رغم تدهور الأوضاع الاقتصادية
الدروس الخصوصية بغزة ترجع لصعوبة التحصيل المادي للمدرسين والعلمي للطلاب وتدني ثقافة بعض أولياء الأمور
غزة /علاء الحلو :
بات لا يخفى على أحد حجم الأسى الذي خلفه الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة والذي دخل عامه الرابع دون أن ينتهى أو أن يبزغ فجر أمل يبشر بقرب طلوع نهار ذلك القطاع الذي أغرقه الحصار بظلام طغى على كافة نواحي الحياة الاقتصادية والسياسية والتعليمية والاجتماعية والثقافية وما دون ذلك من نواحي, ولكننا سنركز في تقريرنا على الأوضاع التعليمية ولجوء الآلاف من الطلبة والطالبات الى الدروس الخصوصية على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة.
أصبحت الدروس الخصوصية للطلاب تشكل مصدرا للقلق عند أولياء الأمور والطلبة والمسئولين في التربية والتعليم وهي تعنى إقبال الطلاب في مرحلة تعليمية معينة للدراسة على يد معلم خارج المدرسة بأجر معين, وطلبة الثانوية العامة "التوجيهي" هم أكثر الفئات اتجاها لتلك الدروس.
عقدنا لقاءات مختلفة مع المواطنين والمعنيين للاطلاع على الأسباب الحقيقية وراء اتجاه شرائح كبيرة من الطلاب الى الدروس الخصوصية, فالمدرسة والمرفق التعليمي يجب أن يغني الطلاب عن تلك الدروس المكلفة فكما هو مفهوم من اسم الوزارة "أنها للتربية وللتعليم".
المواطن خالد سالم من معسكر الشاطئ أشار الى ان ظاهرة الدروس الخصوصية تقلل من قدرة النظام التعليمي على الاحتفاظ بثقة الطلبة بالمدرسة كمؤسسة تعليمية تهدف الى تأدية رسالتها على أكمل وجه, كما تسبب أعباء اقتصادية مترتبة على أولياء الأمور.
وأضاف أن هذه الظاهرة تشكل خطورة كبيرة من حيث أنها لا تتيح للطلبة الفرص المتكافئة من الناحية التحصيلية وتؤثر على سلوكهم إذ تبعدهم عن الجو الصفي والمشاركة الجماعية في دروس المدرسة, وبالتالي تؤثر على قدرتهم على التكيف الاجتماعي والتفاعل مع المعلم أثناء التدريس الأمر الذي يؤدى الى فقدان ثقتهم في المدرسة كمؤسسة لها أهداف تربوية واجتماعية.
وتابع سالم قائلا "ينتج عن هذه الظاهرة ضياع في مدخلات التعليم من أموال وجهود بشرية واختلال في التوازن, نستطيع القول بأنها ظاهرة معقدة تنجم عن العديد من الأسباب المتنوعة والمتداخلة تتفاوت من بيئة الى أخرى ومن مدرسة الى مدرسة وترجع الى الطالب والأسرة والمدرسة بشكل رئيسي".
أما المواطنة هبة عوض فقد أشارت الى أن الدروس الخصوصية تعتبر كل جهد تعليمي مكرر يحصل علية الطالب منفرد أو في مجموعة نظير مقابل مادي يدفع للمدرس القائم به, لافتة الى أن الدروس الخصوصية منتشرة انتشارا واسعا بما يجعلها ظاهرة منتشرة بين الطلاب أكثر من الطالبات, وأن أكثر المواد التي عليها إقبال "الرياضيات, اللغة الانجليزية, اللغة العربية ثم العلوم".
محمد عرفة طالب في الثانوية العامة سألناه عن سبب اتجاهه للدروس الخصوصية, فقال "أحتاج الدروس الخصوصية للحصول على مجموع مرتفع نظرا لصعوبة المناهج, واحتاجها لعدم استفادتي من المعلمين في الفصل, ولأن ولى أمري دائما يذكرني بأنه يجب أن أحصل على أعلى الدرجات".
