السلام عليكم
التقيته في اتحاد الكتاب العرب الفلسطينيين ورحب بانتاجي الادبي وشد على يدي وافخر اني عربية وانني مازلت ابحث عن الاباء في نفوس كل عربي اصيل....
اقدم لكم كاتب معروف ومخضرم...
واترك النص بين يديكم

حوار مع الأديب الفلسطيني عدنان كنفاني
أقدم لكم اليوم كاتب كبير رائد في فن كتابة القصة القصيرة، وله أكثر من 14 إصدارا منشوراً بين مجموعات قصصية وروايات ودراسات، كما يكتب الشعر والمقالة والخاطرة، وينشر في الدوريات والصحف العربية والمحلية والدولية، وحائز على العديد من الجوائز العربية والدولية، وله حضور في عالم التحليل السياسي وأنشطة أدبية ثقافية كثيرة.
فلسطيني عربي الروح والدم والانتماء، ملتزم بقضايا أمته حتى العظم، وينتهج الشفافية في كل ما يكتب ليصبّ في بحر الالتزام الوطني والقومي والاجتماعي الذي يؤمن به.
ـ بداية أستاذ عدنان كنفاني أتقدم بالشكر العميق لموافقتك على إجراء هذا الحوار الصريح والذي أتمنى أن يقدم جديدا لجمهور الأدب.
ربما كان للسؤال طعم آخر مع تقدم الزمن، وإجابات أخرى على ضوء تجربة تكبر وتنضج أكثر فأكثر، وكما عهدناك صاحب مبدأ قوي وكلمة موجهه وهدف سامي، نبدأ على بركة الله:
لو أردنا أن نقدم اليوم أديبنا الغالي الأستاذ عدنان كنفاني فماذا عساه يقول.؟ وكيف يمكنه تلخيص مشواره الأدبي والإنساني في سطور.؟ وهل هو مقتنع بما وصل إليه الآن.؟ وماذا طرأ من تغييرات على أفكاره وقناعته مع الزمن..؟
ج) أن تقدميني فقد فعلتِ، ويشرّفني دائماً أن أنتمي إلى الأمة العربية كفلسطيني، وككاتب أديب أتمسّك بأصولي وثوابتي الوطنية والقومية والتاريخية والتراثية، وأنتمي بجدارة إلى صفّ الشعب، أرجو أن أكون قدّمت القليل من الكثير الذي يجيش في صدري.
أما عن مشواري الأدبي فهو طريق بدأته لكنني أكتشف في كل يوم أن ليس له نهاية، وما دام في صدري قلب ينبض سأبقى أمشي ذلك الطريق، أحاول أن أطوّر نفسي وأدواتي وفهمي لمسألة الحياة بكل ما فيها من صخب ودلالات وشجون، أتمنى أن أصل ذات يوم إلى حالة من الرضا عن نفسي ونتاجاتي.
القناعة مسألة كبيرة، وقد تنتمي بشكل ما إلى شيء من النرجسية الذاتية إذا وصلت بالإنسان إلى قناعة مطلقة بكل ما يأتي منه، وهذا أمر صعب التحقيق كما أرى، أنا باختصار أجتهد وأطّلع وأتابع كي أكون في دائرة الحياة.
الزمن يجري إلى الأمام، ومع جريانه تتحرك الأمور بكل الاتجاهات صعودا وهبوطاً، أعني الأمور التي تخص حياة الإنسان سواء كانت وطنية أو سياسية أو اقتصادية أو ثقافية، وبطبيعة الحال في كل مرحلة قد تتبدل القناعات بالأشخاص أو بالسياسات لكن الأمر الذي لن يتبدل بالنسبة لي على الأقل هو إيماني بالشعب وبالثوابت الوطنية والدينية والقومية والأخلاقية لأنها هويتنا كأمّة ليس لنا من خيار إلا أن نكون أحياء تحت هذه الشمس.
ـ لو جاز لنا أن نتعرّف من خلالكم على اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، إنتاجا وأعمدة أبيّة راسخة، وكمؤسسين، فكيف يمكنك اختصار مشوارهم الرائد.؟
ج) اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين قد يكون التجمّع الأكبر والأبقى "والأفقر" للمثقفين الفلسطينيين في الشتات، شعراء وناثرين وباحثين وفنانين وصحفيين، متجمعين حول مبدأ لا يتبدل وهو روح فلسطين بترابها وتاريخها وتراثها وحدودها الجغرافية، متمسكين بالأصالة بكل قيمها.
