القدس الاستبداد والظلم
سلام مراد
"القدس بين استبداد الأعداء وظلم الأقارب" عنوان ندوة أقامها فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب في قاعة المحاضرات في اتحاد الكتاب العرب في المزة، وذلك في تمام الساعة السادسة مساءً يوم الثلاثاء الواقع في 16/6/2009.
قدم الندوة الأستاذ سهيل ملاذي رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب رحب بالضيوف والحضور وقدم الحضور وهم كلاً من السادة:
1ـ المطران ايسيدور بطيخة ـ مطران حمص وتوابعها للروم الكاثوليك.
2ـ الأستاذ عبد السلام راجح ـ عضو مجلس الشعب ـ عميد كلية الشريعة والقانون ـ فرع الأزهر بدمشق.
3ـ الأستاذ طارق حمود رئيس تجمع العودة الفلسطيني (واجب).
عرف الأستاذ سهيل ملاذي بالمحاضرين وقدمهم للحاضرين في الندوة وقدم اعتذار الأستاذ زياد نخالة بسبب ظروف سفره الذي جاء بشكل عاجل ومفاجئ فلم يتمكن من المشاركة في الندوة، تكلم الأستاذ الملاذي عن زيارة المرحوم فيصل الحسيني إلى دمشق مع المطران عطا الله حنا والشيخ تيسير التميمي، وكيف اجتمعوا بالمثقفين والمفكرين السوريين وكيف طرح الأستاذ فيصل الحسيني مشروعه الذي هو اشتري زمناً في القدس، والذي تكلم فيه الأستاذ الحسيني عن كيفية تعرض هذه المدينة العريقة لحملة صهيونية بهدف تهويدها، ودعى وقتها إلى دعم أبناء القدس من أجل الصمود أمام الضغوطات الهائلة، لمواجهة هذا المشروع الاستعماري الاستيطاني الاحلالي، دعى الأستاذ الملاذي أن يشهد مشروع الشهيد فيصل الحسيني آذان عربية صاغية، فلا يجوز للأقارب أن يتخلوا عن مشروع دعم القدس في ظل الهجمة الصهيونية الشرسة عليها.ـ المطران ايسيدور بطيخة ـ مطران حمص وتوابعها للروم الكاثوليك
بدأ السيد المطران بتحية السلام، وتكلم عن نفسه كمطران لأن المطران هو راعي ومواطن بنفس الوقت، وقال إنه يعتز بانتمائه العربي السوري وهو فخور لولادته في سورية.
والمطران واجبه رعاية الناس، فهو ينطلق من الهم العام، وتلك هي ثقافته العربية السورية التي نشأ من خلالها، وتلك هي الينابيع الصافية التي نهل منها.
عرج المطران على تعريف مصطلح الثقافة، التي هي مجموع المواقف والآراء والتقاليد وتشمل القيم بواسطة التربية، وبين أن الثقافة كانت مرادفة للحضارة، فالحضارة هي ما تتميز به الإنسانية، والثقافة هي التقدم الفكري الذي نضطلع من خلاله على الوجود الإنساني وتطوره عبر تاريخ من التقدم والحضارة الإنسانية.
وقال المطران إن للحديث عن القدس شجون وشؤون، فالقدس في الضمير، هي أرض اختارتها السماء، كي تتلاحم الأرض بالسماء، واستشهد بكلمات لمحمود درويش يقول فيها البيت أهم من الطريق إلى البيت.
وقال أيضاً القدس أولاً مدينة مقدسة وفيها أماكن مقدسة ترتبط بذاكرة ووجود المسيحيين، فقد عاش فيها المسيحيون بصورة مستمرة وهي أم جميع الكنائس ولابديل لها. فالحج إليها والحنان دائم إلى ترابها، ومن حق أبنائها العيش فيها من البداية إلى يوم الخلاص أي من الولادة إلى القيامة، والمسيحيون هم أبناء القيامة وهم أبناء الحياة.
وأوضح المطران أن المسيحية والإسلام يدعوان إلى التعايش والاحترام، ويدعو الإسلام بالأخص إلى احترام أهل الكتاب، وبين المشركات القومية والإنسانية.
تكلم عن المدينة وقال إن القدس مثل دمشق، معروفة بدورها الخاص، احتوت المقدسات وأبنائها من المسيحيين والمسلمين، لذلك لا عجب أن تتفق دمشق والقدس عبر التاريخ، ونلتقي مع المدينتين في عشق الوطن والانتماء للأرض وحب الإنسان، والتنافس من أجل إطعام الجياع وسقي العطاش.
وبين أن شعب الله في المفهوم المسيحي، هم كافة المؤمنين بالله من جميع الأجناس والألوان والأشكال.
