لأننا من دونه لا نحيا:
يتمزق منديل الأمل أمام عينيه كل مرة، لكنه يعيد تجميعه بيديه كلتيهما.
صقيع الأيام الأخيرة بات لا يُحتَمَل، هراء يعربد في كل جهة من أجوائه، فيما هو مرتمٍ على كرسيه الخشبي القديم وحيداً، يناظر أشباح القادم والماضي بسفسطائية خيالية.
- أكان علي أن أتعب كل هذا التعب؟
العمر جذوة من حنين، هذا صحيح، لكنني بت مزق أشلاء مما أعاني.
فكّر أن يلقي سترة الآلام عن كاهله كيفما اتفق، فكّر دقيقة، ثم بسم ساخراً وهو يردد في نفسه:
- أمن معنى لوجودنا كلنا دون هذا الألم القاتل، وهو وحده - إن تأملنا- نسيج حياتنا الذي لا نحيا إلا به، إن فقدناه بات الموت خيراً لنا.
أسبل إزار أحلامه، وغرق في قصيدة رثاء طويلة لما كان، ولما سيأتي.