الدكتور معروف الدواليبي
أسرته : تنتسب أسرته إلى الصحابي اليماني فيروز الديلمي
حياته:
ولد الشيخ الدكتور محمد معروف بن محمد رسول الدواليبي في مدينة حلب، في 29/3/1909، في أسرة متواضعة، تلقى التعليم الابتدائي في حلب، ثم انتقل إلى التعليم الثانوي فدخل مدرسة الفريرات الفرنسية، فدرس فيها سنة ثم انتقل إلى الدراسة في الثانوية الشرعية (الخسروية) بحلب ثم تخرج في كلية الشريعة بالجامعة السورية عام 1927، وكذلك تخرج في كلية الحقوق عام1935 بتفوق مما جعل وزارة المعارف السورية توفده لاستكمال دراساته العليا في جامعة باريس (السوربون) وكان ذلك في سنة 1939
وفي جامعة باريس درس القانون الروماني، ونال شهادة الليسانس في علومه، كما نال الدبلوم في الحقوق الكنسية من الجامعة نفسها، ثم نال شهادة الدكتوراه منها في الحقوق، وكانت أطروحته التي كتبها باللغة الفرنسية حول (الاجتهاد في الشريعة الإسلامية) كتبها بأسلوب جديد، للتعريف بالإسلام وشريعته، ويقول الدكتور الدواليبي حول موضوع رسالة الدكتوراه: "وهذا الموضوع فرض عليّ من قِبَل جامعة باريس، بعد أن نقدتُ الكثير مما جاء في كتبهم الجامعية" وعلى ألسنة أساتذة الجامعة في التجريح في الإسلام ونبي الإسلام صلى الله عليه وسلم.
عين أستاذاً في الجامعة السورية بدمشق عام 1947
انضمامه إلى الكتلة الوطنية: وقبل سفره إلى فرنسا انضم إلى الكتلة الوطنية التي كان أول رئيس لها هاشم الأتاسي لتقف في وجه المستعمر الفرنسي، وكان معمماً ويطلق عليه اسم: الشيخ معروف الدواليبي، وخاض مع الكتلة الوطنية معارك ضد الفرنسيين، وكان يمثل الشباب في الكتلة الوطنية، ومن أكثرهم اتصالاً بإبراهيم هنانو وسعدالله الجابري، وكان يخطب الجمعة في الجامع الكبير بحلب في بعض الأحيان، داعياً الشعب إلى الإضراب ومقاومة الفرنسيين، كما كانت له جلسة وعظ أسبوعية يوم الجمعة في الجامع الأموي الكبير في حلب.
الدكتور معروف الدواليبي سياسياً:
الدكتور الدواليبي سياسيّ محنّك، شجاع، جريء في طرح ما يعتقد أنه صواب، وهو من خيرة السياسيين العرب قاطبة، وقد ترك بصماته الواضحة في السياسة السورية خاصة، والعربية والإسلامية عامة.
1- نائب حلب في مجلس النواب السوري منذ عام 1947 حتى 1963.
2- وزير الاقتصاد الوطني عام 1950.
3- رئيس مجلس النواب سنة 1951.
4- رئيس الوزراء ووزير الدفاع في أواخر عام 1951.
5- وزير الدفاع الوطني عام 1954.
6- رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية عام 1961-1962
7- ضيف المملكة العربية السعودية، ومستشار في الديوان الملكي منذ عام 1965.حتى وفاته
مع الملك فيصل:
أرسل إليه الملك فيصل بن عبد العزيز، رحمهما الله تعالى، واستقبله بحفاوة، وأكرمه بلقب مستشار في الديوان الملكي لديه، وبقي في هذا المنصب الرفيع مع الملك خالد، رحمه الله، والملك فهد، إلى أن لقي ربه.
وكان أثيراً لدى الملك فيصل، فقد كان مستشاره، وجليسه، ونديمه، وأكيله، ورفيقه في حلّه وترحاله. تحدث عن دعوة الملك فيصل له فقال:"دعيت من قبل جلالة الملك فيصل، واستقبلني وأكرمني وقال لي: اطلب ما تشاء.قلت: أريد الجنسية السعودية. قال الملك: لا.. كل شيء إلا هذا.