والقدس مسيحية وإسلامية وهي تواجه احتلالاً مستحدثاً يستهدف الإنسان وطمس المقومات، والقدس هي العاصمة الروحية والوطنية التي لا بديل لها، وهي كنز عظيم، سيدافع عنها أبنائها فهي أمانة في أعناقنا ويجب أن ندافع عن عروبتها وآثارها لكي يبقى المسيحيون والمسلمون يزورونها ويحجون إليها بشكل دائم.ـ عبد السلام راجح... عميد كلية الشريعة والقانون ـ فرع الأزهر بدمشق ـ عضو مجلس الشعب
بدأ الأستاذ عبد السلام راجح كلامه بالحديث عن السبل الممكنة، لدراسة القضية وإعادة الأمور إلى نصابها، فالقدس تحمل مدلولات عظيمة وهي مدينة مهمة بالنسبة للعرب والمسلمين ودعى إلى مواجهة التخطيط الذي يقوم به الأعداء من خلال استهداف المدينة وهويتها الوطنية العربية والإسلامية.
فالصهاينة يحاولون إخراج القدس من حيزها وقدسيتها وتحويلها إلى مدينة يجري عليها الصراع على الأرض من أجل الأطماع والأملاك وبذلك برأيهم يسهل ابتلاعها، فهم يمارسون التهجير وبنفس الوقت يوطنون اليهود فيها ويدعون إلى يهودية الدولة، وذلك من خلال خطابات قياداتهم ومنهم رئيس الوزراء نتانياهو.
ففي الوقت الذي يدعو فيه العرب إلى السلام العادل والشامل، يدعو الصهاينة إلى يهودية الدولة، لأنها برأيهم الجامع للصهاينة المحتلين المغتصبين لفلسطين.
وتساءل الأستاذ راجح هل خطط أبناء الإسلام والمسيحية من أجل حماية هذه المدينة ومواجهة حملة تهويدها، فمنظمة المؤتمر الإسلامي وكذلك كل من انطوى تحت لواء السيد المسيح يتم إفراغهم من مضمونهم، وهذا الخواء والإفراغ لا يسيء إلى الإسلام والمسيحية بل يظهر مدى سيطرة المحتلين ومن يساندهم على المنظمات الدولية، والنفوذ القوي الذي يتمتع به الصهاينة في الإعلام والمنظمات العالمية.
وقال الأستاذ راجح ماذا فعلنا لمواجهة المخططات وشبكة الإنفاق، وخطط الصهاينة للسيطرة على الأرض والسماء والإنفاق، أي تحت الأرض، ودعى إلى مواجهة الاستيطان.
وإلى توازن دولي ترتقي معه الدول، فالقطب الواحد وسياسته المنحازة لإسرائيل يقف ضد الاتجاه الذي يدعو إلى السلام ويقف مع الكيان المغتصب منذ عام النكبة 1948، وكل من يعترض ويعبر عن حزنه في ذكرى وتاريخ احتلال فلسطين من المواطنين الفلسطينيين يعاقب بالسجن 3 سنوات من قبل إسرائيل.
وربط الأستاذ راجح بين القدس ومعانيها الإيمانية والتاريخية الإنسانية؛ فهي مدينة وعاصمة إيمانية وروحية للأديان.
وقال إن المسلمين يحترمون أتباع موسى وعيسى إذا ساروا على منهج موسى وعيسى فالأنبياء مقدسون ولهم مكانة عليا عند المسلمين وإيمان المسلم لا يكتمل إلا بالإيمان بهم.
ودعى الأستاذ راجح للعمل من أجل مواجهة التهويد وعدم الاكتفاء بالدعاء، لأن العمل مطلوب، ويجب أن تكون هناك آلية للعمل، وذلك لمواجهة المراحل المقبلة، وما تتعرض له القدس من اعتداءات.
وبين الأستاذ راجح أهمية وتاريخية مدينة القدس وما تعنيه بالنسبة لأبنائها وللعرب والمسلمين، وقال إن الطارئ لا يمكن أن يكون بديلاً عن الحقيقي والأصيل والتاريخي.
هذه المدينة التي تحمل التراث الإنساني، هي عاصمة للأنبياء وكتاب مفتوح لتاريخ أمة، ودعى إلى وحدة الأمة لمواجهة الخطر التاريخي والمصيري من خلال الاستعداد المعنوي والمادي لمواجهة التهويد والمخططات الصهيونية.
كما دعى الأستاذ راجح إلى مواجهة الآلة الإعلامية الصهيونية بتكثيف جهود الأمة والخيريين من المفكرين والاقتصاديين والإعلاميين لمواجهة الزيف الصهيوني في المحافل الدولية لتعرية الكذب والدجل والاغتصاب الصهيوني لحقوق وتاريخ فلسطين والفلسطينيين وأنهى كلامه ببيت شعر لشاعر دمشق شاعر الياسمين "نزار قباني" يقول فيه:
يا قدس يا مدينة تفوح أنبياء
يا أقصر الدروب بين الأرض والسماء
ـ الأستاذ طارق حمود: رئيس تجمع العودة الفلسطيني (واجب)
بدأ الأستاذ حمود بالبسملة والسلام على الحاضرين وشكر المحاضرين، اللذين سبقاه بالكلام عن مدينة القدس، مدينة الأنبياء والتاريخ واستهداف هويتها وتاريخها من قبل الصهاينة المحتلين.
