النحلة *



ألقى بجسده المتهالك فوق الفراش بعد يوم قضاه في التنقل والوقوف أمام أبواب المكاتب والإدارات...
ـ ليست لدينا وظائف جديدة...
نفس الجواب ربما مقرونا ببعض الإزدراء ، كذلك كان ولا يزال...
بدا فوق الفراش مرميا كدمية من قماش ، أغمض عينيه وهوى في فراغ سحيق.
في الحلم تحول إلى نحلة ، طار في الهواء ، غمرته سعادة كبرى ...ما أروع الأشياء منظورة من العلياء ، وهذا الأزيز الرائع المنسجم ، يبث في حنايا الذات شعورا بالاسترخاء والانطلاق ...لا موانع تحجب الرؤية ، ولا عوائق تنهي المسار اللازوردي الشفاف ...أماما، دائما إلى الأمام.
تراءت ملامح المتوسط الزرقاء هادئة ، ميناء طنجة يعج بسفن ومراكب بمختلف الأحجام بعضها راسية والأخرى تتأهب للإقلاع .
ولجت النحلة داخل إحدى السفن ، وقبعت بأحد الأركان تسترجع الأنفاس من وعثاء رحلتها الطويلة . حين رسو السفينة بالشط الآخر ، انطلقت تستكشف آفاقا تبدو على مرمى العين خضراء ، أشجارها مثمرة يانعة ، وأزهارها ملونة زاهية.
رأت سربا من النحل ، تبعتهم بتلقائية وداخل الخلية طوقها الجنود وأمام الملكة ألقوا بها كخرقة بالية . غمرها الخوف ... ما أنا إلا نحلة مثلكم فهل أستحق هذه المعاملة القاسية.
ـ أمامك خياران، إما أن تثبتي أنك قادرة على إنتاج العسل مثل الباقين أو الموت الزؤام .
أختارت الأهون وهي التي قضت وقتا بين الزهور والرياحين ، وبدت سعيدة بعد الانتهاء من إفراغ حمولتها ، وابتسمت للملكة . ومن حيث لا تدري دوى صوت صفعة على خدها واغتصبت ابتسامة الرضى قبل اكتمالها تلا ذلك صوت قوي وغاضب
ـ تحملنا أن تعيش في البيت عالة علينا بلا شغل ، ولكن أن تتبول في الفراش كالخنزير فهذا أمر لا يطاق .



ذ حسن لشهب


*نكتة مغربية