الطرب عند أم كلثوم . . .
كانت آلات الموسيقا تتخاطب وتتحاكى ، إذ بعد أن يهدأ الجمهور عند نهاية مقطع غنائي ، يخرج ( القانون ) بلحن ناطق يتساءلْ ، فيجيبه ( البزق ) بصفير هادئ يتمايلْ ، فيرد عليهما ( الناي ) بأنين أبلغ من الكلامْ ، فيعيد إليهما الصمت والانسجامْ ، وترى الجمهور لذلك قد طرِب أيِّما طربْ ، وانتصر عليه الشوقُ وغلبْ ، واختلطت عليهم الأماني ، بما سمعوه من تلك المعاني .
هل نسينا ذلك الطرب العربي الأصيل ؟ وهل غَدَونا حقاً نعبِّر عن إحساسنا بالطرب بعمليات الرقص الجماعي في المدرجات والوقوف والتصفير والهرج والمرج والوقوف على الكراسي للقيام بعملية الصياح بصوت عالٍ غير عابئين بمبادئ الأخلاق الرفيعة ولا مكترثين بالصفات السلوكية الحميدة . . .
لقد أخفق إنسان اليوم عندما ترك المبادىء الطبيعية وراح يبحث عن القواعد الوضعية فتاهَ وضاع ؛ واستورد آلاتٍ ابتعدت به عن الطرب الأصيل ، وأقحمته في فنون لا تلائم مجتمعه ، وإذا كان البعض يصر على أنه يشعر بالطرب عند الاستماع إلى فن كهذا ، فما ذاك إلا لأنه لم يذقْ يوماً طعم { الطرب الأصيل } .
واأسفاه اليوم على كلامٍ باهتٍ شحيحْ ، وموسيقا أشبه بالفحيحْ ، ومطربٍ صوتُهُ قبيح .
( هذه مقاطع من محاضرتي القادمة . . . والتي عنوانها ــ الطرب الأصيل والطرب الدخيل ) .
وسيتم تحديد مكانها وزمانها في وقت قادم .
أغنية ( أنت عمري ) :
إن رؤيتي لعينيك قد أعادتني إلى أيامي الجميلة التي رحلت . . . وعلمتني كيف أندم على أنني لم أستغل ذلك الماضي وأتمتع به . . .
إن الذي رأيته قبل أن أراك لاقيمة له أبداً . . . لذلك فقد كان عمري قبلك ضائعاً . . .