حوار الاربعاء
أمين الخياط
عزفتُ أمام أم كلثوم وأنا طالب في المعهدالتلفزيون السوري يلغي مطربيه من معظم برامجه
الموسيقا الهابطة لا تحتاج إلى بحث ودراسة
لُقّبتُ بسفير ألحان الشرق
حقق نجومية كبيرة، كان من الصعب على الموسيقي أن يحققها في سورية والوطن العربي في فترة من الفترات، إلا أن نصف قرن من العطاء والتميز في مجال الموسيقا والألحان وقيادة الفرق الموسيقية التي رافقت أهم المطربين السوريين والعرب (وديع الصافي-نصري شمس الدين-صباح-نور الهدى-محمد رشدي) كانت كفيلة لتجعل منه اسماً لامعاً في عالم الموسيقا، فمن منا لا يذكره بجلسته الشهيرة أمام آلة القانون وهي الآلة التي رافقته كظلّه وكانت جواز سفر له للتجوال في أوربا والعزف مع أهم العازفين العالميين..
إنه الموسيقي أمين الخياط الذي التقته “البعث” وأجرت معه الحوار التالي :
< مسيرة طويلة وناجحة في عالم الموسيقا، فماذا من ذكريات البدايات؟
<< كان والدي لحسن الحظ موظفاً في إذاعة دمشق، ولموهبته الكبيرة في العزف على الإيقاع كانت فرقة الإذاعة تستعين به أحياناً في حال غياب عازفها الرئيسي، ولأن والدي أيضاً كان يمتلك صوتاً جميلاً وبحكم صداقته مع معظم الفنانين تعددت السهرات الفنية التي كانت تقام في بيتنا الذي اجتمع فيه فنانون كبار (حليم الرومي-رفيق شكري-نجيب السراج-سلامة الأغواني-ماري جبران-محمد عبد الكريم-عدنان قريش) لذلك تعودت أذني على سماع ما هو قيّم بعد أن أتقنتُ العزف على الإيقاع بتشجيع من والدي .
< أنت من الموسيقيين الأوائل الذين درسوا الموسيقا دراسة أكاديمية وفي مرحلة مبكرة من حياتنا الفنية .
<< هذا صحيح، فأنا درستُ لمدة أربع سنوات في المعهد الموسيقي الشرقي الذي تأسس في العام 1949 وكان تابعاً لوزارة التعليم، ومع أنني كنتُ أميل إلى آلة البيانو إلا أن والدي أصرّ أن أتعلم على آلة القانون باعتبارها آلة قيادية في الموسيقا العربية، ولتفوقي في جميع المراحل الدراسية وقع اختيار إدارة المعهد عليّ -وكنتُ وقتها في سنتي الأخيرة- للعزف أمام أم كلثوم في حفل أقامه فخري البارودي على شرفها، حين حضرت إلى دمشق، ورغم خوفي الكبير وشعوري أنني أمام امتحان عظيم عزفتُ بكل ما أملك من طاقة فأُعجبت لعزفي وأثنت عليّ وهي نادراً ما كانت تفعل ذلك إلا أن سعادتي كانت لا توصف وأنا أرى إعجابها بي كعازف .
< والفضل في إتقانك العزف على آلة القانون لمن يعود؟
<< يعود الفضل إلى ميشيل عوض الذي تدربتُ على يديه وأهّلني فيما بعد إلى أن أحل محل أستاذي أستاذ القانون في المعهد محمد العقاد حين اضطر للسفر، لأقود إحدى حفلات نجاة الصغيرة والتي ما إن علمت بذلك حتى وافقت بصعوبة وقد استبعدت من شاب صغير أن ينجح في مهمته، ولكن تبدد خوفها وتقدمت مني في نهاية الحفل لتهنئني وتعبّر عن إعجابها بعزفي .