وتكلم عن البعد السياسي من خلال عنوان الندوة القدس بين استبداد الأعداء وظلم الأقارب، وقال إن التقدم السياسي يؤدي إلى تقدم ثقافي والعكس بالعكس، في المجال السياسي يؤدي يدوره إلى تقصير في المجال الثقافي.
وتناول المحاضر الأستاذ حمود البعد الفلسطيني والعربي والإسلامي في قضية القدس وفلسطين.
أوضح الانتهاكات الإسرائيلية منذ عام 1948 وتأكيد الصهاينة مراراً وتكراراً القول أن القدس عاصمة أبدية لدولة إسرائيل.
ففي إتفاق إعلان المبادئ بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في 13/9/1993 قال رابين في كلمته بأنه "يجب إبقاء القدس عاصمة موحدة لإسرائيل في حفل التوقيع، وظل الطرف الفلسطيني الرسمي صامتاً.
وتكلم عن ما يواجهه الفلسطينيون والمقاومة من ممارسات صهيونية من خلال التضييق والضغط المتواصل من قبل الصهاينة، فالصهاينة يقومون بتدمير ممنهج للبنية الاجتماعية للشعب الفلسطيني. فهناك 6 آلاف مدمن على المخدرات في القدس من أصل 10 آلاف مدمن في كل فلسطين.
وبارك الأستاذ حمود وقفة أم كامل الكرد التي رفضت ترك مكان بيتها حتى بعد هدمه فقد نصبت خيمة مكانه ورفضت الرحيل وترك مكان بيتها.
وبين أن إسرائيل تقوم بتدمير الأسر الفلسطينية من الداخل فهناك نسبة تسرب عالية في المدارس.
ومن أسبابها الضغط النفسي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي والعسكري الذي تقوم به إسرائيل ضد الفلسطينيين.
وقال إن الموقف الأمريكي والغربي بشكل عام يكاد يكون واحداً، فأمريكا هي من أوائل الدول التي أعلنت عن استعدادها لنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس عام 1995م.
وأوضح الأستاذ حمود أن الانتهاكات الإسرائيلية والدعم الأمريكي لها، هو نتيجة ضعفنا نحن.
فالانحدار الذي يشهده المشهد الوطني الفلسطيني ينعكس بشكل واضح وصريح على الشعب والأرض.
ودعى الأستاذ حمود إلى عدم التقريط بمدينة القدس عاصمة فلسطين والعرب والمسلمين.
وقال أيضاً إن الموقف العربي يتماهى مع الموقف الفلسطيني الرسمي، وقال أن اتفاقية كامب ديفيد لم تذكر القدس أبداً.
وعندما تحدث السادات عن القدس لجيمي كارتر وقال أنها عاصمة الدولة الفلسطينية المرتقبة، كان المقصود القدس الشرقية التي هي 10% من مساحة القدس الكاملة.
ورد مناحيم بيغن على هذا الكلام قائلاً "إن القدس عاصمة موحدة أبدية للدولة العبرية إسرائيل".
ركز الأستاذ حمود على ضرورة المقاومة، فاتفاق غزة أريحا كان في 1993 لكن الانسحاب كان عام 2000 وذلك بفضل المقاومة.
ودعى الأستاذ حمود إلى تركيز المقاومة في القدس، لكي تبقى هاجساً أمنياً للكيان الصهيوني، وذلك لمقاومة تهويدها من قبل المغتصبين الصهاينة.
كما دعى إلى التركيز على الثوابت الوطنية والاستحقاقات الدولية ومن أول الثوابت الوطنية حق العودة ومتطلبات الشعب الفلسطيني صاحب الحق المغتصب.
انتهت الندوة وهنا بدأت المداخلات وكانت مداخلة د. سليم بركات متميزة تكلم فيها عن استحالة استمرار إسرائيل في ظل العولمة وقال أن هناك 17 مركز دراسات أمريكي بينوا أن إسرائيل دولة غير قابلة للاستمرار.
وقارن د. بركات بين الحروب التي خاضها العرب مع الكيان الصهيوني منذ عام 1948 وحتى الآن.
وقال إن حرب تموز وحرب غزة كانت انتصاراً للعرب، ففي ظل عدم التكافؤ في العدد والعدة، من جميع النواحي استطاع 700 رجل من المقاومة الإسلامية في لبنان الصمود في وجه العدوان، كما استطاع ما يقارب 500 رجل في غزة، الصمود في وجه أعتى قوة عسكرية حديثة في المنطقة، علماً أن إسرائيل استخدمت الأسلحة المحرمة دولياً.
بينما وضح د. يوسف نعيسة في مداخلته أن الاستعداد للحرب وخوضها مع العدو من الواجبات الوطنية ويجب عدم الاكتفاء بمقاومة العدوان، بل يجب التوحد وتجميع القوى من أجل الحرب القادمة مع الكيان الغاصب للحق العربي الإسلامي الفلسطيني.