ماهو مشروعك؟؟!
عبدالله بن أحمد الحويل



تأملتُ كثيراً في سير الروّاد من هذه الأمة، وقلبتُ فكري طويلا في تلمح سر نبوغهم واجتلاء حقيقة تفوقهم

فخلصتُ إلى نتيجةٍ مذهلةٍ فحواها: أن من أراد السطوع فليكن لديه مشروع!!

فطريقُ المجد يا صاحِ يبدأ بمشروعٍ ترسمه بـ(بنان) همتك، وتشق دروبه بـ(سنانِ) عزيمتك.

إن الميلادَ الحقيقي للإنسان - كما يقول أحد النجباء- ليس تلك اللحظة التي يخرجُ صارخاً إلى الدنيا من رحم أمه..
كلّا
بل يولد الإنسان في اللحظةِ التي يعثرُ فيها على مشروعه !!

بعدها ينطلقُ في خوضِ خطيرات الأمور، ويضطلع بأعباءِ المهمات، ويركب ظهورَ العوائق، ويتخطى رقابَ الموانع من أجل إتمام مشروعه، وتحقيق طموحه وإن هذا لعمرُ الله هو عينُ المجدِ وقمةُ النبوغ.

إنك يا صاحبي إن لم تزدْ على الدنيا شيئاً = كنتَ زائداً عليها، وإن لم تضفْ في الوجود جديداً = كنتَ ضيفاً ثقيلاً فيه!!

إن مشروعك يبدأُ من أحلامك التي تعيشها اليوم لتكتبَ واقعك غداً في طيّاتِ الأيام مع الناجحين والنابغين والعلماء والمصلحين وحسن أولئك رفيقاً.

• إن عمرك الحقيقي ليس تلك الساعات والأيام التي قضيتها في تتبع لذاذات الطعام والشراب، أوأفنيتها في التمتع بشهواتِ اللعب، وإغراءاتِ اللهو

• إن حياتك - كما يقول الطنطاوي رحمه الله - ليستْ بطول السنين، وإنما بعرض الأحداث التي تتركها في الأرض.

لقد كان مشروعُ أبي بن كعب رضي الله عنه (حفظ وضبط كتاب الله) فلم يزل عاكفاً على مشروعه غارقاً في تفاصيله حتى بلغ المنزلة التي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها (ليهنك العلم أبا المنذر)

وكان مشروعُ حسان بن ثابت رضي الله عنه (نصرة العقيدة بالشعر) حتى قال له النبي صلى الله عليه وسلم (أجب عني أيدك الله بروح القدس) ومشروع أبي هريرة رضي الله عنه (حفظ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم) فصار راوية الإسلام وحافظ الحديث الأول بلا منازع

وكان مشروعُ البخاري رحمه الله في حياته (تصنيف كتاب جامع للصحيح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم) ومكث 16 عاماً لإنجازه وأصبح أصحَ كتابٍ بعد كتاب الله

وكان مشروعُ ابن حجر العسقلاني رحمه الله (تأليفُ كتابٍ في شرح صحيح البخاري) فاستغرقَ 25 سنة لإتمام (فتح الباري) الدي قال عنه الشوكاني رحمه الله لما طُلب منه أن يشرح البخاري : لا هجرةَ بعد الفتح

وكان مشروعُ ابن قدامة رحمه الله (تقريب الفقه وخدمته) فصنف كتباً مازالت إلى يومنا هذا مورداً عذباً للطالبين

وكان مشروعُ الشيخ الألباني رحمه الله (تقريب السنة بين يدي الأمة) فأثمر تصانيف بديعة في الحديث والسنة زادت عن 113 كتاب مابين تأليف وتحقيق وتعليق وتخريج

وكان مشروعُ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (تدريس العلم للعامة والخاصة) فأعرضَ عن المناصب وأشاح عن الدنيا وجهه، وبقي يدرس في مسجده بعنيزة أكثر من خمسين سنة متتالية ويبلغ عدد الدروس المسجلة له أكثر من (5000) ساعة عدا الدورس التي لم تسجل وهي كثيرة

وكان مشروعُ الشيخ عبدالرحمن السميط رحمه الله (الدعوة إلى الله في أفريقيا) فأسلمَ على يده 11 مليون شخص!!

وكان للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله مشاريع كثيرة لكن منها هذا المشروع الذي نص عليه وهو كتاب: (التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل)، طبع منه الجزء الأول ، فقد قال عنه: "أما بعد: فهذا كتابٌ أُراه من (مشاريع العُمر) سميته: (التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل)

ختاماً ياسادة :

قلْ لي ماهو مشروعك أقلْ لك من أنت.