< كيف تنظر إلى تجربة المعهد العالي للموسيقا؟
<< المؤسف أن معظم خريجي المعهد يفتقدون الحضور الشخصي، ومن تجربتي في فرقة الفجر الموسيقية أشير إلى أن كثيراً من خرّيجي المعهد حاولوا الانضمام إلينا ولم يفلحوا في ذلك بعد أن اكتشفتُ أن أصابعهم في الموسيقا الشرقية محنّطة ويفتقدون البراعة، لذلك أذكر أنه حينما كانت هناك فكرة لإنشاء فرقة موسيقية تابعة لدار الأوبرا اقترحتُ على مدير الدار قبل كل شيء إحضار أستاذ متخصص بالعزف الشرقي لتدريب أعضائها .
< ألا يحزنك أن المعهد العالي للموسيقا يعتمد اعتماداً أساسياً في منهاجه على تدريس الموسيقا الغربية بدلاً من الشرقية؟
<< هذا شيء محزن وغريب لأنه لا بد من الاهتمام بالموسيقا الشرقية، ويبرر القائمون على المعهد ذلك بعدم وجود مناهج في هذا المجال، وإن بدا هذا التبرير غير مقنع .
< تعاني سورية من قلّة الفرق الموسيقية، فما إن تتشكل فرقة سرعان ما تنحل في وقت قريب، فما هي الأسباب برأيك؟
<< هذا وضع طبيعي لأننا نفتقد إلى المناخ الصحي، فلكي تستمر هذه الفرق يجب أن يكون هناك سوق للعمل (حفلات، برامج تلفزيونية) وهذا كله غير موجود حالياً
< كيف تفسّر استمرار ونجاح فرقة الفجر الموسيقية التي أسستها و ذاع صيتها في أرجاء الوطن العربي؟
<< بعد عودتي من أوروبا وفي العام 1963 حاولتُ تأسيس فرقة الفجر الموسيقية، والمفاجأة أن أغلب المحترفين رفضوا الانضمام إليها، فلجأتُ لزملاء المعهد وبعض الموهوبين، وبفضل تدريباتنا المستمرة استطاعت الفرقة وفي فترة قصيرة أن تترك بصمتها في برامج المنوعات التي كانت تشارك فيها، وقد كنا نقدم من 3 إلى 4 مشارَكات أسبوعياً على الهواء، فذاع صيت هذه الفرقة لدرجة أن معظم المطربين الذين كانوا يتوجهون لدمشق يشترطون أن ترافقهم، وبكل فخر أقول إن هذه الفرقة خرّجت أسماء مهمة في مجال قيادة الفرق الموسيقية مثل صبحي جارور-أسعد خوري-هادي بقدونس.. وأجزم أن نجاح الفرقة كان سببه أنها ومنذ البداية كانت لها أهدافها التي لم تحد عنها، وأولها الإصرار على تقديم الفن النظيف واستقطاب العازفين الجيدين، إلى جانب عدم استهتارنا بجهود أعضائها من خلال إعطائهم حقهم كاملاً .
< عاصرتَ معظم الفنانين العرب ومن مختلف الأجيال، فماذا تحمل من ذكريات جمعتك بهم؟
<< غنى وديع الصافي منذ عشر سنوات في إحدى الحفلات ونجح نجاحاً منقطع النظير، فوقف الجمهور في نهاية الحفل وصفّق طويلاً له، وعندما انتهى التصفيق أهدى وديع الصافي هذا التصفيق الحاد إليّ لأن الفرقة برأيه التي كنتُ أقودها كانت شريكاً حقيقياً في النجاح الذي حققه، وأذكر كذلك أنني سجلتُ قصيدة “أشواق” للمطربة ميادة الحناوي وألحان رياض السنباطي دون حضوره، ورغم ذلك نفذتُ هذه الأغنية موسيقياً بعقليته، وعندما سمعها عبّر عن شكره وامتنانه الكبير لي لأنني نفذتُها كما لو أنه كان موجوداً، وهذه شهادة أعتز بها، لذلك أؤكد على أن الموسيقي يجب أن يحب ما بين يديه أولاً ويدرسه جيداً ثانياً، فأنا مثلاً عندما وضعتُ لحن السنباطي في يدي فكرتُ موسيقياً بعقلية هذا الملحن (ماذا يحب وماذا يكره) لذلك كانت النتيجة أغنية جميلة جداً تعدّ من الثروات الوطنية
