لا شك أن ردة الفعل الضعيفة من جانب النظام السوري والثوار والدول العربية، والتي لم تتعدَ الإدانة اللفظية ستشجع الصهاينة على تكرار ما حصل وعلى نطاق أوسع، ولم تكن غارة الجمعة الماضية إلا جس للنبض، وعندما رأت ردة فعل ميتة عاودت الكرة وبقوة أكبر.
ومن يعرف الصهاينة يدرك أنه لن يوقفهم أي حد، فسيواصلون ضرب كافة مخازن السلاح المتطور، وهي تستهدف مناطق حاليًا بعيدة عن خطوط المواجهة بين الثوار والجيش النظامي لكي تضمن استمرار المواجهة، فلو ضربت أماكن تواجد النظام في تلك المناطق فستسهل عملية انتصار الثوار وانهيار النظام، وهو ما لا تريده، لكن في حال بدء النظام بالتهاوي والتفكك فستبدأ بضرب كافة الأهداف المحتملة.
بل وأكثر من ذلك ستسهدف مصانع السلاح السورية وقد تتجاوزها إلى الصناعات المدنية (بحجة أن لها استخدامات عسكرية) لأن المطلوب صهيونيًا هو سوريا مدمرة قدر الإمكان، وما عجزت الحرب عن تدميره فسيتولى الصهاينة أمره.
وقد يغري ضعف الرد السوري والعربي الصهاينة للتوغل البري داخل الأراضي السورية وبناء مناطق عازلة من أجل ضم المزيد من الأراضي السورية، وهذا شيء متوقع من العقلية الصهيونية، فحتى لا تفكر سوريا ما بعد الأسد بالجولان يختلقون لها مشكلة جديدة حتى ينحصر التفكير في كيفية تحرير هذه الأراضي وينسوا أمر الجولان المحتل.
الجيش النظامي السوري منهار ومفكك ولا يستطيع خوض حرب ضد الكيان الصهيوني، لكن بإمكانه التصعيد ضد الصهاينة وإيذائهم بحيث يضطر العالم للتدخل وفرض وقف متبادل لإطلاق النار، لكن يبدو أن القائمين على النظام لا يريدون المخاطرة وعينهم الآن مسلطة على الوضع في الميدان داخل سوريا.
أما حزب الله فقد ورط نفسه بفضل غباء قيادته عندما راهن على دخولة الحرب ولم يضع في الحسبان وجود احتمالات أخرى، وقواته الآن مشغولة داخل سوريا ولا يستطيع خوض حرب جديدة على جبهة الجنوب اللبناني لا عسكريًا ولا سياسيًا، وهذا ما أراح الصهاينة وشجعهم على توجيه الضربات.
كما ينطبق الأمر على إيران التي عزلت نفسها بفضل سياسة الدعم غير المحدود للنظام
وجعل من خوضها حرب ضد الكيان الصهيوني مخاطرة عالية الثمن والكلفة المادية والمعنوية
أما الثوار السوريين فيبدو أن من بينهم من لا يدرك خطورة العدوان الصهيوني، ويظن أن الشعب السوري قد تخلص من بضعة كتائب صاروخية تقصفه ليل نهار، غير مدركين أن الصهاينة يريدون تدمير كل المقدرات العسكرية التي سيحتاجها الشعب السوري في السنوات القادمة (وهي لا يمكن الحصول عليها بسهولة وقد دفع الشعب السوري ثمنها من عرقه وجهده)، فضلًا عن كونها مقدمة لهجمات واعتداءات مستقبلية ستطال مناطق تحت سيطرة الثوار.
لخلاصة:
الحل الأمثل بالنسبة للصهاينة هو إطالة أمد الصراع داخل سوريا حتى تستنزف الدولة السورية وتستهلك مقدراتها خاصة العسكرية، ومع شعورهم بأن نظام الأسد قد اقترب وقت انهياره قرروا تدمير كافة الأسلحة المتطورة التي يملكها حتى لا تقع بيد من سيخلف النظام ، فكل الخيارات سيئة بالنسبة للصهاينة.
وفي المقابل فالنظام السوري وحلفائه لا يستطيعون الرد لأنهم يخوضون معركتهم الأخيرة، وهم ليسوا من الذكاء ليدركوا أن حربهم خاسرة، فسيبددون ما يملكون من مقدرات في معركتهم الخاسرة، أما الثوار فلا يملكون الإمكانيات اللازمة وبنفس الوقت فالاكتفاء بالإدانة اللفظية سيشجع الصهاينة على التمادي أكثر.