عين على غزة وعين على بغد اد / رسالة جهادية واحدة ضد المحتلين
بقلبم الباحث : عبدالوهاب محمد الجبوري(*)
يعبر العراق وفلسطين عن روح الامة وجوهرها الرسالي وتاريخها وارثها الحضاري في كونها امة حية ، اصيلة ، متجددة ، تتمسك باهدافها ومبادئها وقيمها مهما كانت التضحيات ..
العراق وفلسطين قضية قديمة تعود جذورها الى الاف السنين .. الى ايام النبي ابراهيم عليه السلام .. وهذه الصلة تستمر عبر محطات تاريخية مشهودة ابرز مثاباتها عند الاشوريين الذي اسقطوا ( مملكة اســرائيل ) عام( 721 / 722 ق. م ) وعند نبوخذ نصر الي اسقط ( مملكة يهودا ) عام (586 / 587 ق. م ) مرورا بالفتح الاسلامي عام 636 ق. م وصلاح الدين الايوبي عام 1187 ميلادية وحديثا الحروب العربية الاسرائيلية منذ العام 1948 ميلادية ومن ابرز محطاتها ضرب الكيان الاسرائيلي عام 1991 ب( 43) صاروخا بعيدة المدى من نوعي الحسين والحجارة السجيل وشملت هذه الصواريخ جميع الاهداف الاسرائيلية الحيوية من مقرات عسكرية ومنشات نووية ومقرات قيادة وسيطرة ومنشات اقتصادية وعلمية وصناعية وقواعد جوية وبحرية وبرية ومراكز الدفاع الجوي وغيرها من الاهداف التي بلغت ( 53) هدفا اسرائيليا ، وقد توزعت الصــــواريخ العراقية على النحو الاتي :
( 28 ) صاروخا نوع الحسين على منطقة تل ابيب
( 10 ) صواريخ نوع الحسين على منطقة حيفا
( 5) صواريخ نوع الحجارة السجيل على مفاعل ديمونا النووي
وقد احدثت هذه الصواريخ تاثيرات كبيرة وبالغة بالاهداف الاسرائيلية وباعتراف المسؤولين الاسرائيليين انفسهم ولدينا من الوثائق ما يؤكد هذا وسيتم نشرها قريبا انشاء الله ..
وليس هذا وحده فان مواقف العراقيين القومية تجاه وطنهم الثاني فلسطين وتجاه امتهم العربية مواقف مشهودة ولسنا هنا بصدد الحديث عنها بل للتذكير فقط ، ومن هذه المواقف ما قدمته القيادة العراقية السابقة ( قبل الاحتلال عام 2003 ) من دعم مادي وبشري وعسكري للثورة الفلسطينية والباحث شاهد عيان على ذلك وهو من المشاركين في هذا الجهد القومي ولا منة ولا فخر ، فرغم العدوان الذي كان يتعرض له العراق والحصار الجائر الذي كان ياكل في جسد العراقيين وينهش في لحمهم على مراى ومسمع من العرب قبل العام 2003 ، قدم العراق عبر الاراضي الاردنية كل ما باستطاعته لدعم الاشقاء الفلسطينيين وعوائل شهدائهم ( قدم لكل عائلة شهيد اكثر من 20 الف دولار )والجرحى تعبيرا عن هذا الموقف القومي فقام بارسال الادوية والمواد الانسانية والفرق الطبية لمعالجة المصابين واستضافة اعداد منـــــــهم في مستشفياته .. ولم يقف العراق في حينه عند هذا الحد فقد تقدم الى الامم المتحدة طالبا تخصيص مليار يورو من امواله بموجب مذكرة التفاهم الى الانتفاضة وشهدائها واسس جيش القدس من( 21 ) فرقة عسكرية نظامية تضم متطوعين يبلغ تعدادهم ( 7) ملايين مقاتل من الرجال والنساء ..
وبذلك عاشت فلسطين في قلوب العراقيين وضمائرهم منذ تلك الفترة التاريخية الموغلة في عمق التاريخ فاصبحت قدرهم والميدان الحاسم في صراع الامة مع اعدائها واصبحت كما يصفها العراقيون ( غرة نضال امتنا الدامي )والتي لايمكن تحريرها الا باستنهاض الامة في دينها وذاتها وامتلاكها ثقتها بنفسها ..
لقد عرف عن امتنا انها لم تتوان في تقديم كل ما يتطلب تقديمه من اجل الحق والعدل ، فالحق عندها يعلو ولا يعلى عليه ، ومن اجل ان يحيا الشعب العربي بشرف وعز واستقلال وحرية فقد انتفض ضد محتلي ارضه من بريطانيين وفرنسيين وايطاليين وامريكان وغيرهم ، ولم يبق قطر عربي محتل وفق خريطة اتفاقية ( سايكس بيكو ) الا وانتفض شعبه ضد محتلي ارضه والانظمة العميلة التي نصبها الاستعمار ، فكانت ثورة العشرين وانتفاضات الشعب العراقي ضد المحتلين الانكليز وكانت ثورتا عرابي و23 تموز / يوليو في مصر وثورة الخطابي في المغرب وثورات الجزائر وثورات شعب فلسطين ممثلة بثورة عزالدين القسام وبدأ الكفاح المسلح منذ العام 1965 وانتفاضتي الحجارة الباسلتين وامتداداتهما ضد المحتل الاسرائيلي وما زالت تشهد تصاعدا في بعض مناطق من فلسطين وخاصة في غزة الصمود ، وثورة شعب اليمن على الحكم الملكي عام 1962 والثورة الليبية عام 1969 وثورات شعبنا في الشام والتي انتهت باستقلال سوريا ولبنان وغيرها من ثورات شعبنا العربي ..
