من إصدارات دار الهلال قديما :كتاب أزمات الشباب.
تأليف الدكتور: أوجست أيكورن.
Wayward Youth
Ougust Aichorn
تقديم سيجموند فرويد.
العدد 144
ولد هذا العالم النمسوي النابغة فيالسابع والعشرين من يوليو سنة: 1878 بمدينة فيينا عاصمة النمسا.
وهو سليل أسرة كبيرة محافظة, واحترف التربية والتعليم منذ تخرجه في سن العشرين, وكانت النظم شبه عسكرية في جميع المؤسسات التعليمية والاصلاحية فهز ذلك وجدانه ودعاه للثورة, وقام بحملة أمام الرأي العام لإدخال
نظام أقرب إلى العلم والفهم والعلاج الواعي للمشكلات والأزمات التي يتعرض لها الأحداث والشباب.
وأسس مع عدد من صحبه أول معهد لهذا الغرض التربوي والإصلاحي في نهاية العقد الأول من هذا القرن, فكان عملا مبتكرا في ميدانه لم يسبق إلى مثله من قبل, ثم عرف أثناء الممارسة باكتشافات فرويد في التحليل النفسي
فوجد الكثير منها يلائم منهجه العملي , فأفاد منه كثيرا, واستغله في توضيح أفكاره النظرية ووسائل علاجه العملي, حتى وصفه العرفون بأنه الرجل الذي طوع أسلوب فرويد العملي لأغراضه , ولم يتشكل هو بأسلوب فرويد العلمي كما فعل الكثيرون من المعالجين النفسيين.
ومما لاشك فيه, أن نفاذ بصيرته ورهافة حسه وقدرته على تقمص شخصية المريض هي العامل الأكبر في نجاح أعماله وأفكاره.
كلمة الدار.
تقديم سيجموند فرويد:
...لقد اكتشف أيكون ان الطفل يبقى على حاله بغير تغيير تقريبا داخل سرية المريض العصبي, وداخل سريرة الحالم, وداخل سريرة الفنان, وادى هذا الكشف إلى القاء ضوء كثير على القوى الغريزية, والدوافع التي تضفي على الشخص خصائصه المميزة, وهو في اوج نضوجه.
فلاعجب أن يتطلع الناس إلى التحليل النفسي , ويعقدوا الرجاء عليه كي يحقق في ميادين التربية الشيئ الكثير, بحيث نعرف على ضوئه كيف نسوس الناشء ونصل به إلى سبيل النضج السوي ونشجعه ونحميه من تنكب سواء السبيل.
ولم تكن لي في هذا الميدان التطبيقي مشاركة كبيرة, وكنت في صباي أعتقد ان املهن الثلاث المستحيلة هي: التربية والعلاج والحكم, ثم استغرقتني المهنة الثانية استراقا كافيا, وليس معنى هذا طبعا أنني لاأقدر الميدانين الآخرين حق قدرهما متى اجتذبا عناية العاملين الاكفاء ,ولاسيما ميدان التربية.
وكتاب أوجست أيكورن, يتناول جانيا خاصا من جوانب التطبيق العملي للتحليل النفسي في ميدان التربية فذلك الميدان على إطلاقه فسيح الأرجاء.
وقد عمل المؤلف سنوات طويلة في منصب رسمي كمدير لمؤسسات حكومية للعناية بالجانحين من الاحداث والشبان قبل أن يتصل اتصالا مباشرا بمنهج التحليل النفسي.
فكان يعتمد في علاجه لاولئك الشبان على حبه وعطفه القلبي على حالاتهم ,ويهتدي ببصيرة نافذة وفهم فطري سديد لاحتياجاتهم النفسية.
ولما وصل أسبابه بأسباب التحليل النفسي , لم يكن لدى التحليل النفسي شيء كثير يعمله إياه , لم يكن قد عرفه من قبل بصورة عملية , وكل ماهناك أن التحليل النفسي أتاح له مزيدا من النفاذ النظري, والتوضيح وبرر له انتصاراته العملية تبريرا منهجيا ويسر له أن يشرح للآخرين نظريته
بصورة عملية مقنعة.