فسألته مستغرباً أن يردّ لي أول طلب أطلبه منه: لماذا؟ قال جلالته: لأنك رئيس وزراء سورية، ويجب أن تبقى رمزاً للشعب السوري هنا، وفي كل مكان، وأريدك أن تحافظ على لباسك السوري، ولك جواز دبلوماسي، ولأهلك وأولادك الجنسية وكل ما تريد. وهكذا كان، إلى أن لقي ربه.
المؤتمرات:
حضر الدواليبي عدداً كبيراً من المؤتمرات السياسية والعلمية، وكثيراً من الندوات، وألقى فيها العديد من المحاضرات، وكان حضوره فيها مشهوداً ومتميزاً.
من هذه المؤتمرات:
- مؤتمر العالم الإسلامي في كراتشي عام 1975 وكان رئيساً للمؤتمر، وهو مؤتمر سجل لدى الأمم المتحدة بصفته هيئة مراقبة دولية واجتماعية، وهذا المؤتمر كان عقد دورته الأولى عام 1350هـ في مدينة القدس، وكان يرأسه مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني، وكان نائبه فيه الشاعر الإسلامي الفيلسوف محمد إقبال.
- كان رئيس وفد سورية الحكومي إلى حلقة الدراسات العربية والاجتماعية الدولية عام 1950م.
- مثّل جامعة دمشق في مؤتمر أسبوع الفقه الإسلامي الدولي عام 1951 في باريس، بدعوة من مؤسسة الحقوق الدولية المقارنة في (لاهاي).
- عضو المؤتمر العام الأول لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة عام 1965.
- رئيس وفد الشعوب العربية في المؤتمر الأول للشعوب الأفريقية والآسيوية في نيودلهي عام 1955.
- عضو في الوفد السوري الحكومي إلى المؤتمر الدولي لدول عدم الانحياز في (باندونغ) بأندونيسيا عام 1955م.
- عضو في الندوات العلمية الدولية حول الشريعة الإسلامية وحقوق الإنسان في الإسلام، المعقودة أولاً في الرياض، ثم في باريس، ثم في الفاتيكان، ثم في مجلس الكنائس العالمي في جنيف، ثم في مجلس وزراء الوحدة الأوربية في ستراسبورغ منذ عام 1973 حتى أواخر عام 1974م.
- عضو في مؤتمر رسالة المسجد الدولي في مكة المكرمة عام 1295هـ-1975م.
- عضو في المجلس الأعلى العالمي الدولي للمساجد في مكة المكرمة منذ عام 1395هـ-1975م حتى وفاته.
- عضو مراقب في مؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي.
- رئيس منظمة (الإسلام والغرب) الدولية، ومركزها جنيف بسويسرا، منذ سنة 1979 وهي سنة تأسيسها، حتى أواخر عام 1984.
- نائب رئيس المؤتمر الإسلامي الشعبي في بغداد، ثم رئيس مجلس أمناء ذلك المؤتمر سنة 1984
كتبه:
لم يتفرغ الدواليبي للتأليف، ولو فعل، لكان لنا منه مؤلف وكاتب كبير، ومع ذلك، أصدر عدداً من الكتب، ولم تجمع محاضراته. و مؤلفاته عبارة عن بحوث علمية، وخاصة كتبه الجامعية التي كان أملاها على طلابه في المواد التي كان يدرّسها في كليتي الحقوق والشريعة بجامعة دمشق. ومن هذه الكتب:
- المدخل إلى علم أصول الفقه.
- المرأة في الإسلام. وموضوعه هذا طلبته منه منظمة اليونسكو في الأمم المتحدة التي طبعته في مجلد بعنوان (الإسلام) بمختلف اللغات.
- دراسات تاريخية: عن مهد العرب وحضاراتهم الإنسانية.
- المدخل إلى التاريخ العام للقانون.
- المدخل إلى السنّة وعلومها.
- الاجتهاد في الحقوق الإسلامية (باللغة الفرنسية).
- الإسلام أمام الاشتراكية والرأسمالية (بالعربية والإنكليزية)
- نظرات إسلامية في الاشتراكية الثورية.
- الوجيز في الحقوق الرومانية، جزءان
- قلعة طروادة التاريخية.
- نظريات النقد الأدبي عند العرب.
