حِـبرُ كنعان
لروح فتى كنعان أخي طلعت سقيرق
****
يا أيّها القلمُ المُسجَّى.. في غــَدي
وبقيـّة ُالطـَّيفِ المُعلــَّق ِ.. والصَّدى
بالأمس ِعـَهدٌ أن نـَسيلَ حجارة ً
وقصائدًا
بحقائبِ الأطفال ِحتـَّى نـُحشرَا !
أنـَسيتَ أمسية ً
بحيفا موعدًا..؟؟
وصراع َ مِفـتاح ٍيحنُّ لدارهِ
فعـَلامَ تـتركني وقـلبي حائرٌ؟
ياليلكَ الأطيار ِقـُلْ لي ماجـرى !
ظـَنـِّي بروحكَ تشتهي وطنـًا..
وحبـَّة َبـرتقال ٍ بوركتْ لمَّا سَرى (1)
فتسامقتْ فوق الشَّتاتِ بلهفةٍ
لجـِنان ِخـُلدٍ عـَرَّجتْ لـِتـُحَرَّرَا
لا غـَروَ يا (طلعتْ) !..
فرضوانُ المَليكُ مُـباهلا ًبضيوفهِ
زُفــَّتْ بأكفان ٍ..
تـَلبـَّتْ من فلسطين الثـَّرى
*******
يا (طلعُ) لن أبكي ..
فـَفي عَـينيَّ حِـبرٌ أصلهُ
حيفا ويافا والجليلْ
أهديكَ منه ُعـَبرة ًحـَرَّانة ً
تـَهميْ على أوراقِكَ البيضاءَ..
تـَنـْقشُ راية ً
فالقدسُ في عَينيكَ شاميُّ الهوى
والإِرثُ يا (طلعتْ) على
عـُنقي ثـَـقيلْ
القمحُ والزَّيتونُ والمَسرى..
حكاية ُ شعــبـِنا
والكازُ والسِّمسارُ والسُّوسُ المُحـنـَّط ُفي..
عَـنابر ِضَيعتي
قـَصُّوا ضفائرَغـَزَّتي
والقلبُ يا (طلعتْ) عَـليلْ
فـَعلامَ تـتـركـُني يتيمًا يا أخي
بالله لطفـًا أستعينُ توسَّلا ً
ورَجاؤنا صبرٌ جميلْ
*******
يا (طلعُ) والمِسمارُ يصهلُ في اليمينْ
لـتطارحَ الصَّلصالَ شِعرًا عاشقـًا
غـَزلَ السِّنينْ
والحَـرفُ من كنعانَ فيضُ جِـرارهِ
يَلوي شعاعَ الشَّمس ِأشرعة ً..
لموقدِ جـَـدَّة ٍ
فالكونُ في جوع ٍوخمرُكَ ناضجٌ
ويسوعُ يصرخُ قائلا ً: (2)
كـُلني.. وليسَ بخـبزِها يحيا الحـزينْ
*******
يا (طلعُ) كيفَ تركــتني
والقلبُ تـعـرفهُ ضَعيفْ
والهـِندباءُ شَحيحة ٌ
والحِـبرُ في فصل ِالخريفْ
والبرتقالُ مُعلـَّـبٌ بخرائط ٍ
خلفَ الجدارِ تقطَّعت أغصانـُهُ
والفأسُ تـَسكرُعـُنوة ًبعصيرهِ
والكونُ في طـَرش ٍكـفيفْ
لكنـَّما عَهدٌ عَـليَّ أُبـرّهُ
والسَّعترُ البرّيُ يبقى شاهدًا
فرفيفُ روحكَ حاديٌ
لمَسيرةٍ صوبَ الرَّغيفْ
*******
يا (طلعُ) والعنقودُ يَسفحُ ماءَهُ
ويبادلُ الزَّيتونَ كاساتِ الشّجونْ
و(المِيجَـنا) ترثي أنينَ النـَّاي في
آهاتـِها
ومَناسكِ القـَصبِ الحنونْ
وحَـناجرٌ خاطتْ مع العكـَّاز ِفي صلواتِها (3)
كفنَ الشَّهيد ِتمائمـًا
(طلعتْ) يُغادرُ بَـيتـَنا
الحمدُ يا ربـَّاهُ قدْ شاءَ القـَدرْ
قـَمرٌ يُـبارحـُنا ويتبعهُ قــَمرْ
حَجرٌ يُـفارقـُنا ويَعقـُبهُ حجرْ
لِـيـَلمَّ في العـَبراتِ ذَيَّاكَ الوَترْ
كلَّ المَراودِ والمَكاحل ِوالعيونْ
(وسُهيرُ) تنسجُ حـُزنها (شالا ً) (4)
لـِيـَزْجُـلـَهُ الحَمامْ
ويلفُّ تلكَ الرُّوح ِ لـَـفـَّة َ عاشق ٍ
بين الضُّلوع ِتـُرابُها تـَثـوي ويُـدفـِؤها السَّلامْ
*******
النـُّورُ في عَينـَيْ هُدى أضحى شَحيحًا باردًا(5)
والتـِّبرُ في الميزان ِساواهُ الحـُطامْ
وبقيتُ في حـَدَّيكَ أطلبُ جاهدًا
سرَّ الخلودِ فراعـَني هـَولُ المَــقامْ
فهتفتُ يا ( أنـْكيْ) إليكَ مَـبرَّتي(6)
إنـِّي(كجلجاميشَ) أقسمُ وافيًا
حتى أوافيكَ القيامة َعائدًا
وبجُعبتي وطنٌ وقد هـَجرَ الخيامْ
***********************
(1) الساري سيدنا محمد (ص)
(2) قال المسيح (ع) : ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان
وقال عن الخبز , والخمر هذا جسدي كلوه , وهذا دمي اشربوه
(3) إشارة إلى والدة أخي طلعت وعائلته
(4) سهير ابنة المرحوم ورفيقته في مرضه
(5) الأديبة هدى نور الدين الخطيب ابنة خال المرحوم
(6) أنكي = أنكيدو صديق جلجاميش
شعر حسن ابراهيم سمعون
سوريا 2011
</b></i>