< شاركتَ مؤخراً في مهرجان الأغنية العربية الذي أقيم في المغرب.. ماذا يمكن أن تحدثنا عن هذه المشاركة وأهميتها؟
<< دعتني نقابة المهن الموسيقية في الدار البيضاء لأكون عضو لجنة تحكيم في المهرجان، وهناك رفَضَ إخواننا المغاربة إلا أن أكون رئيساً للّجنة تقديراً لتاريخي واسمي –كما قالوا- مع العلم أن أعضاء اللجنة كانوا جميعهم من الأساتذة الكبار، وقد كنتُ سعيداً بوجود الفنان السوري خلدون حناوي الذي رشّحته الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون للمشاركة في مسابقة المهرجان، وقد نافس بقوة وحقق حضوراً متميزاً، إلى أن حصل على الجائزة الأولى مناصفةً مع فنانة مغربية، كما حلّت الفنانة السورية كنانة القصير ضيفة شرف على فعاليات المهرجان وحققت حضوراً لافتاً للانتباه، خاصة وأنها أدّت أغانٍ شعبية سورية من الساحل، وقد تفاعل معها الجمهور بشكل لا يُصدَّق جعل الملحنين الكبار يتهافتون عليها، لذلك عدتُ وأنا سعيد وفخور جداً بما نملك من إمكانيات، والمؤسف أن المطرب السوري، بما يتمتع به من إمكانيات متميزة، مهمَل في بلده، فنحن ما زلنا عاجزين عن تسويقه، ونفتقد للبرامج التي يمكن أن تكون إحدى النوافذ التي يمكن أن يطل من خلالها على الجمهور.. إن المطرب السوري أينما يحل يبدع ويتألق، في حين أن لا أحد يشعر بوجوده داخل وطنه .
< كيف تفسّر توقف مهرجان الأغنية السورية الذي كنتَ مديراً له لعدة دورات؟
<< أشير إلى أنني ما زلتُ أسمّى حتى الآن مديراً لمهرجان الأغنية السورية رغم توقفه منذ أربع سنوات، وعندما كُلِّفتُ بإدارته في المرة الأخيرة طالبتُ بضرورة تطويره بعد أن شعرتُ أنه تحوّل إلى حفل منوعات عادي، لذلك رفضتُ الاستمرار به بهذا الشكل، وكانت فكرتي تقوم على إعداد برنامج تلفزيوني قبل موعد المهرجان بستة أشهر على شاكلة برنامج “سوبر ستار” بحيث نقدم فيه الأصوات الجميلة المختارة من جميع المحافظات لاختيار الأفضل بعد ذلك للمشاركة في مهرجان الأغنية السورية، ومن ثم اختيار الثلاثة الأوائل، مع التأكيد على ضرورة أن يكون البرنامج بمستوى فني عالٍ من حيث الديكورات والتجهيزات بهدف صنع مادة تغري المُشاهِد وتقنعه بالمتابعة، وقد اجتمعت اللجنة العليا وأقرت كل التفاصيل المتعلقة به إلى أن وصلنا إلى مشكلة الميزانية حيث طُلِب مني شخصياً تأمين سبونسر في الوقت الذي كنتُ فيه مديراً للمهرجان وليس من مهمتي فعل ذلك، ومع هذا سعيتُ وحاولتُ وقد اكتشفتُ أن الفن هو آخر الاهتمامات، وعندما وصلتُ إلى طريق مسدود قدمتُ كتاباً إلى وزير الإعلام آنذاك طلبتُ فيه إعفائي من منصب مدير المهرجان لأن الإدارة في المؤسسة العربية للإعلان لم تتعاون معي وتؤمن “سبونسر”.. ومنذ ذلك الحين وحتى الآن لم يأتِني قبول استقالتي ولم يتم تكليف أحد غيري، وهكذا بقيت الأمور عائمة، ومع هذا أرى وعلى الرغم من ضعف دورات المهرجان، إلا أننا يجب أن نقرّ أن المهرجان كان حالة إيجابية انطلقت من خلاله مجموعة من الأصوات والأغاني، لذلك كان من الضروري أن يستمر، والمؤسف أن ما ساهم في إضعاف حضور هذا المهرجان أنه لم يحظَ بالاهتمام الإعلامي والإعلاني بالشكل المطلوب.