يعبّرون من خلال نتاجاتهم وندواتهم ونشاطاتهم عن ذلك، وينشرون الفكر المنتمي إلى الأدب المقاوم توريثاً للأجيال القادمة، ويرعون المواهب المبشّرة والشابّة، وستجدين بين أعضائه وظهرانيه أدباء أستطيع أن أقول بثقة أنهم حقيقية طليعة مثقفي هذه الأمّة شعراء وكتاب وباحثين وفنانين وصحفيين.
ـ أدب المقاومة نتاج طبيعي للشعوب الأصيلة كفعل مقاوم ومتصدي للاحتلال، وقد أنتجت مأساة فلسطين القضية المركزية للأمة العربية أدبا مقاوماً وضع أثره وبصماته على جغرافية القضية ليس فلسطينيا فقط بل وعربياً وإنسانياً، هل يمكن أن تشرح لنا مراحل تطور هذا الأدب، ونتاجاته على الساحة، وأثره.؟
ج) نعم.. أدب المقاومة هو الوجه الباهي للأدب في وقتنا الحاضر، ولعلك تتابعين بأنه أصبح البوصلة التي يهتدي بهديها الشعب العربي، وهو كما قلتِ نتاج طبيعي لحالة الظلم والقهر التي نعيشها تحت وطأة الغزاة والمحتلين والمتجبرين بقوة الآلة العسكرية، المتنكرين لأبسط القيم الإنسانية، إذن أدب المقاومة هو أدب الحياة، أو من المفترض أن يكون أدب الحياة، وهو كما أرى الممثل الرسمي لضمير الناس المقهورين والمظلومين والبؤساء، وقد كان له الأثر الأبقى في الحفاظ على الذاكرة الوطنية بكل ما فيها من تاريخ وأحداث وصور باهرة، وهو أيضاً أدباً مؤرّخاً لحقبة من حقب الزمن الذي يخصنا ويخصّ وجودنا، وأنا بذلك لا أتكلم عن فلسطين فقط بل على العالم العربي بأكمله فنحن بالمحصلة ومهما قطعت فينا سكاكين الظالمين أمّة واحدة وشركاء في المصير، وكأمر طبيعي وحيّ ومتحرك فهو أعني (الأدب المقوم) أيضاً يتطوّر باستمرار، ويتابع باستمرار، ويستولد من رحمه ثقافات جديدة منها على سبيل المثال ثقافة الأسر، وثقافة الصمود وثقافة الاستشهاد ولك أن تمضي إلى أبعد أبعد من ذلك.
ـ ظاهرة المنتديات بدأت منذ أكثر من 6سنوات وتضخمت بشكل كبير وغير متوقع.. هل قدمت ما كنا نرجوه.؟ أم نحت منحى آخر مخيب للأمنيات.؟ أم مازال هناك من يسعى للأفضل.؟ كيف يمكنك تقديم نتائج تجربتك، وما رأيك بمن يحاول رفع رايته وسط الغث الكثير بينها.؟ وما دامت ثقافة النت هي الوسيلة الحضارية الأحدث والأكثر رواجا حاليا، كيف يمكننا تهذيبها كي نبتعد عن الابتذال.؟ وماذا نقول لرافعي راية شعار النت لهدف ثقافي سامي.؟
ج) لم أكن أتمنى أن تسأليني هذا السؤال فلي فيه وجهة نظر قد تكون قاسية، لكنني سأحاول أن أبسّط فهمي لهذا الأمر.
عالم النت وافد حديث على عالمنا، وهو اختراع رائع بكل المعاني، لكنه أيضاً وكما كل شيء سلاحا ذا حدّين أحدهما مفيد والأخر مسيء، وللأسف فقد جنحنا بالأكثرية إلى الجانب الأسود.
