جينات بشرية في الفئران باسم العلم
انتجت لنا الفئران الفائقة

العبث البشري بدأ في الجينات باسم العلم وزراعة أعضاء معدلة غير بشرية ( غريبة عن الجسم ) مع حلول العام 2010

يقول الكتور توماس أسينر أستاذ علم الأحياء ومدير معهد الأبحاث البيئية الكيميائية في جامعة كورنيل : " نتيجة الإنجازات الأخيرة في الهندسة الوارثية فإنه لا بد من النظر إلى الجنس البيولوجي على انه مخزون من الجينات يمكن انتقالها فالجنس الحي ليس مجلداً جاهزاً في مكتبة الطبيعة . إنه كتاب اوراقه غير مربوط بعضها ببعض وهكذا فإن صفحاته وهي الجينات يمكن أن تكون متاحة لعمليات انتقال وتعديل مختارة مع أجناس حية أخرى ".

وهذا يفسر الفلسفة والثورة التقنية الحيوية في الوقت ذاته فهي طريقة في التفكير لخلق رؤية للطبيعة وطريقة للتدخل فيها .وطريقة لتنظيم الحياة وتغيير شكلها انطلاقاً من الجينات .

يقول العلماء إن نمط حياتنا ستغير على الأرجح في جوهره خلال العقود القليلة المقبلة وبشكل
يفوق ما حدث في الألف سنة المنصرمة مجتمعة وبحلول عام 2025 قد نعيش نحن وأبناؤنا في عالم مختلف عن عالم عرفته الإنسانية في ماضيها .

كما أن العديد من الممارسات والمتعلقة بالجنس والتكاثر والولادة والأبوة قد تهجر جزئياً كما ستتغيير مفهوماتنا الخاصة بالمساواة والديمقراطية والإرادة الحرة... على سبيل المثال

يختار بعض الأباء أن يحمل أبناؤهم في أنابيب الاختبار وفي أرحام صناعية خارج الجسم البشري لتجنب مصاعب الحمل ومشاقه . ويمكن إحداث التغييرات الجينية في الإجنة البشرية وهي في الإرحام لمعالجة الأمراض والإضطرابات القاتلة . وإنجاب أطفال يتمتعون بمزاج أفضل وسلوك وذكاء وخصائص بدنية أفضل . كما يمكن للإباء والأمهات ان بختاروا خصائص معينة لطفل المستقبل ( مولود بخصائص معينة باسم حضارة تحسين النسل والوصول الى النموذج الكمالي من البشر ) .

تطبيق على التقنية الحيوية الكرموسوم الصناعي :

ففي نيسان من سنة 1997 أعلن الباحثون في كلية طب كيس ويستون ريسيرفالجامعية بمدينة كليفلاند فيولاية أوهايو الأمريكية ؛تخليق أول كروموسوم بشري صناعي .
وأشاروا أن هذا الإنجاز العلمي بداية لحقنها في خلايا الإنسان لاحقاً لتعديل البنية الجينية سواء الجسدية أو خلايا الخط الجيني . ومن الشركات التي تمتلك حقوق ملكية هذا الإنجاز شركة أثير سيس التي يقع مقرها في كليفلاند . مما يجعل قيمة هذا الكروسوم عاية كتقنية طبية وكسلعة تجارية . وهذه صورة من التلاعب بالإجنة وبطرق صناعية .

تقنية زراعة الأعضاء الدخيلة في البشر :

أجرت شركة نكستران وأليكسيون بتجارب سريرية متصلة باختبارىفاعلية استخدام كبد الخنزير المهجن جينيا خارج جسم المريض . للمساعدة على علاج المرضى الذين يعانون فشلا كبديا حاداً . والشركة الآن في انتظار المتبرع المناسب لإجراء التجربة .ويقدر المدير التنفيذي للشركة ثمن الكبد المهجن الى مبلغ قد يصل الى 18 ألف دولار أمريكي للكبد الواحد وتقدر شركة سالومون برذرز وهي من شركات وول ستريت الإستثمارية أن أكثر من 450 ألف فرد في أنحاء العالم سيقومون بزراعة أعضاء معدلة غير بشرية ( غريبة عن الجسم ) مع حلول العام 2010 . ويقدر أن تتجاوز القيمة السوقية لصناعة زراعة الأعضاء 6 مليارات دولار أمريكي .