- القومية العربية في حقيقتها
- نظرات إسلامية. وهي عدة أبحاث جديدة حول الخطوط الكبرى للشريعة، وحول العبادة، وأنها ضرورة حيوية وعلمية، وموقف الإسلام من العلم، وحقوق المرأة في الإسلام، ومن هم الأريسيون؟ وقد نشر كتاب بعنوان مذكرات الدكتور معروف الدواليبي وهو من إعداد الدكتور عبد القدوس أبو صالح وتحرير الدكتور محمد علي الهاشمي، ويجد القارئ تفصيل ذلك كله في هذه المذكرات المعدة للطبع
وفاته :
انتقل إلى رحمة الله عن عمر ناهز الخمسة والتسعين عاماً في مدينة الرياض مساء الخميس 22/11/1424هـ-15/1/2004م ونقل جثمانه إلى المدينة المنورة، حيث ووري ثراها الطيب، رحمه الله رحمه واسعة، وأثابه على ما قدم لأمته خير الثواب، وأسكنه فسيح جناته
( معلومات جمعت عن الدكتور معروف عبر شبكة الانترنت)
الدكتور معروف الدواليبي والسيد محمد النبهان رضي الله عنه:
هو صديق له في طلب العلم في الخسروية وأخ له في طريق أهل الله قال السيد النبهان رضي الله عنه : ((اتخذتُ أخاً في الله تعالى هو الشيخ معروف الدواليبي، كان لي مرآة؛ الذي في قلبي في قلبه، أأتمر بأمره ويأتمر بأمري، يوميّاً نتحاسب ويوميّاً نترقى، نحاسب أنفسنا نحاسب بصرنا وسمعنا وألسنتنا ومشينا وأين نقعد وأين نأكل)) وما بين المغرب والعشاء وقت للمحاسبة بينهما. وتجاوزت محاسبتهما الأقـوالَ والأفعالَ إلى الأفكار والفهوم والخواطر، قال السيد النبهان رضي الله عنه : ((يقول البعض مشايخنا لهم دفتران دفتر في الليل وآخر في النهار، وزدنا عليهم أننا نحاسب خواطرنا كذلك، رأيت الخير كل الخير في سيري إلى الله بمحاسبة النفس، أحاسبها الحساب العسير لا اليسير "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا" )).
ومن طريف ما بلغنا عنه أنه كان يسأل الشيخ محمد النبهان الدكتورمعروف الدواليبي : ((ماذا تريد أن تكون؟)) فيجيبه: رئيساً للدولة! ويسأل الدكتور السيد النبهان : وأنت ماذا تريد؟ فيجيبه رضي الله عنه : ((عبداً لله تعالى)).ـ وشاء الله تعالى أن يوصل كلا إلى غايته وانظر الى المناصب السياسية التي استلمها الدكتور وحتى أن الدكتور معروف لما استلم المناصب السياسية لم يخالف السيد النبهان فيما يأمره به وبقيت علاقتهما علاقة حب وود وقويت هذه العلاقة بزواج أخ الدكتور معروف ( علاء الدين الدواليبي ) من بنت السيد النبهان رضي الله عنه
- حدثنا الشيخ محمّد يحيى الطرابيشي رئيس اتحاد جمعيات حلب سابقاً قائلاً: سمعت الشيخ منير حدّاد خطيب جامع الكلتاوية يتحدث مرّتين من على المنبر في خطبتين أن الشيخ معروف الدواليبي كان يقول لسيّدنا رضي الله عنه يخطر لي أن أبقى في حلب أو دمشق لتدريس علوم الفقه الإسلامي، فيجيبه رضي الله عنه : يا شيخ معروف، مكانك ليس هنا، بل في شرق آسيا وبعد وفاة سيّدنا رضي الله عنه سافر الشيخ الدواليبي لمعاينة طبيب في اليابان دخل على إثرها المستشفى بطوكيو، فحصل بينه وبين مديرها حوار أدى إلى إسلامه ثمّ تبعه جميع الأطباء والعاملين، ولم يغادر سرير نومه حتى أصبح الطابق الثاني مسجداً! فكان أول مسجد في طوكيو، وأكبر بذرة للإسلام هناك، إذّاك فهم الدواليبي كلام سيّدنا مكانك ليس هنا، بل في شرق آسيا !
( من كتاب السيد النبهان للشبخ هشام ط 2)