< كيف ترى واقع المطرب السوري الذي يبدو بعيداً اليوم عن حلبة المنافسة في الساحة الغنائية؟
<< أكثر ما يحز في النفس أن مطربنا السوري الذي يمتلك كل الإمكانيات والتي قد يتفوق بها على أقرانه لا يوجد من يأخذ بيده، وهو إن لم يذهب إلى القاهرة أو بيروت فلا أحد يسمع به، والأغرب أن التلفزيون السوري يلغي مطربيه من معظم برامجه .
< ولكن هناك من يشكك بوجود مواهب غنائية هامة في سورية
<< لدينا مواهب هائلة، ولكننا نفتقد إلى البرامج المنوعة الشبيهة بتلك البرامج التي كانت في فترة الستينيات والسبعينيات والتي كانت تعد جواز سفر لكل المواهب، فمن خلالها كان الفنانون يطلّون على الجمهور، والغريب أن هذه البرامج اختفت اليوم ولم يعد لها أثر .
< لا بد من وجود أسباب لغياب هذه البرامج التي تتحدث عنها، فما هي بتقديرك؟
<< السبب يعود بالدرجة الأولى إلى كونها برامج مكلفة جداً .
< نعتب ونلوم الفنانين الذين يتجهون إلى مصر ولبنان، فهل عتبنا في مكانه برأيك؟
<< لو أن هؤلاء وجدوا الحضن الدافئ في بلدهم لما فعلوا ذلك، ومن بقي فإنه يعاني الويلات من التلفزيون السوري لتسجيل أغنياته، ومن مؤسسة الإعلان التي يدفع لها مبلغاً يُقدَّر بستين ألفاً لإذاعة إحدى أغنياته عدة مرات في الشهر .
< نعيب أحياناً على الفنان عمله في الملاهي والأماكن الخاصة، فما الذي يجبر الفنان على التواجد في هذه الأمكنة؟
<< منذ أن دخلتُ عالم الموسيقا لم أعمل في يوم من الأيام في الملاهي، والسبب أنني كنتُ مكتفياً مادياً نتيجة عملي في التلفزيون الذي يغنيني عن العمل في هذه الأمكنة، وقد عشتُ حياة محترمة وكريمة من خلال موردي الذي كان التلفزيون مصدره، ولولا ذلك لاضطررتُ لأن أعمل في الملاهي، أما اليوم ماذا نطلب من الفنانين الكثيرين الذين يجلسون في بيوتهم دون عمل؟ وهل نعتب عليهم لأنهم يركضون وراء العمل في الملاهي؟ بالتأكيد لا، حيث لم يبقَ أمام المغني السوري إلا الملاهي مكاناً مفتوحاً له بعد أن سدّت كل الطرق، ولهذا لم أحاول تعليم أولادي الموسيقا لأنني كنت أخشى ألا يبقى لهم مكان سوى الملاهي
< عاصرتَ أجيالاً فنية متعددة، سوريّة وعربية، فما أبرز ما يميز المطرب السوري بشكل عام؟
<< السوريون لا يمكن أن يقدموا على أمر ما إلا وهم واثقون من إمكانياتهم ومدى إتقانهم له، فإذا كان مطرب مثلاً يحاول أن يثقف نفسه موسيقياً ويسعى لأن يكون دقيقاً في اختياراته فلا يقدم نفسه بشكل رخيص، لذلك يقابَل بالاحترام والتقدير أينما حلّ
<وبين مطرب اليوم ومطرب الأمس ما الذي اختلف؟
<<بشكل عام أصبح الجيل الحالي مستعجلاً أكثر، وقد يبدو هذا الوضع أمراً طبيعياً لأنه مرتبط بالمتغيرات السريعة التي تطرأ على مجتمعاتنا، ولكن ورغم كل ما يقال عن الجيل الحالي من الجمهور إلا أنني أفاجأ دائماً بوجود جمهور شاب ما زال يستمع إلى عبد الحليم حافظ وأم كلثوم ويحضر حفلات صباح فخري
< نسمع كثيراً عن دائرة الموسيقا في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون دون أن يكون لها حضور على صعيد الأغنية، فلماذا؟
<< تعد هذه الدائرة من أقدم الدوائر في الهيئة، وهي ما زالت موجودة ولديها الحضور الخاص بها، ولكنها تفتقد إلى الميزانية وإلى البرامج، وبالتالي فهي جهة منفذة للنصوص التي تأتيها، والمؤسف أنه عندما نطلب من مدير الإذاعة تصوير الأغاني الناجحة التي تنفذها هذه الدائرة يؤكد أنه لا يملك أية سلطة على التلفزيون لفعل ذلك.