كذلك قدمت الثورة الحيوية الخاصة بالإستنساخ فرضية وهي قد يصبح الإستنساخ بديلا جزئيا ً من التكاثر للمرة الأولى في التاريخ فالمستنسخات الحيوانية المهندسة وراثياً بطريقة معينة والمنتجة إنتاجاً جماعيا ً قد تشكل مصانع لإفراز كميات هائلة من المواد الكيمائية والعقاقير غير المكلفة في دمها ولحمها لاستخدامها في البشر مما يعني أن نرى الإنسان/ الحيوان المهجن . وقد يصبح الشمبانزي / الإنسان . ( نصفه إنسان والنصف الآخر شمبانزي
ففي عام 1983 أدخل رالف برينستر من كلية العلوم البيطرية في جامعة بنسلفانيا جينات هرمونات النمو البشرية في أجنة الفئران وكانت النتيجة أن الفئران الوليدة ظهرت عليها أعراض الجينات البشرية إذ نمت وكبرت بسرعة تعادل ضعف سرعة نمو أي فأر أخر . وسميت الفئران الفائقة . وهناك الى الآن سلالة منها تظهر أعراض النمو البشري .

كذلك انتشار تقنيات الإخصاب خارج الرحم بداية لمفهوم الأم البديلة الذي لقى رواجاً تجارياً واسعاً في العديد من الدول الغربية . فالأمهات البديلات يوقعن عقوداً مع عملائهن عادة بتكلفة قدرها 10 آلاف دولار أمريكي أو أكثر لفترة الحمل الممتدة لتسعة أشهر . فتؤخذ بويضة من الأم البديلة لتخصب مع مني الرجل المتعاقدة معه ويزرع الجنين المجمد في رحم البديلة لتقوم بعملية الحمل . وولد من هذه التقنية في أمريكا حوالي 4 ألف طفل . هذا العبث بالمني والبويضات والأجنة خارج الرحم يفتح المجال أمام فرص وأنواع من العبث البشري في فرص التناسل الجديدة .
حتى فترة وجود الطفل في الرحم اختزلت من 9 الى 6 أشهر.

وهذه بداية لتطبيق فكرة أطفال خارج الأرحام تماما من فترة الحمل حتى الولادة إنما العقبة الوحيدة للفكرة هي أن الرئتين تكونان غير مكتملتين بعد وعليه فإنهما غير قادرتين على التنفس . لذا فيقترح العلماء رحما صناعية ممتلئة بالمشيمة .

قضية القولبة والتمييز الوراثي :



يعتقد بعض المهندسيين الوراثيين أن الأرستقراطية الوارثية المستقبلية حتمية في الوقت القريب بإشارة الى طبقتين من البشر بيولوجيا ً ؛ الطبقة الغنية جينيا ً والطبقة العادية جينياً . فقد تم تحسين أفراد الطبقة الجينية التي تشكل 10% من السكان بالجينات الاصطناعية وهم الذين سوف يصبحون حكاماً للمجتمعات وتضم هذه الطبقة رجال أعمال و موسيقيين وفنانيين ورياضيين ومثقافيين . حيث أن كل فئة منهم محسنة بجينات اصطناعية تسمح لهم باللنجاح في مجالهم المتفوق . ومن ضمنهم علماء تم تحسينهم بصفات وراثية خاصة تزيد من قدراتهم
العقلية بصورة كبيرة جدا .أما العاديين جينيا فهم كعمال أو مزودي خدمة متدنية الأجر .

إن مفهوم القيمة الجوهرية والجنس الحي قد تم رفضهما على نحو صريح من قبل يعض علماء الأحياء الجزيئي الذين يعتقدون أن مثل هذه المصطلحات إنما هي من عالم التصوف وليس لها مكان في مناقشة القضايا العلمية فقد قال الدكتور ماكسين سينجر من هيئة المعاهد القومية للصحة : " إن التاريخ من جاليليو وحتى ليسينكو قد علمنا أن الصوفية لا يمكن أن تعطي منطقاً وسياسية عامة حكيمة في القضايا العلمية ... " .

