حكم إجراء عملية الرتق العذري
مع تطور الوسائل الطبية الحديثة في إصلاح التشوهات الخَلقية, طفا على السطح عدد من التساؤلات عن الحكم الشرعي لكثير منها.
ومن تلك العمليات وأكثرها حساسية حكم إجراء عملية رتق غشاء البكارة, ومنذ ظهور هذا النوع من العمليات سارع الفقهاء إلى إبداء الحكم الشرعي المتعلق بها, فمن محرم مطلقاً, إلى مفصل بشروط وضوابط.
وقبل عرض آراء الفقهاء المعاصرين في المسألة لا بد وأن أمهد ببعض المعلومات التي قد تخفى على البعض.
أولاً: غشاء البكارة جعل علامة على عفة المرأة وطهارتها من الزنا ولكن فقده باتفاق الفقهاء لا يعتبر دليلاً على الزنا وإنما يعتبر علامة ومظنة, وعليه لا يجوز شرعاً الحكم بالزنا على فتاة لفقدها غشاء بكارتها ومن باب أولى لا يحوز عرفاً.
ثانياً: لا يجوز التسرع للأولياء أو للزوج بالحكم على الفتاة بفقدها للغشاء؛ لأنه من الثابت طبياً أن الغشاء له أنواع منها ما ينفض مع الحيض أو أي أمر يسير ومنه ما لا ينفض مع الجماع, وأثبت الطب أنه كلما طال عمر الفتاة زاد غشاء بكارتها صلابةً.
ثالثا:ً من المتفق عليه طبياً أن فقد غشاء البكارة قد يكون لأسباب خارجة عن إرادة الفتاة, أو أنه غير موجود في أصل الخلقة, كما أنه قد يكون زال بفعل متعمد منها أو من غيرها.
أما عن آراء الفقهاء المعاصرين ( قلنا معاصرين لأن المسألة لم تعرف عند من سبقهم ), فكانت كما يلي:
• الفريق الأول رأى الحرمة المطلقة لهذا النوع من عمليات التجميل, وكان رأيهم في نظري متسرع جداً ومعتمد على عدد من الأدلة التي لا تسلم من الاعتراض, والتي قد توجه لمن يرى خلاف اطلاق رأيهم.
• الفريق الثاني رأى الجواز في حالتين الأولى للصغيرة و الثانية في حال حضور الزوج!!!
• الفريق الثالث فصل في المسألة وكان رأيه أوجه وأحكم بأنه ينظر في سبب فقد غشاء البكارة إن كان بسبب لا معصية فيه فيجوز أو يستحب الرتق, وإن كان الآخر يحرم.
• الفريق الرابع وهو رأي صاحب الكتاب الوارد في الصورة, وهو ما أميل إليه مع تحفظ يسير, كالتالي:
1. لا يجوز إجراء هذه العملية في الحالات التالية:
- المرأة التي سبق لها الزواج, ( وأدخل معها الدكتور المرأة التي تزوجت ولم يدخل بها وهو ما لا أوافقه به, لأن أمر عدم الدخول بها يكون معلوماً وفي إخفاء فقد الغشاء مفسدة عن الزوج الثاني, فكما جاز أن ترتق عذريتها عن الأول جاز عن الثاني, أما المدخول بها فلا خلاف, والله أعلم ).
- الزانية التي علم أمر زناها واشتهر.
- الفتاة التي تكررت منها عملية الزنى, وإن لم يكتشف أمرها.
2. يجوز إجراء هذه العملية في الحالات التالية:
- الفتاة التي زال غشاؤها بسبب لا إثم فيه ولا معصية, مثلاً كمن تعرضت للإغتصاب أو أجرت عملية أو لم تتعمد فض الغشاء وما أشبه ذلك.
- الفتاة التي زنت ولم يتكرر ذلك منها, وتابت وحسنت توبتها, وكنت لا أتفق معه في هذا حتى رأيت الأثر الثابت عن عمر.
3. يجب على الطبيب إجراء العملية في حالة واحدة:
- إذا تيقن الطبيب أو غلب على ظنه أن الفتاة ستتعرض للقتل عند عدم الرتق.
عنوان الكتاب: حكم إصلاح غِشاء البكارة في الفقه الإسلامي.
المؤلف: الدكتور أحمد شحادة الزعبي.
الناشر: دار الفتح للدراسات والنشر – الطبعة الأولى 2012م.
عدد الصفحات: 47.
كتب المقال: غيث حلمي الملكاوي.
نشر في2012 وأعيد النشر 2014