فنان عراقي يرسم لوحة لرامسفيلد رمزا للحرب والاحتلال
قال إن الوزير الأميركي المستقيل استخف بحضارة «الرافدين» التي «علمت البشرية الكتابة»
بغداد ـ أ.ف.ب: يقول الفنان العراقي مؤيد محسن مبررا رسم لوحة لوزير الدفاع الاميركي المستقيل دونالد رامسفيلد، «اردت ان تكون اللوحة حدثا وفي الوقت ذاته ذاكرة للعالم تدين احتلال العراق» الذي يجسده في نظره رامسفيلد الذي اتهمه بـ«الاستخفاف» بحضارة وادي الرافدين «التي علمت البشرية الكتابة».
ويقول الفنان وهو في اوائل الخمسينات «تساءلت طويلا كيف اختزل كلاما مطولا عن الحرب والعراق بلد الحضارات التي علمت البشرية الكتابة.. وكيف ستعبر اللوحة عن همومي ومشاغل الآخرين التي لا يصغي اليها احد». واضاف محسن المقيم في الحلة، كبرى مدن محافظة بابل، ان اللوحة «متنفس لهمومنا فلا نملك سوى الحوار».
واوضح ردا على سؤال «عندما رسمت اللوحة احسست بانني ساحاور رامسفيلد لمعرفة اسباب وصولنا الى هنا، وبما ان الحوار مستحيل مع هؤلاء اصبح لزاما ان تكون اللوحة هي المتنفس الذي يعبر عن همومنا لاسيما اننا لا نملك غير الحوار». واكد «كنت اتابع دائما القراءة في مجلات اميركية وغيرها لانني شغوف بالتصوير وفن الاخراج وباللغة الانجليزية ايضا، وكنت غالبا ما افكر كيف اصنع من رامسفيلد عملا فنيا كموضوع مرتبط بالحرب او الاحتلال».
وتابع «رغبت في ان توحي اللوحة لأصحاب الضمائر ان العراق يفوق بتاريخه وارثه ما يسمى الثورة التكنولوجية وغيرها من ثورات». وقال الفنان «قادني القدر صدفة الى العثور على صورة للوزير، وهو جالس في الطائرة رافعا قدميه على كرسي صغير مستغرقا في قراءة بعض الاوراق.. فطريقة الجلوس هذه غير مألوفة لدينا في الشرق، فهي تعبير عن الاستهانة بالموجودين حوله». واضاف محسن «لا أعرف ماذا كان يعني رامسفيلد بطريقة الجلوس هذه.. لكن التفكير في هذه اللقطة كان شاغلي الاكبر.. بدأت اتساءل عما يوازيها كما وفعلا او عما يستحق ان يقرأه الوزير بهذا الشغف».
وتابع «فجأة جال في خاطري ان ما يعادل طريقة الجلوس هذه يجب ان يكون صرحا عراقيا له دلالة ازلية تجمع كل الاطياف في بلاد ما بين النهرين وتراءى لي اسد بابل الذي يجسد الانتماء العميق للتاريخ فضلا عن كونه ارثا انسانيا عظيما».
وقال محسن «بدأت رسم الخطوط الاولى للوحة غير انني رغبت في ان يحمل الأسد معنى آخر غير البعد التاريخي أي فعلا آخر معاصرا يتماهى مع فكرة الحدث ويعمل على اثارة المتلقي وإلا كان العمل ساذجا». ورسم مؤيد لوحة لوزير الدفاع السابق وهو جالس على كرسي رافعا قدميه على حجارة موضوعة أمامه وقد ارتدى حذاء عسكريا ويقرأ اوراقا تعبر عن تاريخ العراق يقوم برميها بعد ذلك غير آبه بها والى جانبه تمثال اسد بابل الشهير.
واضاف «ارتأيت ان تكون قاعدة الأسد عبارة عن رفوف مكتبة بداخلها اسفار لما يتركه عراقيون من ادب وعلم ومعرفة.. ثم تعمدت تهشيم قاعدة التمثال بفعل الحروب المتكررة، ورمي الاوراق متطايرة لتتحول الى طيور بيضاء تحمل الحب والسلام للعالم».
وقال «ما اردت التعبير عنه في اللوحة وبشكل ملخص هو ان العراق بلد عظيم وشعب يملك عمقا وجذورا تاريخية في الحضارة الانسانية ويؤثر فيها.. وقد تعرض هذا البلد للتدمير بحجة اسلحة الدمار الشامل».
كما «اردت القول ان ما حدث يبقي على هذا البلد مهدا للحضارة التي علمت البشرية الكتابة. ففي اللوحة رمز لإنسان معاصر يجسد مقبض الآلة العسكرية التي خلفت اثرا مفجعا والى جانبه قطعة اثرية منذ ازمنة غابرة. وهنا يجب ان نقارن بين العملين».
أما عن علاقة رامسفيلد بالأسد، فقال «الأسد رمز باق لمئات السنين يعبر عن الرقي والابداع الفني لبلاد ما بين النهرين.. اما الشخص فهو دالة معاصرة تنتهي يوما». وتابع «اجمع في اعمالي بين الماضي والحاضر ما يثير في ذات المتلقي اسئلة كثيرة تكون بمثابة استخلاص ونتائج معرفية تقود الاخرين الى استنتاجات معينة». وقد استغرق مؤيد في رسم اللوحة، وهي بقياس 150 سنتمترا عرضا و100 سنتمتر طولا، حوالى الثلاثة اشهر. وردا على سؤال عما اذا كان رسم شخصيات سياسية سابقا، قال «لم ارسم اي شخصية سياسية او عسكرية باستثناء شخصيات التاريخ العراقي القديم مثل نيرام سين وكوديا حاكم لكش وشخصيات ملحمة جلجامش».
(الموضوع منقول من جريدة الشرق الاوسط الاحـد 21 شـوال 1427 هـ 12 نوفمبر 2006 العدد 10211)
الشرق الاوسط