وليس في مقدورنا بالطبع ان نتفرض أن كل مرب لديه هذه الموهبة الفطرية ولكن تجربة أوجست أيكورن وماحققه من انتصارات اكدت لنا امرين:
اولا: أن المربي بمعنى الكلمة يجب ان يتدرب على التحليل النفسي , وإلا ظل الناشء الذي في كنفه لغزا مستعصيا على فهمه, وخير تدريب على التحليل ماجربه المعلم في نفسه, أي أن يضع للتحليل النفسي فيفهم على ضوء حالته الخاصة المغزى الحقيقي, لمنهج التحليل.
اما التعليم النظري للتحليل النفسي , فلا يتغلغل في العقل بما فيه الكفاية ولايؤدي إلى الإقناع التام.
ثانيا: ان العمل التربوي نوع قائم بذاته , فهو ليس نوعا من التحليل النفسي قد يساعد في حل مشاكل التربية, أما عملية التربية نفسها , ككل فعملية مستقلة , وهذا ليس صحيحا لأسباب عملية فحسب , بل ولأسباب نظرية أيضا, فالتربية هي الأساس والتحليل إحدى وسائلها ولاسيما في حالات الجنوح والأزمات.
سيجموند فرويد.
في التمهيد للكتاب( رغم قدم نظرياته مقارنة بالحاضر)
يذكر اهمية تكييف الغريزة مع الواقع,وأن الغريزة لاتقيد إلا صعورا وجخولا لعالم الحضارة, وهو مايسمى:الطاقة الحضارية للإنسان.
فرويدا رويدا, يروض الطفل غرائزه ليرضخ للمجتمع ,ويعتبر الطريق الوحيد لتحضر الغنسان هو طريق التجرية والمران.
والتربية العلاجية لانحراف الطفل بسبب التربية الخاطئة واعادة تربيته امر خاطئ ويعد امر معالجة العصبية والانفعالات القوية بسبب الكبت ,
وان الوصول للانفعال القوي امر يخضع لقانون المجهود الأقل,أي ان الطاقة تسلك أقل الطرق مقاومة.
ومعنى الكبت هو ان يزج الشخص بالموقف الانفعالي من مستوى الشعور إلى أغوار اللاشعور.
والقوة الخاصصة التي نستعين بها لإقصاء الأشياء غير المرغوب في التعبير عنها من الشعور إلى اللاشعور , هي بعينها نفس القوة التي تحول بين الأشياء المكبوتة وبين الدخول إلى مرح الشعور.وهي التي تسمى بقوة المقاومة الشعورية.
إن العمليات العقلية كلها متداخلة فييما بينها مرتبط بعضها ببعض, وان كل عملية عقلية وكل موقف نفسي إنما هو نتيجة لتفاعل بين مختلف القوى النفسية.
وهذه النظرية ضرورية لمعرفة كيفية تحكم العمليات اللاشعورية في سلوك الشخص.
وهنا يسهل للمربي الكشف عن مصادر خفية للانحراف وان يضع يده على النقطة الاولى التي يبدا منها العلاج الصحيح.
فتكون الخطوة الاولى: استخراج العمليات اللاشعورية التي سببت الانحراف الصحيح, ولنعلم ان المصاب بانحراف نفسي او مرض نفسي لايدركان على الاطلاق سر العلاقة
بين سلوكه الظاهري المنحرف واسباب هذا السلوك الغائر في اللاشعور.
أن التربية فن اهم عناصر هذا الفن هما البصيرة وصدق الإلهام او الحدس.
ويقدر إدراك المربي مشكلات الشباب المنحرف, ونفاذ بصيرته يكون نجاحه في مهمته , وتوفيقه في العلاج.
( الكتاب عبارة عن تجاري ميدانية وكيفية معالجتها ).
ريمه الخاني 6-7-2014