< تبدو الموسيقا العربية حتى الآن في نظر الكثيرين غير قادرة على التطور، فهل هذا صحيح؟
<< تعاني الموسيقا العربية حالياً من ركود شبيه بالركود الذي نعاني منه في كل المجالات، وهذا أمر طبيعي، ففي كل الأزمنة مرّت الشعوب بمراحل ازدهار وأخرى انحدار، وبالتالي فبعد فترة السبعينيات والثمانينيات المزدهرة في سورية أصبح هناك ركود ما زلنا نعاني منه حتى الآن، وقد انعكس على الفن والموسيقا والغناء .
< وتُتهَم الموسيقا العربيةأيضاً بأنها عجزت عن إيجاد مبدعين يستطيعون كسر واختراق ما هو سائد فيها.
<< أعتقد أن هذا الموضوع ما زال مثار جدل وحوار طويلين : ماذا نعني بالخلق؟ وماذا نعني بكسر ما هو سائد؟ هل يعني ذلك أن أقدم أعمالاً سيمفونية مثلما يفعل الغرب.. أعتقد لا، وأرى أن هذا بحث آخر قابل للنقاش كثيراً، لذلك أرى أن المشكلة بالأساس تعود لطبيعة موسيقانا وغنائنا الذي يعتمد على الشجن
< ولماذا لم تتحول الموسيقا العربية حتى الآن إلى قالب تأليفي برأيك؟
<< لأن المتلقي العربي يهتم بالكلمة أكثر من اللحن، في حين أن الموسيقا في الغرب لها حيزها الكبير لأن الشعوب هناك تستمع إلى الموسيقا أكثر.
< كيف يمكن تحديد ماهيّة الموسيقا الهابطة التي دعا البعض لضرورة دراستها لمحاولة معرفة سرّ إقبال البعض عليها؟
<< الموسيقا الهابطة لا تحتاج إلى بحث ودراسة لأن كل أغنية هابطة مؤلفة فقط من صوتين أو ثلاثة، فلا يوجد فيها جهد، ونجاحها قائم بالدرجة الأولى على الكلام السيء المنحط والتعرّي في الفيديو كليب، وهي نوعية من الأغاني تشد انتباه الشباب والمراهقين .
< استبيح العديد من الأعمال الغنائية والموسيقية بحجة إعادة توزيعها، فما رأيك بما يحدث على هذا الصعيد؟
<< معظم ما يُقدَّم تحت اسم توزيع غير صحيح، فليس لدينا توزيع عالمي، وما هو موجود في السوق كله كذب ونفاق، خاصة وأن التوزيع مهمة صعبة جداً، وهي عبارة عن إضافة ألحان أخرى على اللحن الأساسي بحيث تسير معه بشكل متوازٍ، وهذا ما هو نادر الحدوث في ساحتنا الفنية لأن أنصاف الموزعين حالياً لا يقدمون تحت اسم التوزيع وإعادة التوزيع سوى بعض الزينة للموسيقا، والحقيقة أن التوزيع عالم قائم بحد ذاته، وفي معاهد العالم يدرس الطالب ست سنوات عزف ونحو من 7 إلى 8 سنوات توزيع، وهذا مؤشر إلى أهمية وصعوبة هذه المهنة
< كيف تجد واقع الموسيقا التصويرية مع التطور الكبير الذي شهدته الدراما السورية؟
<< كان المخرجون في بدايات الدراما السورية يعتمدون في الموسيقا التصويرية على الموسيقا الكلاسيكية الأوروبية، وعندما بدأتُ العمل اتفقتُ مع المخرج جميل ولاية على صنع موسيقا محلية للأعمال الدرامية السورية، وقد نجحنا في ذلك كثيراً، وكان المخرج آنذاك يعطي النص للمؤلف الموسيقي لقراءته ومن ثم صنع موسيقا تصويرية مناسبة لها، وكانت هذه المهمة صعبة جداً لأن عمل موسيقا تصويرية كان يحتاج إلى وجود أوركسترا كاملة لتقوم بالعزف، وهذا أمر مكلف جداً، والغريب اليوم أنه مع كل الاهتمام بالدراما التلفزيونية لا يفعلون ذلك، وغالباً ما يعتمد القائمون على الأعمال على عازف أورغ يطلبون منه مجرد تقطيع للمسلسل حتى دون أن يكون مطّلعاً على المقولة الدرامية للعمل، وهذا خطأ فادح لأن الموسيقا التصويرية هي إضافة ثانية للنص الأساسي .