ان شعب العراق ( المحتل من قبل الامريكان والقوات المتعددة الجنسية ومعها قوات اسرائيلية من لواء جولاني ووحدات من القوات الخاصة والاستخبارات الاسرائيلية ) وشعب فلسطين المحتل ، هما ضمير الامة العربية وطليعتها ، وهما يقاتلان نيابة عنها ، لذلك نجد هذين الشعبين يتعرضان لاقسى المؤامرات واشد انواع العدوان ، ومن ذلك الحصار والقتل والتخريب والدمار وانتهاك الحرمات من قبل المحتلين واعداء الامة وفي مقدمتهم امريكا واسـرائيل وبريطانيا والمتعاونين معهم ، والذين فرضوا حصارا جائرا على العراق مدة 13 عاما وشنوا عليه اشد الحروب قسوة وايلاما في التاريخ عام 2003 ، حيث تم احتلال دولة العراق وتدميرها بالاخر ونهب ثرواتها وحرق موجوداتها من الارشيف والوثائق الرسمية والتاريخية وسرقة اثارها في محاولة يائسة لالغاء هويتها العربية والاسلامية وترويض شعبها وقتل الروح الوطنية والقومية والدينية لديه تمهيدا لاقامة دولة الرق والعبودية والطائفية على انقاضها ومن ثم ربطها بما سمي بمشروع الشرق الاوسط الجديد ..
اما في فلسطين فان شعبنا المجاهد ، وخاصة ابناء غزة التي تتعرض الان لاقسى اشكال العدوان والحصار والتدمير والتخريب واشعال الفتنة الاهلية ، ما زال يتعرض هو الاخر الى حرب ابادة وتدمير وتشتيت وتجزئة ومحاولة لالغاء الهوية الوطنية والقومية من قبل الحركة الصهيونية واداتها الكيان الاسرائيلي المسخ وقواته المسلحة واجهزة مخابراته وبمـباركة ودعم من الادارة الامريكية وبريطانية وفي ظل صمت عربي مخز ، في ذات الوقت يفرض اولاد الافاعي حصارا بريا وبحريا وجويا على اهلنا في فلسطين ومنعهم من الاتصال بالعالم .. فاسرائيل تحاصر شعبنا في قطاع غزة وتقطع معظم الطرق التي تربطه بالقطر المصري الشقيق ، اما في الضفة ، وان كان الوضع افضل بقليل لكنها ( أي اسرائيل) مازالت تمارس المزيد من الاجراءات العنصرية القسرية ومنها تحديد الدخول والخروج من والى الاردن وتحديد او منع دخول الغذاء والدواء وهنا نستذكر ،على سبيل المثال ، كيف منعت اسرائيل دخول التبرعات العراقية الى الضفة الغربية عبر الاردن ( قبل عام 2003 ) ..
ان موقف الشعب العراقي ، رغم تعرضه للاحتلال ، مازال واضحا وصريحا وهو الدعم المطلق لاشقائه في الارض المحتلة خلال هذه المرحلة وهو معه بكل مشاعره واحاسيسه ولا يتوانى الغيارى منه عن مواصلة الدعم ايا كان نوعه وحسب الامكانيات المتاحة ايمانا منهم بان قضية الصراع والجهاد ضد المحتل سواء في العراق او في فلسطين هي قضية واحدة ، مثلما كانت قضية واحدة عبر مراحل التاريخ المختلفة وستبقى كذلك بعون الله ، ومتى ما توفرت الفرصة لشعب العراق فانه لن يتوانى عن تقديم كل ما يستطيع لاخوته في الدين والقومية والدم والتاريخ والحضارة والمصير حتى تتحقق كامل الاهداف المشروعة لامتنا ويخرج اخر مستوطن ومحتل من ارضنا العربية شاء من شاء وابى من ابى ونحن هنا لن نتحدث عن امنيات بقدر ما نتحدث عن واقع قابل للتحقق رغم المحن والظروف الصعبة فثقتنا اولا بالله كبيرة وليس لها حدود ثم ثقتنا عالية بشعبنا العربي وطلائعه من المقاومة والغيارى والنشامى ، فهؤلاء هم الاحتياط المضموم لوقت الحاجة ومن لايصدق عليه ان يقرا التاريخ جيدا وان غدا لناظره قريب بعون الله ..
**************
(*) باحث واكاديمي منن العراق