إرهاب الدولة
- الإرهاب عبر التاريخ.
- الفرق بين الإرهاب ونضال الشعوب.
- الصهاينة نموذج لإرهاب الدولة.
*محمد عيد الخربوطلي
بين الفينة والأخرى تظهر في كثير من الأمكنة في العالم أعمال إرهابية ، ويذهب ضحيتها الكثير من الأبرياء ، ومن المؤكد وجود أصابع خفية ومخططات خبيثة وراء ظاهرة الإرهاب التي تثير الرعب بين الأفراد والجماعات وتخلخل أمن المجتمع وتضعف اقتصاده....
الإرهاب عبر التاريخ:
لم يخل عصر من عصور التاريخ إلا وكان فيه مظهر من مظاهر الإرهاب، في صور مختلفة من مكان لآخر ومن عصر لآخر ففي مجتمع الجزيرة العربية أيام الجاهلية كانت القوة فوق الحق، وبقيت القبائل في حروب مستمرة لمدة بسيطة أو لعقود طويلة، ولكن بقي إرهابهم محيطاً بالقبائل المحيطة بهم ولم يتعد غيرهم إلى أن هداهم الله فطهر قلوبهم من الحقد والاستعلاء ونشر الرحمة والعدل بينهم.
وفي بداية العصر الإسلامي ظهرت عدة حركات تدعو للتطرف الديني فمارست القتل والتكفير ضد الغير وتنازعوا فيما بينهم فانقسموا عل أنفسهم وظهرت الفرق العديدة المختلفة الأهداف مما أضعف الأمة.
ومارست محاكم التفتيش في العصور الوسطى إرهاباً فكرياً ضد العلماء والمفكرين والمبدعين الذين كانت أرائهم تخالف معتقدات رجال الدين فتم إعدام كل من خالف رأيهم، حتى الثورة الفرنسية كان شعار قادتها – أن الرعب هو قانون الثورة للخلاص من جميع المشبوهين من أعداء الجمهورية – وهكذا كان –روبسبير- أحد قادة الثورة ينشر الرعب بالتصفيات الدموية لكل أعداء الثورة وإعدام الملك –لويس السادس عشر- بالمقصلة.
وفي القرنين الأخيرين ظهرت تنظيمات إرهابية في إيطاليا (المافيا) واسبانيا (الباسك) وألمانيا ( بادرمانيرهوف) وايرلندا ( منظمة إيرا) والمنظمات الإرهابية الصهيونية مثل الهاغانا – ويرى كثير من الباحثين أن المخابرات المركزية الأميركية قد ساهمت في نشوء كثير من الحركات الإرهابية لمحاربة عدوها السابق الاتحاد السوفيتي وبالتعاون مع جهاز الموساد الإسرائيلي.
الفرق بين الإرهاب ونضال الشعوب:
أشارت مجموعة من القرارات التي أصدرتها الأم المتحدة بجمعيتها العامة ولجانها المتخصصة إلى مفهوم الإرهاب بأنه الأعمال التي تعرض للخطر أرواحا بشرية بريئة، أو تودي بها، أو تهدد الحريات الأساسية أو تنتهك كرامة الإنسان ولكنها لم تشر بوضوح إلى الإرهاب الرسمي أو إرهاب الدولة مع أن وثائق الأمم المتحدة تؤكد أن الاستعمار ومظاهره جريمة وهو ما يسمى بالإرهاب الدولي، وأكدت هذه الوثائق أن للشعوب المستعمَرَة حقاً طبيعياً في النضال بكل الوسائل المتاحة ضد الدول الاستعمارية ، وهي بذلك تمارس حقها الطبيعي في تقرير المصير الذي اعترف به ميثاق ومبادئ القانون الدولي بشأن العلاقات الودية والتعاون بين الدول ، وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم -3103- بتاريخ -12-12-1973- الدورة-28- عدة مبادئ أساسية منها:
- إن نضال الشعوب الواقعة تحت السيطرة الاستعمارية والأجنبية في سبيل تحقيق حقها وتقرير مصير الاستقلال
هو نضال شرعي ويتفق مع مبادئ القانون الدولي
- إن أية محاولة لقمع هذا النضال هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة ولإعلان مبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول.
نستدل مما ورد أن مقارعة الاستعمار والدفاع عن الوطن يحظى بالشرعية الدولية ويأتي في سياق الدفاع عن النفس ويصب في مصلحة السلام العالمي ، وهذا يميز تمييزاً واضحاً بين أعمال التحرير الوطني وبين الإرهاب فلا يجوز اعتبار المنظمات التي تدافع عن وطنها منظمات إرهابية ولا يمكن تسمية المناضلين ضد المستعمر إرهابيين.
إرهاب الدولة الصهيونية المزعومة:
- إن إرهاب الدولة يمثل أخطر مظاهر الإرهاب لأنه أداة سياسة القوة والعدوان والبطش والسيطرة وفرص إرادة الأقوى باستخدام أكبر التقنيات تطور في قتل الأبرياء ، مما يشكل تهديداُ للسلام العالمي وهو أخطر بكثير من إرهاب الأفراد والجماعات وكلاهما شر.
- وأمثلة إرهاب الدولة في عصرنا الحاضر كثيرة ولكن لم تسبق أية دولة إرهابية إرهاب الدولة الصهيونية المزعومة – إسرائيل- فتاريخها مليء بعمليات إرهاب الدولة الكثير منها: غارة قوتها الجوية على مطار بيروت الدولي عام -1968- وتدميرها وحرقها للأسطول الجوي اللبناني المدني بالكامل، ومنها عندما أغارت على العراق ودمرت مفاعله النووي، واحتلالها لأراض لبنان وقيامها بمجازر وحشية ضد اللاجئين الفلسطينيين والشعب اللبناني وغير ذلك مما لا يحصى من جرائم اختطاف واغتيال للمقاومين وقادتهم في أماكن مختلفة من العالم وتصفيتهم داخل فلسطين وكان أخرهم أحمد ياسين والرنتيسي، ولم تترك هذه الجماعات الصهيونية أي مبدأ من مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان إلا وخرقته ولم تعترف به ولم تنفذ أي قرارا من قرارات الأمم المتحدة التي تدينها، وكل ذلك بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية فهي تحظى بحمايتها ومباركتها يكفي أنها استخدمت حق الفيتو أكثر من -78- مرة في مجلس الأمن الدولي لتعطل صدور قرارات تدين الكيان الصهيوني
- هذه الدولة المزعومة هي عقبة السلام اليوم في المنطقة كلها ، إنها لا تؤمن إلا بالإرهاب ولا تعتقد عقيدة سواه حتى أنها تربي أبنائها على عقيدة الإرهاب منذ نعومة أظفارهم وتضع له برامج تربوية تهدف إلى تنمية الإرهاب في نفوسهم وعقولهم وسلوكهم لتبقى الروح الصهيونية في حالة استنفار دائم ضد الغير ،إنه الإرهاب العقائدي الذي يجعل الروح مشبعة بالإرهاب والعداء المستحكم لكل الناس عدا اليهود.
- إن المنظمات الإرهابية الصهيونية بلغت أكثر من ثلاثين منظمة، بدأت بالهاغانا التي أسسها –هرتزل – وقادت الصراع المسلح الإرهابي حتى اغتصاب فلسطين ، ثم نشأت منظمة الأرغون بزعامة – مناحيم بيغن – وكانت ترى أن الهاغانا مقصرة لأنها لا تمارس الإرهاب الكافي لتفريغ الأرض من أهلها، ومنظمة الوحدة -101- الإرهابية التي يتزعمها شارون وهي مشهورة بمجازرها العديدة في لبنان وفلسطين .
- إن إرهاب الدولة الصهيونية لم يتورع عن استخدام السلاح العسكري المتطور والأسلحة المحرمة دولياً والتهديد بالسلاح النووي والكيميائي والجرثومي وأسلحة الدمار الشامل، حتى أنها أحرقت ودمرت المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية معاً.
- علاج ظاهرة الإرهاب الدولي:
إن أول خطوة لمعالجة الإرهاب هي وضع تعريف له وذلك بعقد مؤتمر دولي متخصص لهذا الغرض ويميز في هذا التعريف الفرق بين النضال الوطني المشروع في مقاومة الاستعمار وبين المشروع القائم على احتلال أراضي الغير والاعتداء على حقوق الإنسان، عند ذلك يجب على كل دول العالم أن تعترف به فيتحد المجتمع الدولي في اتخاذ عقوبات صارمة ضد الإرهاب، ومحاربة الجماعات والدول الإرهابية، ويطبق هذا القانون الدولي على الجميع دون تمييز, وعندما تنفرد دولة وتخرج عن هذا القانون يجب معاقبتها كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية بدخولها للعراق دون شرعية دولية فمن الحق أن تعاقب من قبل كل دول العالم وبإجماع دولي.
ومن وسائل علاج ظاهرة الإرهاب اعتماد مبدأ الحوار والتفاهم بين الثقافات والحضارات الإنسانية ونبذ الصراع والتصادم المشهود حالياً.
- وأخيراً إننا لا نوافق على الإرهاب بكل أشكاله وندينه وندعو إلى معالجة أسبابه واستئصالها ليعم العدل الدنيا والسلام العالم، فإسرائيل كلها إرهاب فمن العدل استئصالها بكل وسيلة وعند ذلك سيعم السلام بكل المنطقة وسننعم بالعدل والآمان.

__________________________________________________ ____
*- عضو الجمعية الجغرافية السورية.
عضو اتحاد الكتاب العرب سورية
- عضو جمعية الدراسات والبحوث في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين بدمشق.