طبعا هذا الأمر يخضع لكثير من المسببات لعلّ من أهمها محاولة غزونا ثقافياً وتدمير تراثنا الثقافي وهويتنا الدينية والقومية وأصالتنا الأخلاقية، نجد في النت وفي المنتديات التي انتشرت كما تنتشر النار في الهشيم هبوطاً رأسياً للمستوى الثقافي الحقيقي في مجتمعنا، فهو وسيلة للنشر لكل من هب ودب دون رقيب ودون حسيب، والطامّة الكبرى في التسويق الذي نراه منافقاً ومجاملاً ومشبوهاً بين من يكتب ومن يعلق ويصفق حتى للهراء الذي نقرأه فيها، وأكثر ما يثير اشمئزازي حقاً آلاف الأسماء الغريبة المستعارة التي يتوارى خلفها من يكتب وينشر ليسرح كيف يشاء وهو كاللص يتحرك في ظلام، سرقات أدبية كثرة لا تعد ولا تحصى تحدث في زواياه، ومحاولات لعلاقات غير سوية وخاصة بين الجنسين، ونفاقاً غير معقول، ومستويات هابطة لا تمثل أدنى درجة من درجات ثقافتنا، وللأسف نجدها تتجول بيننا وتسوّق لنا كل هذا الهزيل الهابط على أنه ثقافتنا.
نستطيع أن نجعل من النت والإنترنت وسيلة شريفة ومفيدة إذا تضافرت جهود الجميع ، أعني مؤسسات الدول التعليمية والإعلامية والتربوية والثقافية وكذلك الأفراد والأسر، والتجمعات الثقافية، هو جهد عام يجب أن ينشط الجميع لتحسين الصورة.
ـ نتابع بحمد الله ولادة مستمرة ومتجددة لأقلام شابّة تظهر بعضها ملفت ومهم وبعضها غث ومسطح وقد تكون الأكثرية على مشهدنا الثقافي، ولو تساءلنا كأمّة كبيرة وعريقة، هل يكفي جهد الأدباء للنهوض بقضايا الأمّة.؟ وهل هذا الذي نتابعه ظاهرة صحية تحسب لنا أم علينا.؟
ج) هذه من فطرة الحياة، فلا حياة لأمّة لا تستولد من ذاتها رموزها ومبدعيها، لكن وهنا أجدها مناسبة لأقول، آن للأسماء الكبيرة التي تحنّطت أن تفتح الساحة للقادمين المبشرين الواعدين، وأن يتخلوا عن نرجسيتهم وتصديهم لكل قلم جديد مبدع مهما كان، وأن يتخلصوا من الكراسي الملتصقة بهم، وأن ينزلوا قليلاً عن بروجهم المنصوبة في كل مكان تتوجهم أوصياء على ثقافة الأمّة وقد استهلكهم الزمن.
نعم.. المثقف هو ضمير الناس، والمفترض أن يكون البوصلة التي يسترشد بها السياسي لا العكس الذي يحدث اليوم ويطوي الكثير من المثقفين في عباءة ومصلحة وخطاب السياسيين، ويطحننا اليوم وأعتبره أحد أهم تراجعنا على كل المستويات
ـ ما رأيك بالتجربة الأدبية الجديدة لجيل الشباب؟
ج) تجربة الشباب اليوم متواضعة لكنها تسعى إلى الحداثة وهذا أمر طبيعي، لكنني أعود وأؤكد على ضرورة منحهم الفرص الكفيلة بتحقيق نجاحهم.
ـ أخيراً أديبنا الغالي ما هو السؤال الذي تأمل أن تُسؤله وما زلت تنتظر.؟
ج) هي أسئلة كثيرة طبعاً لا يمكن أن تختزل بسؤال واحد لكنني أجد أهمها على الإطلاق ما نعيشه اليوم من أحداث، وسأقول.. ليس لنا إلا أن نبقى على قيد الحياة، ونصنع انتصاراتنا بدمائنا، واليوم.. هذه المقاومة الباسلة الكبيرة العظيمة في فلسطين وفي لبنان وفي العراق وفي كل مكان من أرجاء وطننا العربي تحمل شرفنا وشرف الأمّة، وتصنع تاريخنا الحديث.
والنصر لنا، وهذا إيماني المطلق والكامل.
شكراً لكم
ـ دمتم لنا ذخراً