< ما رأيك بالأغنية الشعبية التي تحولت إلى ظاهرة حالياً؟
<< هي نموذج من النماذج الغنائية الموجودة في سورية، وقد احتلت اليوم مكانة هامة في ساحتنا الغنائية، على الرغم من أن فنانين كباراً مثل معن دندشي وياسين محمود قدموها في فترة الخمسينيات والستينيات، وميزة هذه الأغاني أنها نابعة من الأرض والبيئة، لهذا لها جمهور واسع، وهي وإن تحولت إلى ظاهرة إلا أن هناك جزءاً منها يصب في المعنى الحقيقي للأغنية الشعبية، وفي المقابل هناك دخلاء حاولوا تقليد من نجحوا في ذلك من خلال أغانٍ تعتمد الجمل المكررة والكلام التافه بحجة أنها شعبية .
< تردد في الآونة الأخيرة التحضير لبرنامج شبيه بـ “سوبر ستار” وبفكرتك التي كنتَ قد طرحتَها منذ سنوات عديدة في مهرجان الأغنية السورية، فهل ستكون أحد المسؤولين عنه؟
<< عُرضت عليّ المشاركة في هذا البرنامج من خلال لجنة التحكيم، وقد اعتذرتُ لانشغالي، ومع هذا أرى أن نجاح مثل هذا البرنامج يتوقف على سويته العالية جداً من خلال لجنة تحكيم مختارة بعناية، إضافة إلى ضرورة أن يكون هذا البرنامج تحت إدارة موسيقي خبير .
< أمضيتَ سنوات طويلة خارج القطر وتنقّلت في عدة دول أوروبية، ماالذي أغراك في ذلك .
<< عندما صدر قرار تعييني في وزارة الثقافة بصفة عازف قانون انهالت عليّ العروض للعمل في العالم العربي والأوروبي، وقد اعتذرتُ عنها إلى أن أتاني عرض مغرٍ جداً للتجوال في أوروبا (إيطاليا-ألمانيا-تركيا-اليونان-إسبانيا-البرتغال-فرنسا) فقدمتُ استقالتي رغبة مني في اكتشاف عوالم الموسيقا الغربية، فعملتُ مع أشهر العازفين في العالم الذين سمعوا ألحاني وحفظوها وعزفوها أيضاً، فلُقبتُ بسفير ألحان الشرق، وبعد نحو سنتين ونصف عدتُ لبلدي .
حوار : أمينة عباس
بطاقة
< رئيس سابق لدائرة الموسيقا في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون .
< مستشار لشؤون الموسيقا في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون .
< أنجز العديد من الأعمال الموسيقية للمسرح القومي كعرس الدم للوركا .*أحد مؤسسي نقابة الفنانين .
< أسس شركة إنتاج سينمائي (دمشق للسينما) وكان أول إنتاج لها فيلم خياط للسيدات بطولة دريد ونهاد .
< عضو لجنة تحكيم العديد من المهرجانات العربية .
< مدير مهرجان الأغنية السورية لعدة دورات .
< غنّت ألحانه العديد من الأصوات السورية والعربية
http://www.albaath.news.sy/user/?id=840&a=76190