السيئة السيئة في تفصيل الكتاب المنزل هي المكروه ومنها المصائب والآفات والاعتداء يكرهه ويسوء المصاب به ، ومنها العمل القبيح من المكلف كرهه الشرع ، ومنها الحساب والعقاب في الدنيا كالآخرة يقع على المسيء فيكرهه .
وكان القبر نعمة تُوارَى فيه سوءةُ ابن آدم أي عورته ثم ما يُكْرَه الاطلاع عليه من أمارات الفناء والعودة إلى العدم كما كان ، وحرص الشيطان على نزع ما كرّم الله به ابن آدم من اللباس ليطلع كل من الرجال والنساء على سوءة الآخر أي عورته ، وما كان مع الشقي من ابني آدم بقية من عقل أو فطرة يُوارِي بها عورة أخيه بالدفن لولا ما تعلّم من الغراب .
ولقد وردت للسيئة والسيئات في تفصيل الكتاب المنزل دلالات :
إحداها : بمعنى الآفات والمصائب ابتلاء واختبارا وضابطها اقترانها بالمصائب والابتلاء والاستعجال والمسّ والتبديل مكان الحسنة ، كما في قوله :
ـ ﴿ وإن تصبهم سيئة بما قدّمت أيديهم فإن الإنسان كفور ﴾ الشورى
ـ ﴿ ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة ﴾ الرعد
ـ ﴿ ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوْا ﴾
ـ ﴿ وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ﴾ الأعراف
ـ ﴿ ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور﴾ هود
ويعني أن الحسنة في مقابلها تقع على النعمة والسراء .
وثانيها : بمعنى الاعتداء كما في قوله :
ـ ﴿ ادفع بالتي هي أحسن السيئة ﴾ الفلاح
ـ ﴿ ويدرأون بالحسنة السيئة ﴾ الرعد والقصص
ـ ﴿ ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ﴾ فصلت
ـ ﴿ وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله ﴾ الشورى
ويعني أن من فقه المرحلة في مرحلة الاستضعاف عدم رد الاعتداء بمثله بل بالتي هي أحسن كما في ما تنزل من القرآن قبل بيعة العقبة ، أما في مرحلة التميّز فللمعتدَى عليه أن يَجزيَ المعتدِيَ باعتداء مثله أو يعفوَ ويُصلحَ وأما في مرحلة التمكين فعلى المعتدَى عليهم أن يعتدوا على من اعتدَى عليهم بمثل ما اعتدَي عليهم كما في سورة البقرة .
وثالثها : بمعنى المعصية والخطيئة من المكلفين وضابطها اقترانها بالعمل والكسب والشفاعة والاجتراح والمكر والمجيء بها كما في قوله :
ـ ﴿ بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته ﴾ البقرة
ـ ﴿ والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم ﴾ الأعراف
ـ ﴿ كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها ﴾ الإسراء
ـ ﴿ ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها ﴾ النساء
ـ ﴿ إن الحسنات يذهبن السيئات ﴾ هود
ـ ﴿ أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات ﴾ الجاثية
ـ ﴿ من جاء بالحسنة فلا يجزى الذين عملوا إلا ما كانوا يعملون ﴾ القصص
تلك المعاصي والخطايا دون الكفر والموبقات هي التي قد يُكَفِّرُها الله عن صاحبها بالمصائب والآفات وقد يعفو الله من تلك السيئات ما شاء فلا يصيب العبد بها في الدنيا آفات وضراء وآلاما وأسقاما فضلا من الله العفوّ كما بينت في مادة [ عفا ].
أو يقع التجاوز عنها يوم القيامة لمن شاء اله كرامته بالجنة والمغفرة ، وإلا فهو الحساب والعقاب يوم الدين أو في اليوم الآخر .
ورابعها : بمعنى العذاب الجزاء في الدنيا على المسيئين عملا ، وضابطه الإصابة بها كما في قوله :
ـ ﴿ فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ﴾ النحل
ـ ﴿ قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا به يستهزئون فأصابهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين﴾ الزمر
ويعني حرف النحل وأول الزمر عذابا تقدم ومضى قد عذّب الله به في الدنيا المكذبين المجرمين قبل نزول القرآن ويعني ثاني الزمر عذابا وعقابا وعد الله أن يصيب به الظالمين في آخر هذه الأمة وأكّده بقوله ﴿ وما هم بمعجزين ﴾ ، أما قوم نوح والأحزاب بعدهم فقد أهلكوا ولم يعجزوا .
وخامسها : بمعنى العذاب الجزاء في يوم الدين يقع على غير المغفور لهم من المسلمين قبل أن يؤذن فيهم بالشفاعة وعلى عذاب أكبر منه يقع على الكفار والمنافقين كما في قوله :
ـ ﴿ ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون ﴾ الأنعام
ـ ﴿ والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ﴾ يونس
ـ ﴿ ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون ﴾ النمل
وإنما تقع هذه السيئات على قسم آخر من المعاصي والخطايا أكبر وأخطر استوجب أصحابه أن تكبّ وجوههم في النار ويخلدون فيها ، ولا يخلد المؤمنون في النار ، وإنما تكب وجوه المجرمين في جهنم لتكذيبهم بالآيات الخارقة للتخويف والقضاء مع الرسل بها ، ذلك التكذيب هو السيئة يكرهها وتسوء في الدنيا حملة العرش ومن حوله والملائكة والمؤمنين من الإنس والجن وغير الثقلين ، وتسوء في يوم القيامة العالمين بما تعني من غضب الهي غضبا يشفقون منه أجمعون .
وحري بالعقلاء أن يكرهوا تلك السيئات أكثر من كشف السوئات ، اتقاء منهم غضب الله وعذابه .
مرتقى أهل القرآن العظيم - المشرف العام الحسن محمد ماديك • مشاهدة الموضوع - السيئة في معجم معاني كلمات القرآن