حمام دم في مقصف كلية الهندسة اليوم...بقلم آرا سوفاليان
هذه ليست ظروف دراسة ولا امتحانات ولن يطلب اعداء بلدنا اغلاق المدارس أو الجامعات هم سعداء جداً بما يحدث لنا ويتمنون ان لا يبقى في سوريا طالب أو معلم على قيد الحياة، وأن يلحقهم كل السوريين من الشرق الى الغرب الى الشمال والى الجنوب لأن هذا سيسعدهم، هم الان في بستان الزيتون فرحون مسرورون يرقصون بالمناديل الملونة الموشحة بنجمة داوود، يحتفلون بمناسبة ذكرى صلب المسيح وبمناسبة مرور عامين على البدء بصلب الشعب السوري كله، يجب تعطيل المدارس والجامعات فإنه يتم استنفاد بذور المستقبل، يجب تعطيل الجامعات والمدارس رحمة بالفلاح الذي سيفلح الارض في المواسم القادمة ويضع يده في المخلاة فلا يجد بذور.
اليوم كانوا هناك بضحكاتهم وهرجهم ومرجهم وآمال أهاليهم وما يتمنون، اسمع أصواتهم تداعب مخيلتي، اليوم كانوا هناك تنبض ملامحهم بالبهجة والحياة، اليوم كانوا هناك في جنتهم وما يعشقون، اليوم كانوا هناك مع من يحبون، اليوم كانوا هناك كأغصان الزيتون وكزهر الليمون، اليوم كانوا هناك وفي مخيلتهم أحلام وردية، وورود حمراء وزهرية، وتناثرت أشلاؤهم في كل مكان ولم تتح لهم الفرصة لكلمة وداع ولا لنظرة مفارق، كانت تنسج أكفانهم في الخفاء وهم لا يعلمون.
آه يا بلدي... التي تحولت بأيدي الرعاع الى غابة مجانين...آه يا بلدي التي ضاعت بعد أن أضاع أهلوها الحكمة والتروي وكل الموازين...آه يا بلدي على ضياع الأمن والأمان والأمانة، آه يا بلدي على ضياع كل شيء.
الموت يعصف في كل الشوارع وفي كل الأزقة وفي كل مكان...أم تقع في الطريق وطفلها يمسك بيدها ينتظر ان تنهض ليتابعا المسير ولكنها لم تنهض ولن تنهض ويبقى ممسكاً بيدها لا يريد ان يتخلى عن بقية الأمل هو يعتقد أنها نائمة ولا يعرف انها الوحيدة الصاحية وكل الامة التي تتبع لها نائمة...كل العالم بألف خير ورمانا بألف شر؟
خمسة عشر شهيد وكفن وجنازة، وخمسة عشرة خسارة فادحة، وخمسة عشراسرة في الحداد، والحداد يتلو الحداد حتى غرق الوطن كله في الحداد، سنحمل بعضنا الى المدافن، وفد مدين ووفد دائن الأول ذاهب والثاني عائد، وسيهنئ عدونا فلا حرب ولا تهديد ولا عدوان، بل اجازة طويلة واستراحة أطول وأحلام، وجنات ونوم في العسل و الورد وارضك يا اسرائيل من الفرات الى النيل.
هناك تركوا اكواب الشاي على الطاولات ودماؤهم مسفوحة في كل مكان وأعينهم صاحية لم تغمض، وكتبهم ودفاترهم وجهدهم كله صار هباءً منثوراً، أحلامنا كلها تضيع وتذهب أدراج الرياح، من كان يتوقع أن يحدث لنا ما حدث؟ ومن هو الرابح في النهاية ومن هو المهزوم، قايين استفاق بعد فعلته ليكتشف انه قتل أخاه...توقفوا نحن نقتل اخوتنا، توقفوا أنتم تقتلون إخوتكم، توقفوا الأن فلقد أدينا خدمة لإسرائيل لم تكن لتحلم بها وأديناها بالمجان ودفعنا فيها مالنا وحلالنا ومستقبلنا ودماء ابنائنا، توقفوا فإن التاريخ لا يرحم، توقفوا فلقد بتنا نتحسر على الايام الخوالي، لقد أضعنا بجهلنا ابناؤنا والاوطان.
آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الارمني
الخميس 28 03 2013
arasouvalian@gmail.com