خمس قصص قصيرة جدا، للقاص الكبير محمد جبريل
.................................................. ................

(1) لحظـــــــة

أعادت تأمل الشعرة البيضاء . لم تكن رأتها من قبل . تنظر إلى المرآة إذا وضعت المساحيق، أو مشطت شعرها ، أو وهى ترتدى الملابس. ربما تأملت وجهها، أو جسمها كله ، بلا مناسبة . هذه هي المرة الأولى التي تكتشف فيها الشعرة قافزة في الغابة السوداء خلف الأذن ..
غالبت مشاعر متباينة، وإن غاب معناها الحقيقي. دارت بإصبعين كدوامة، حتى اطمأنت إلى اختفاء الشعرة تماماً. تأكدت من البسمة التي لم تكن تغادر شفتيها ..
غادرت الشقة بخطوات بطيئة ..
ثم بخطوات أسرع ..

***

(2) ثــــــــأر

أحاطت بساعديها الطفلين ، واستندت إلى الجدار ..
قال فى لهجة مشفقة :
ــ لا شأن لك ولا للطفلين بما حدث ..
قالت فى خوفها :
ــ لكنك قتلت أباهم ..
ــ إنه ابن عمى أيضاً .. وقد نلت ثأري منه ..
أضاف فى لهجته المشفقة :
ــ لا شأن للطفلين .. سيأتون إلى بيتى ليكونوا فى رعايتى .. فأنا ابن عم أبيهم ..
اتسعت عيناها بالخوف .. والدهشة ..

***

(3) أصداء

ألقى الرجل أوامره ..
قال لنا :
ــ لا تشغلوا أنفسكم .. فالقيادة مسئولة عن كل شئ !..
كنت أعبث بالمقعد تحتى ، أكور الإسفنج ، وأقذف به إلى الأرض ..

***

(4) محطـــــة

صعدا فى المحطة نفسها . واحد من الباب الأمامى ، وواحد من الباب الخلفى . وقفا أمام المقعد الوحيد الخالى ..
قال الأول :
ـ من مواليد كم ؟
قال الثانى :
ـ 22
قال الأول :
ـ أنا من مواليد 21
قال الأول :
ـ أنا أكبر منك ..
قال الثانى :
ـ إذن من حقك أن تجلس ..
وأخلى له الطريق .

***

(5) الثورة

حين وصل إلى نهاية الرواية ، كان مصير الفتاة يشغله تماماً . بدا الظلم أشد مما يستطيع احتماله ، كأنه الموت ، أو أقسى ..
أغلق الكتاب بعنف ، ونزل إلى الطريق ..