منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: زقاق النواعير

العرض المتطور

  1. #1

    زقاق النواعير




    كان طريقاً قصيراً.
    بيد أن له في نفسي امتداداً يسع النجوم والأفلاك جميعها.
    منه طريق يصله بثانويتنا التي قضينا بها دلاء العمر المسكوبة في قوارير السحر، وزقاق ممتد على مساحة ليست بالقليلة فيه بوابة خلفية لجامع الشيخ محيي الدين بن عربي ، تقابلها مساحة مكشوفة تمتد بعين الناظر إلى وسط دمشق، فإذا سكن الليل برزت منها المدينة الرقيقة غادةًَ ليلية تغازل حصان الشاعرية المجنح العابر فوق أضوائها القاذفة في الصدر من الأثر ما لا يملك أكثر الخلق الغبانة عنه بالكلمات.
    كان الشتاء إذا ما حل على الزقاق تلبدت سماؤه بغيوم ملكية لا كالغيوم، كت أصيخ لها السمع فيهلّ علي صدى ترنيمة شرقية مقدسة، وتختلط مراهقتي الجبرانية بأيام عبوري للزقاق جيئة وذهاباً مرات في اليوم، فتصنع أسراً من الشعور تكاد تتمزق منه ذاتي تدفقاً.
    وفي صيفه، إذا ما امتلأت الشوارع بالسائرين ليلاً، كان لي معه ألف حكاية وحكاية عند ذلك السياج الحديدي الذي تنكشف منه دمشق عارية القلب، ألف حكاية من أشواق ذاتي التي طالما بثثتها عند ذاك الموقف لليل الحبيب، فكم سمعته يناجيني ويهدئ من روعي ويلهمني الكثير والكثير.
    ألف حكاية لي من الزقاق، مع رفاقنا الذين كانوا صحبتنا عند العودة من المدرسة عابرين إياه، مختصمين تارة ومصطلحين طوراً، مجتمعين حيناً ومفترقين آخر، حتى كان آخر عهد اجتماعنا به أن عبرناه لنقدم امتحان شهادة الثانوية العامة التي أسلمتنا من بعد إلى الجامعة.
    ولفيروز حكاية مع الزقاق أيضاً، حكاية مع أغنيتها (طريق النحل) التي كنت أحسبها ما غنتها إلا له، لما من تطابق بين وصفها لذاك الطريق وبين حال الزقاق في نفسي، وإن كان ما سميته نحلاً من زنابير ملتئمة عند نهاية الزقاق لا يشابه بحال نحل فيروز الذي قصدته.
    لكنْ... بعد لأي حُفرت أجزاء من الزقاق، وراحت آلات كرؤوس الشياطين تهوي بالأبنية الحجرية بنات مئات السنين لتقيم مكانها شاهقات إسمنتية توحي بالحاضر وما ينوء به، ومن طريقنا الذي كان يتسع لنا ونحن أربعة و خمسة بات مؤخر الزقاق معبراً صغيراً لا يستقيم لشخص واحد، وغاب الرفاق الذين كان الطريق يضمهم غدوة وروحة ساعين كل إلى وجهته، فلم يدع لنا دهرنا من أيامنا تلك غير أشتات ذكريات وبعثرات من أغاني فيروز ولا سيما طريق النحل.
    أفهذا قدرنا؟؟؟ أن يغادرنا من نحب دوماً عند مفترقات الطرق، وأن تؤول أجمل أيان العمر هباء منثوراً لا حياة له إلا في قلوب راعي الود وأصحاب القلوب الحية، وأن تُعفي الأيدي الحجرية الفاقدة كل شعور منازل ذكرياتنا ومواطن ألقنا فلا تهتز، لتتبدد اللحظات الحلوة وتمسي خيالاً سحرياً كصباح ربيعي لا يستشعره إلا أصحاب الأنفس الحساسة.
    وعسى أن لا يكون أولئك قليلاً.







    الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ
    إمام الأدب العربي مصطفى صادق الرافعي

  2. #2
    نص رقيق الحاشية مليء لاطراف بما لم يحكيه النص بعد...
    سررت بالمرور من هنا ورمضان كريم.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    الأديب راتب النفاخ المحترم اقدم لكم أسمى تقدير ,أجمل أحترام
    كل عام وأنت بخير
    صدقني وأنا رجل جوال في منتديات ألأدب والفكر أستمتع بتدلي أغصاب الزيزفون او أشجار الآس المدلى تطيرنا مع متك ورد الياسمين نشم نسيم الأدب والكلمات
    وجدت موضوعكم قد تناولته يد الأدباء في وقت واحد وكأنني اصدقاء الصبا وابناء الحارة الواحده
    شباب الزمن الجميل الفيروزي العاشق وهم يتناقلون الذكرى وألوان عشقهم ولكن باسلوب مختلف لن أجعل الموضوع عاطفيا لكنها الصورة التي وجدها اليوم وأنتم
    ترسمون صورة تجريده لحلم لم ينتهي يعيش عشقه في أفسكم وأقلامكم أنتم أدباب الحب والذكرى الجميله
    اقول أن اصدقائك يذكرونك وهم معكم يردوون طريق النحل .بكرة لم يرجعوا الخياله ,كان عنده طاحونه
    وأنا أتذكر الحلم عندما كان أخي الأكبر حسن يقود دراجته الهوائيه يصحبني معه الى المدرسه وهو يحمل كما كنا نسميه مسجل ومجموعه من أغاني فيروز
    نردد شادي ..هيك مش الأموره ..مش فارقه معاي

    أهدائي اليكم



    http://www.sm3na.com/audio/8e81b8dea8cc
    ليس بدعا أن يكتب الشعر حرّ** قد أرته الأيام نار لظاها
    وأطاحت به صريع الأماني**يمضغ العود كي يبل صداه
    شاعر عارك الحياة بعزم ** كي ينال العلا فنال رداها
    ****
    قد أذاع الأثير آهات نفس ** داميات مجرحات الهموم
    لم يكن طبعها نسيما صبوحا**أنما شواظ قلب كليم
    قد شدى باسما بوجه المآسي **ذائدا عن حياضه كالغريمِ
    لم تمت جذوة الحياة بنفس**كمنت ذاتها بسر عظيمِ

    يعقوب الحمداني

  4. #4
    شكر للذاكره الحلوه
    ليس بدعا أن يكتب الشعر حرّ** قد أرته الأيام نار لظاها
    وأطاحت به صريع الأماني**يمضغ العود كي يبل صداه
    شاعر عارك الحياة بعزم ** كي ينال العلا فنال رداها
    ****
    قد أذاع الأثير آهات نفس ** داميات مجرحات الهموم
    لم يكن طبعها نسيما صبوحا**أنما شواظ قلب كليم
    قد شدى باسما بوجه المآسي **ذائدا عن حياضه كالغريمِ
    لم تمت جذوة الحياة بنفس**كمنت ذاتها بسر عظيمِ

    يعقوب الحمداني

  5. #5
    أستاذي الحمداني الغالي
    ما أقول بعد كل هذا؟
    ما تركت لدي مجالاً للقول
    بارك الله فيكم
    شكراً من القلب
    الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ
    إمام الأدب العربي مصطفى صادق الرافعي

  6. #6
    شكر لكم تقبل أحترامي
    ليس بدعا أن يكتب الشعر حرّ** قد أرته الأيام نار لظاها
    وأطاحت به صريع الأماني**يمضغ العود كي يبل صداه
    شاعر عارك الحياة بعزم ** كي ينال العلا فنال رداها
    ****
    قد أذاع الأثير آهات نفس ** داميات مجرحات الهموم
    لم يكن طبعها نسيما صبوحا**أنما شواظ قلب كليم
    قد شدى باسما بوجه المآسي **ذائدا عن حياضه كالغريمِ
    لم تمت جذوة الحياة بنفس**كمنت ذاتها بسر عظيمِ

    يعقوب الحمداني

المواضيع المتشابهه

  1. حوار/مناظرة/جدال/مراء/شقاق
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان التصويب
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-18-2014, 06:44 PM
  2. المرأة في زقاق المدق حميدة نموذجا
    بواسطة سمير الشريف في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-16-2012, 07:58 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •