بول غيراغوسيان
رسام الحي والمقاهي والأمومة
رحل الفنان بول غيراغوسيان قبل عشر سنين, مخلفاً أعمالاً فنية, يصعب حصرها, نظراً لتوزعها في الكثير من بلاد العالم... علّم غيراغوسيان ودرّب طلاباً في هذا المجال في معاهد الفنون, منذ الخمسينات, وأرسى قواعد مدرسة فنية, فرضت نفسها في لبنان والعالم, فتكونت أسرة فنية تمارس الرسم والتشكيل, إضافة الى اختصاصات أخرى, فرحل مطمئن البال على إرث فني لن يضيع.
سيرة حياة فنية
في الذكرى العاشرة لرحيل الفنان بول غيراغوسيان (1926*- 1993), أنشأت عائلة الفنان متحفاً له يحكي سيرته منذ بداياته وحتى وفاته, ويضم أعماله من العام 1940 لغاية 1993.
المتحف سيفتح أبوابه أمام الزوار في خريف العام 2003, وهو سيضم إضافة الى أعمال بول غيراغوسيان, أعمالاً لفنانين لبنانيين وأجانب عايشوه وتأثروا بفنه.
في حديث مع الفنان ايمانويل غيراغوسيان صاحب فكرة إنشاء المتحف, قال بأن المتحف سيضم أيضاً مشغلاً ومدرسة للرسم ولترميم اللوحات وتقدير ثمنها Estimation)) الى "Web Site" لتنظيم الفن في لبنان.
إنجاز العمل تم بالتعاون مع أكثر من جهة, فمتحف "Ludvig" في ألمانيا قدم جهوداً في مجال تنظيم الأرشيف وبرامج الكومبيوتر التي ستتضمن معلومات فنية أساسية عن صاحب كل عمل. أما “المعهد العالمي العربي” في باريس فتولى تدريب فريق العمل على إدارة المتاحف.
سيشهـد المتحـف في كل شهـر تقديم عمـل جديد, لـم يسبق عرضه, لبول غيراغوسيان الى جانب اللوحات الثابتة وغير المخصصة للبيع. أما اللوحات المعروضة للبيــع فلا تتجـاوز العشـرين, والهـدف من بيعها تمـويـل إقامـة متحـف دائـم, هو قيـد الإنجـاز فوق قطعة من الأرض بمساحة 3000 متر, في جديدة المتن.
متحف بول غيراغوسيان مشروع كبير عملت له بجهد عائلة الفنان الراحل التي لقيت دعماً ومساندة من بلدية الجديدة * البوشرية * السد, بشخص رئيسها الأستاذ أنطوان جباره.
إبداعات الفنان بين البدايات والنهايات
ثمان وستون لوحـة, من أعمال الراحل, بأحجام مختلفة, تم توزيعها بتناسق, وفق تصنيف مدروس على جدران الصالة, بطبقتيها.
ومحتويات المتحف, تشكيل من الرسومات, تحكي سيرة الفنان, منذ بداياته, وحتى وفاته... وتقدم للمشاهد صورة عن تحولات الفنان وتطوراته عبر المراحل, بدءاً بالواقعية والتعبيرية, مروراً بالتوقيع الأيقوني, وصولاً الى الفن الحديث, والتجريديات الرقراقة. ألوان وخطوط وأشكال تنساب في تناسق جمالي طبع مسيرة غيراغوسيان.
أعمال المبدع الكبير تشهد على امتلاكه لعين بانورامية تلوينية, وبصيرة فنية نافذة, دفعته للتعامل مع مشهديات الواقع بعمق. فهو يدرك ما وراء ظواهر الأشياء, ويفكك عناصر التقليديات, ليعيد تركيبها, برؤية تشكيلية خاصة تتجلى في لوحاته المختلفة: من البورتريهات المتعددة, ورسوم لبعض المهن الشعبية, التي كانت سائدة في أسواق بيروت... ثم غوصه التشكيلي, في مطاوي النفس الإنسانية مصوراً العلاقات الإجتماعية والأسرية, سابراً أسرار الحياة والموت, واصلاً بين ضفتي الوجود والعدم, من خلال طقوسيات وتقاليد شعبية. هذه الطقوسيات والتقاليد عايشها في برج حمود, محل إقامته ومحترفه وزاوجها مع مشهديات كثيرة لملمها من أماكن مختلفة من العالم, ليبتكر لنفسه أبجدية لونية وتركيبية شديدة التميز والحساسية.
المعلم الذي أحب أن يظل تلميذاً
“الفن أعظم مني وأعظم من أي فنان آخر, وأنا سأظل تلميذاً حتى النهاية” كان يقول غيراغوسيان. ويعتبر أن “الفن هو الهواء الذي نتنفسه, والذي يبقينا في يقظة, من دونه لا نساوي شيئاً. فهو كالشمس يضيء ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا, ويحفظ إنسانيتنا...”.
معارض وجوائز
شارك بول غيراغوسيان في معارض جماعية كثيرة, تجاوزت الماية معرض, في مدن عربية ودولية: الإسكندرية, باريس, بغداد, توسكانا, ديترويت, روما, ساو باولو, شيكاغو, طوكيو, عمان, فرنكفورت, فلورنسا, الكويت, لندن, لوس انجلوس, هامبورغ, ميلانو, نيويورك, واشنطن, يريفان...
وأقام العديد من المعارض الفردية, في مؤسسات ثقافية, وصالات عرض, ونواد عامة, ومراكز رسمية وخاصة, ومجالس فنية, ومتاحف دولية, تربو على السبعين في: فلورنسا, ميلانو, باريس, هاربورغ, فرنكفورت, واشنطن, يريفان, شيكاغو, الرياض, دمشق, الكويت, عمان, بيلاروسيا, نيويورك, لوس انجلوس, ديترويت, لندن, حلب... إضافة الى المدن اللبنانية: بيروت, صيدا, انطلياس, المكلس, المعاملتين, فقرا, إهدن, ذوق مصبح...
ونال جوائز وشهادات تقديرية بالعشرات من مراجع ومؤسسات رسمية وخاصة: الميدالية الذهبية من المجموعة التوسكانية في فلورنسا, والجوائز الأولى من متحف سرسق, التربية الوطنية, أكاديمية الفنون الجميلة في بيروت, فيليبس, برمانيت في فلورنسا... ووسام الفارس من وزارة الثقافة الفرنسية, والفاتيكان, جائزة البيرينال في باريس, وجوائز من مقامات روحية...
تتواجد أعماله في متاحف لبنانية وعربية وعالمية: نقولا سرسق في بيروت, بزمار, الفضاء في موسكو, الفن الحديث في الفاتيكان, الفن الحديث في ساو باولو, الوطني في يريفان, مختاريست في فيينا, الفن الحديث في يريفان, الوطني في دمشق, المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت, الوطني في مينسك بيلاروسيا.. وفي كوركولان في واشنطن, والصالة الوطنية في الأردن