وأضاف عرفة أن تكدس الطلبة في الفصل لا يساعد المدرس على الشرح, وأن الوقت المخصص للحصص بحسب رأيه لا يكفي لإيصال الفكرة بشكل واضح الى التلاميذ, وفي نفس الاتجاه يكون وقت الدراسة بالمدرسة طويل مما يؤدى عدم التركيز.
أما المدرس وائل خلف فأشار الى أن الدروس الخصوصية تتنافى ومبدأ تكافئ الفرص, وتسلب مجانية التعليم, كما أنها عمل مرهق وممل, لافتا الى أنه بإمكان المدرسين البعد عن إعطاء الدروس الخصوصية في حال توافر الإمكانات المادية للمعلمين".
وأكد على أن ظاهرة الدروس الخصوصية تنتشر بشكل كبير, وأن تدنى مستوى التعليم لأولياء الأمور يزيد هذه الظاهرة فمنهم من يتفاخر بها, لافتا الى أن اغلب الطلبة الذين يتلقون دروسا خصوصية هم من اسر ذات الدخل المحدود ولكنها تضطر لذلك لان درجات قبول الجامعات والمعاهد في بعض التخصصات عالية.
من ناحية أخرى أكد المدرس خالد الحداد على ان الدروس الخصوصية لها آثار سلبية اجتماعية وأسرية فهي تعمل على تدليل الأبناء منذ الصغر وتعودهم على الدروس الخصوصية وتشجعهم على ذلك في ظل انشغال الأب والأم حيث يكون الأبناء بعيدين عن التوجيه السليم والتربية الصحيحة, كذلك تؤدي الى جهل الأبناء منذ الطفولة بكيفية الاعتماد على النفس, ولكن في نفس الوقت هناك بعض الطلبة المتفوقون دراسيا يعزفون ولا يرغبون بالدروس الخصوصية ويعتبرونها تضيعا للوقت.
ودعا الحداد وزارة التربية والتعليم أن تقوم بتوفير المعلمين المختصين والمؤهلين أكاديميا وتربويا في المدارس, وأن تعمل على تطوير نظام الحافز خاصة الأكفاء منهم لتشجعهم لبذل الجهد وأن يقوم المختصين فيها بعمل دراسات لمعرفة أسباب ضعف الطلبة في المواد التي يحتاج الطلبة دروسا.
وأكد على أهمية تدريب المعلمين قبل بداية العام الدراسي بوقت كاف على المناهج والمقررات الجديدة, ومحاسبة شديدة لكل من يشجع الدروس الخصوصية داخل المدرسة وخارجها وأن تشمل المحاسبة الطالب وولى أمره.
في ظل هذه المعطيات وهذا الواقع الفلسطيني الأليم في قطاع غزة يجب الانتباه الى مدى خطورة هذه الدروس التي توقف قدرة الطلاب على الإبداع والتميز وتجعلهم متلقين فقط ينتظرون موعد اجتياز الامتحان, وبعد اجتيازه تتلاشى كافة المعلومات التي دخلت الى العقل لتأدية هدف بسيط وهو عدم الرسوب, ويمكن توعية الطلاب وذويهم الى هذه الخطورة عبر الندوات بالمدارس لإرشاد الطلاب عن كيفية الاعتماد على النفس وطرق المذاكرة الصحيحة وكيفية تنظيم الوقت وتعلمهم حب العلم والمذاكرة والتفوق والاطلاع المستمر من اجل العلم وليس من اجل الامتحان فقط, كذلك تشجيع الطلاب المتفوقون دراسيا, والاهتمام بالأنشطة داخل المدارس لأنها تنشط العقول فالنمو العقلي لابد ان يكون بجانبه النمو الانفعالي لتكوين الشخصية المتفتحة ذهنيا وعقليا.




أوجاعنا نقشت على صفحات العمر , وعلي غبارها رسمت لحظات فرح خجولة !!
ها انت .. وها أنا .. أين هم ليتعرجوا على آهات الوطن المجهول الهوية .. المعروف المكان ؟!
ثمة ربع بسمة .. ونصف أمل .. ودمعة كاملة ... سنكمل النصف ونمضي ....


الصحفي والكاتب / علاء الحلو _ جريدة القدس
voice_ofsea_an@hotmail.com