منذ عشر سنوات و حتى اليوم يتردد نفس الحوار على الهاتف ، بين أنطوني و ابنته ماريا :
- "داد*".. أرجوك أخرجني من هذه المكان اللعين ...
= طبيبك يرفض خروجك يا ابنتي ، و ليس بوسعي مخالفته ، تصبحين على خير ...
بعد خمس دقائق ، باكية معاتبة.....
- "داد*"... لماذا أغلقت مسرة الهاتف في وجهي ؟
= قلت لك تصبحين على خير .؟.!.....
- أخرجني من هنا يا أبي ، أكاد أختنق !
= سأسأل طبيبك غدا صباحا ...
- طبيبي يكرهني ، كل يوم يضع الكهرباء في راسي فيسبب لي ألما شديدا ، أنقذني من براثنه ، و أخرجني من هنا يا أبي ، لم أعد أطيق صبرا !!!
= ماريا عزيزتي اخلدي إلى النوم ، فأنا أيضا بحاجة إلى النوم ، تصبحين على خير ...
بعد أربع دقائق ....
- "دادي" اريد أن أخبرك ، قبل قليل زارتني أمي و أكدت لي بأنني في تمام العافية ، و لا داعي لوجودي هنا ؛ و تقول لك أعدني إلى البيت في الحال يا أبي !!!
= ماريا يا ابنتي ...والدتك في ذمة الله منذ عشر سنوات .. ألا تذكرين الحادث الذي أودى بحياتها و بحياة ثلاث من إخوتك؟ ألا تذكرين أختيك "جيرالدين و مارلين" ؟ ألا تذكرين شقيقك "مارك" ؟
تصرخ :
- لا أذكر شيئا ، لا أريد أن أذكر شيئا ، فقط أخرجني من هنا !
ثم ...
يزداد صراخها ،
ثم ....
يتحول إلى عويل و هي تردد :
- دعوني و شأني عليكم اللعنة ،
ثم .....
يخمد صوتها مرة واحدة !.
أنطوني في الستينيات من عمره ، متطوع على الدوام لكل المهام بما فيها توزيع طعام الغذاء على زملائه في نادي المسنين ، ودود حتى لتخاله صديق الجميع ، مرح ... ينثر النكات أينما حل ، فيُضحك و يَضحك من أعماق الأعماق حتى لتخاله من أسعد الناس ...
إلا أن "تريز" التي تزوجها منذ سنتين ، تعكس الصورة تماما ؛ فتؤكد للمقربين أنه أتعس خلق الله ، فهو لا ينام إلا قليلا ، و أنها كثيرا ما ضبطته وهو يبكي بصمت ...و على الأخص في أعقاب مهاتفة "ماريا" ابنته نزيلة مشفى الأمراض العقلية.
***************
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
***************
*داد : أب - دادي : أبي
مصطلح أمريكي عند مناداة أو مخاطبة الوالد
***************