التعاطي المصري مع حقبة عبد الناصر يمنحنا الكثير. أبرز ما يُهاجم ناصر لأجله هو هزيمة 1967، وهذا طبيعى في مجتمعات كمجتمعاتنا تعشق النجاح وترهب الفشل وتعبد القوة دون نظر لما إذا كانت تقترن بحق أم لا! خطأ رهيب يكرسه خصوم ناصر من الاسلاميين وغيرهم، حين يختزلون ويلات حكمه في هزيمة عسكرية، كسر ناصر الانسان المصري كما لم يفعل ربما غيره. يُروى عنه مثلا في جلساته الخاصة تباهيه بأن مصر لم يعد بها رجال غيره بالطبع!
هذا الولع العربي بالقوة ربما يفسر سكوت الناس اليوم عما يحدث من عبث بالحقوق، بل وذهاب بعضهم لترجيح كفة فلان أو علان استنادا لدمويته واستهانته بأرواح البشر. العرب يعبدون القوة ويعشقون النجاح رغم أنه وكما قال الأمريكي بيل جيتس معلم سيء للغاية. رهاب الفشل مصادرة للغد.
مشكلة مجتمعاتنا وفي طليعتها الاسلام السياسي أنها تفسد من حيث تريد أن تصلح. هم يريدون تفكيك عقدة ناصر - أعنى ارباكه الوجدان العربي وجعله غير رافض للاستبداد وغير قابل به -. فيهاجمونه في مواطن وهن قوته المادية وليس مواطن وهن أخلاقياته وفكره. والنتيجة انه لا عقدة ناصر بتنفك ولا الوجدان العربي بيتحرر ولا الاسلاميين بينتبهوا لمشاكل حضارتنا الاسلامية، لا أقصد الاقتصادية أو السياسية فقط، بل الفكرية حيث تتمترس أسباب الوهن.