تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها


هاهو الفجر يشق صدر النهار...كما يشق الحدث...يومي هذا....
بهدوء أنساب الى مقعدي....وفي داخلي صوت يقرع دواخلي...
كما يقرع صوت تلك المضيفة سمعي....

( اربطي الحزام )....


أي حزام ...هو المقصود؟؟؟؟
حزام (سنين ) مضت ....لا أعرف منها الا سؤال .....
( لماذا...؟؟؟ )
أم حزام ( المقعد ) حيث اجلس...والذي اصاب ظهري بشد عضلي مزقني ألماً..؟؟؟


وصول متأخر....لإقلاع مبكر ....
كان لابد من الهبوط....منذ زمن طويل ...
ليس لشيئ...فقط لان التأخر أصاب ( المشاعر ) بالصدأ....
أكسد التوق الى ملامح خالية من الملامح .....


مجرد ايام تعبر نهاراتها.....بتسلسل رتيب....
لتحمل مساءاتها جذوة أحلام تشتهي التحقيق....
لازال الصوت يصدح في داخلي....

( اربطي الحزام ...!!)....

تطلعت الى يميني...حيث تلك النافذة...
والتي تشبه بـ( بيضاويتها )....رؤيتي لأنفاسي....
تنساب حينا بهدوء...وعلى حين غرة...
تنعطف انعطاف حاد ...كـ( قدري ) تماماً....

ارغب بان اعوم وحدي بين تلك الغيوم...
لا المس شيئا...
ولا يلمسني شيئ...
فقط أنا ...وتلك الكومات الرائعة من ندفات الغيم....

كم هو كريه هذا الكرسي...
والاكثر منه كراهة...( الحزام )....


اشعر به بالقرب مني...بسبب مطب هوائي..
اصطدم كتفه بكتفي....غريب أن يجعلنا مطب نصطدم ...
بالرغم من اصطدامنا اللامنتهي منذ.....( 15 ) فصلاً...لمسرحية ما اجاد اخراجها يوما....
لم انظر اليه...ولا اريد ان افعل.....

تبا...كم اود خنق هذا الصوت المزعج في داخلي....
( اربطي الحزام )....!!!!


ترى...بماذا يفكر....؟؟
بي...؟؟
ربما....
المؤكد...انه يفكر بـ( نفسه ).....

كان دوما يردد....( أنتِ نقطة ضعفي )....
ولكني أرى نفسي باني اقتله ( ضعفاً )....

عندما نكون بالقرب...تصبح الحاجة مجرد امر تعود لا اكثر.....
وعندما نبتعد...تصبح الحاجة...هي ( الحاجة ) بالفعل...والاحساس...
وحتى درجة النحر على اعتاب المحبة....
والآن....اصبح ألمي به...كألمي من هذا المقعد...
مجبرة على احتماله....حتى نهاية الرحلة...
وحتى بداية ألم ....آخر.....


( اربطي الحزام ....!!! )

كم اود لو يتجسد صاحب هذا الصوت امامي الآن....أقسم بصاحب الجلال...
لقطعته أرباً...
أي حزام هذا..وانا كل أربطتي الذهنية قد تبعثرت..
تناثرت منذ كان القرار ...بأن نزرع غاياتنا كلٌّ على سهل احلامه ...
ونحصد محاصيل أوجاعنا...كلٌّ على حاله....

مطب آخر.....ولكني تجنبت الاصطدام هذه المرة....

كم هو ضيق هذا المقعد..كضيق مدى ذاتي في هذه اللحظة....
مددت يدي الى الشاشة امامي...ورأيت انعكاس صورته فيها...
حزين هو...أتراه حزين من اجلي...أم من أجله؟؟
أم من اجل رحلتنا ( الأخيرة ) هذه ....؟؟؟؟
كم من الوقت قد مضى؟؟؟
ساعة....سنة..دهر...لا ادري....
اشعر بعطش شديد..لقطرة راحة ...


أنت ايها الجالس بالقرب من ( كتفي )...أَ تذكر ...؟؟؟
أَ تذكر كم كان لنا من الأمنيات ( زوايا ) لا يجيد قنصها غيري انا ....وانت....؟
وكم كان لنا من الحكايا اركان لا يعرف مغاورها..وتضاريسها سواي أنا ...وانت...؟


( اربطي الحزام ...!!! )...

اغمضت عيني...اتكأت برأسي الى الخلف...
لازلت اشعر به قريبا...لا اظنه قربا ملموساً...
بل قرب احساس...نعم ان المه يعتصره..كما يعتصرني...
انظر اليه من خلال طيفي الممزق ....لماذا؟؟؟؟
تبا لهذا السؤال...لم اطرحه على احد كما طرحته على نفسي...
طوال رحلتي معه....


والآن....
المس جرحي...احتضنه...المه بهدوء....
واخفيه بين طيات ابتسامتي....فقد اعلنوا باننا سنهبط بعد قليل...
ولازال ( الحزام مربوطاً )....

عند بوابة المطار...
وقبل أن يسلك كل منا دربه.....
التفت له....وقلت.....
( كما أبقيت حزامي مربوطاً..ابقي حزامك كذلك.....
فأنت لا تعلم....بأي أرض سيكون مهبطك....
ولا بأي سماء سيكون تحليقك )....
ودون ان يلتفت الي...
غادر بهدوء...
حملت امتعتي.... وركبت سيارة الأجرة....
وما عدت استنكر ذاك الصوت....حين يذكرني دوماً..

بأن ( أربط الحزام ...!!!)...



:
: