدر " حيث كانت فئه صغيرة من المسلمين مؤمنه بربها وبحقها تنتصر على فئه كبيره – وهذا درس يفيدنا فى التمسك بارادة الحق , وبالايمان بنصر من عند الله قريب انشاء الله – اما الدرس الذى استلهمناه من معركة احد فى الفيلم ذاته – هو فى استمرار اليقظه والحذر , والاستعداد الدائم لمواجهة اى مفاجاة غير متوقعة , وعدم الاهمال , او الافراط فى الثقه بالنفس – وفى معركة الخندق – نجد انفسنا امام حشد كبير من الكفار – كان يجب مواجهتهم بعناد وتحد وقوة وشراسة , مع الذين يؤيدونهم من اليهود داخل المدينة , فكان الانتصار , بالخطة الحكيمة , والقيادة الواعية الرشيدة , والتحدي الذي جعل من المسلم الواحد مساويا لعشرة من الكفار , باذن الله وعونه .
وقد عشنا مواقف مشابهة في الحرب سنة 1948 , سنة 1956 , سنة 1967 , سنة 1973 كان يمكن للسينما العربية معالجتها بشكل عصري حديث , يعمق مفاهيم الثبات على المواقف , ويقوى الارادة والتحدي لدى المقاتل العربي ضد اعدائه .. وفي فيلم " الناص صلاح الدين " نعيش درسا في التخطيط العسكري حين يوقع العرب والمسلمون , جماعات الصليبيين , في ممر ضيق بين جبلين , لاحكام الحصار حولهم , وايقاع الهزيمة بهم – وهذا يذكر الانسان العربي المعاصر بممرات سيناء , التي تحدث عنها فيلم " اغنية على الممر " بمرارة حول حرب سنة 1967 – اما معاملة الاسرى في الحروب , فنجدها قضية يعالجها فيلم الناصر صلاح الدين , حيث يكاد الصليبيون يفتكون بالاسرى من العرب والمسلمين الا ان معاملة صلاح الدين المثلى لاسرى الحرب من الصليبيين , انقذت الاسرى المسلمين من بطش الصليبيين .. وهذا وحده يمكن ان يكون سيناريو حول اسرى الحروب العربية العصرية ضد اعدائها وفي فيلم واإسلاماه , نجد دسا ينبهنا الى ضرورة الوحدة وجمع الشمل والكلمة لمواجهة الاخطار الكبرى , ونسيان الماضي بخلافاته , وتجاهل ما يعيق نصرة العرب والمسلمين ضد اعدائهم , كما فعل الظاهر بيبرس حين تقدم الى قطز مادا يده للمصالحة , لكي يقفا صفا واحدا ضد التتار , الذين صرقوا كل شئ بلا رحمة او هوادة , كانت التفرقة والانقسامات الخلافات وتوزع العرب حواشي طوائف السبب في طمع التتار زحفهم القادر على المسلمين حتى قفوا صفا واحدا , تحت قيادة احدة , وبخطة واحدة , ليحققوا نصر الاكيد في عين جالوت , وهي روس نجدها واضحة في فيلم واإسلاماه ".
اما الثورة الشعبية والمقاومة المسلحة ضد الظلم وضد الاحتلال لطغيان فقد عشناها في فيلم " عمر المختار " حيث تصور قيادة هذا الرجل الاسد او الاسد الشيخ امام جحافل الايطاليين من موقعة الى اخرى , كما شاهدناها في فيلم المماليك , مع ذلك الحداد الشاب الذي يجمع حوله الانصار والاعوان من الرجال والشبان لنصرة الحق , فيما يشبه الحرب الشعبية التي يمكن ان تبدا باعمال فدائية او كما يطلق عليها حديثا اسم – حرب العصابات – تتحول بالقوة والتنظيم الجيد والقيادة الواعية الي ثورة شعبية شاملة ضد الاحتلال , وما اكثر ما عاشه المواطن العربي في الاراضي المحتلة من مواقف مماثلة لحرب شعبية دامت شهورا طويلة في غزة والقدس ولم تجد لها نفس الصدى في أي فيلم عربي روائي – وليس وثائقيا – لان الفيلم الروائي يؤثر علي المشاهد , ويعيش زمنا طويلا محفورا في الذاكرة يمجد تلك المواقف الشعبية الاصيلة لاهلنا في الارض المحتلة بالضفة الغربية وقطاع غزة . والآن في صيدا وصور من جنوب لبنان , ولا يمكن ان يدعى احد عدم القدرة علي انتاج فيلم عصري علي غرار " المماليك " عن تلك المواجهة والفيلم الحربي غالبا ما يتحدث عن معركة بذاتها , او بطولة جماعة من الجماعات ضمن الحرب , وما اكثر المعارك التي خضناها ببسالة حتى في 1967 وما اكثر البطولات التي تحدث عنها المؤرخون لتلك الحرب من المقاتل العربي المصري والفلسطيني في خان يونس والكانتيللا – لنؤكد علي ان الانسان العربي لم يهزم رغم كل ما تم وانه كان بطلا , بحاجة الي قائد , مثل سعد بن ابي وقاص , الذي خطط لحرب سرشة وقوية في معركة القادسية , وانتصر , رغم كل العدة والعتاد , والاعداد الغفيرة من الجنود والقيادات الذكية النافذة بين صفوف اعدائه , فقد حقق النصر بحكمته في معالجة كل كبيرة وصغيرة , ومتابعة كل امر , فالقيادة نصف النصر , هكذا علمنا سعد بن ابي وقاص , وخالد بن الوليد , وهم ينتصرون لحقهم ولامتهم متجاهلين انفسهم وذاتياتهم , وقد عشنا ذلك في السينما العربية مع فيلمي " القادسية " و " خالد بن الوليد "
ولم تكن العودة الي الفيلم التاريخي في الحديث عن الفيلم الحربي , الا تاكيدا علي اهمية الانتباه الي امكانية انتاج العديد من الافلام العربية عن الحروب المعاصرة , ضمن ما سبق واستلهمناه من دروس وعبر عن معارك العرب والمسلمين التي تم تصويرها في الافلام التاريخية .. لاننا اذا كنا قادرين علي انتاج فيلم تاريخي باهظ التكاليف , وفيلم سياسي فيه من المباشرة والنقد الواضح الصريح – فما الذي يمنعنا من انتاج فيلم حربي , وبطولات الانسان العربي تملا صفحات الحروب العربية العصرية الخمسة .. لماذا ..؟