لا تحزني يامدن العرق ( حوارية شعرية )
عبدالوهاب محمد الجبوري
تمنّى عليها ألا تشفق عليه حين يموت ، تمنّى عليها ألا تقضم الأصابع الياقوت وأن لا تعلن الحداد في بلد الرماد قبل أن تغتسل في أحداقه وتصلي على جرحه البني .. تمنّى عليها أن تكتحل بتراب لم يجف في فمه بعد .. فهمت رسالته :
( لا تحزني يا مدن العراق ...
أو تبرمي عهدا مع غاصب أو ميثاق
فنحن منذ البدء كنا نبذل الأعناق
حتى مع الحبيب في العناق )
تنهدت طويلا .... ثم راحت تكمل قراءة الرسالة :
( عيون بغداد أحلام تراودني
كخفقة حب بالوصل تغمرني
أزقة بغداد ، أيامي ، وفاء يغمرني
لم انس يوما ، وما حولّت صاريتي
عنها ، لكن عصف الريح حولني )
هنا أجهشت بالبكاء وراحت تكتب على صفحات غيمة مسافرة تنكّبت النبض الصهيل ، فصارت شظايا أدمنت عمرا فأدمنها الأصيل :
(قد كنتَ صوتي الغافي على صمتي
وكنت دربا يراود الامي ويلسعني
كم سرتُ اشدّ خطوي عند بابك
ما كنت قاصدة فالشوق سيّرني
أمرّ كل صباح على ثراك
حتى كأن به سحرا يجذبني
ستبقى ذكراك على الأيام خالدة
كم جلسنا وكان النهر يخبرني
من حمل القدس وبغداد في دمه
سيظل بدرا ونسيما يلفحني )
****