نظرية التوازن المقاطع :

وفق بعض النظريات كنظرية التوازن المقاطع تتطور بعض الأجناس الجديدة في الغالب في عزلة تامة عن سلالة الأبوين . وهذا سيكون تطبيق في العصر التقني الحيوي حيث يهتم العلماء بتخليق كائنات جديدة ناقلة للمادة الوراثية من جراء معالجة المادة الوراثية في بيئة مختبرية معزولة كلية ثم إطلاق المخلوقات الناقلة للمادة الوراثية في أنظمة الأرض البيئية المتعددة . إذ لم يعود ينظر إلى الكائنات الحية من البشر والطيور والحشرات ... الخ بالطريقة
التقليدية بل بوصفها حزم من المعلومات الوراثية وفرغت من محتواها الجوهري الى رسائل موجزة مقابل ثورة الجينات ( او ما يسمى بالذهب الأخضر ) . وحل مفهوم البقاء للأكثر معرفة فجأة محل مفهوم الدارويني القديم البقاء للأصلح . ولم يعد ينظر الى الطبيعة بوصفها مجموعة من القيود بل كعملية للتقدم الخلاق . إي ان الطبيعة تتشكل من جديد عن طريق البشر كمهندسيين للمصير البيولوجي الخاص ولبقية الطبيعة بإلتفاف نفسي مستخدمة مصطلح الإبداع ولتبرير الإختراقات اللأخلاقية مستخدمة الذكاء الإصطناعي . فثمة عدد من العلماء يرون أنفسهم مهندسيين للتطور الجديد للجنس البشري في حقل الوراثة نجده في كتاب ( إعادة بناء عدن ) .

الجينة أيقونة ثقافية واجتماعية :

وأصبحت الجينة أيقونة ثقافية وإجتماعية فتلخص نلكين وليندي وضع الجينة الحالية :"
والجينة هي ... استعارة وهي وسيلة ملائمة لتعريف الشخصية والهوية والعلاقات بطريقة مفيدة اجتماعيا ً . وبالطبع تسنخدم الجينة في تفسير الحالة الصحية والأمراض غير أنها طريقة أيضا ً للحديث عن الإثم والمسؤ والمسؤولية والسلطة والإمتياز .. لقد اصبحت تستخدم للحكم على أخلاقية أو مدى صواب النظم الإجتماعية . " . هذا ينقلنا الى الموروث الفكري في العقل سواء في بحثه عن جنة الخلد في الأرض وانحرافه من العقيدة السليمة الى جنة من صنع يده وفق حواسه وحواسيبه . وموروث الأنا التي تعزل عن الوجدان الإجتماعي والنفسي . وتحاول تلويث الفطرة بمبررات المختبرات والمعامل ومفاهيم الجمال والقوة والذكاء .

ثم الرجوع او الإنتكاس البشري أمام بنيان الجسد حيث أعطى نفسه الحق في وجهاته الهندسية لتطال البشر والحيوان بعدما اخترق الطبيعة بعبثية لم يعرف عقبها بعدعبثية مصانعه التي أدت الى ظهور الإنحباس الحراري فلم يكتفي ولم يتوقف بل امتد الى مفاهيم حساسة وروابط تعين على الوجود الإنساني ومنها الروبط الأسرية وما علاها بإسم اندثار الذكورية لصالح الأنثى التي ترغب بحمل غير مرهق او استخدام الذكورية كجزء ( الحيوان المنوي المجمد ) او تحسين الوضع الإقتصادي للإم البديلة مقابل حفنة من المال .
إذن نحن أمام أطفال ومخلوقات بشرية مهجنة او محرومة من الطبيعة التقليدية أو مستخدمة كقطع غيار تتسابق عليها الشركات التي نجحت في تسويق البشر كأي سلعة أمام غريزة التوحش والتملك الأناني ومبدأ الإنفصال عن الآخرين باسم الجودة البشرية والطبقة الآغنى جينياً . هي عادت الى عصر حجري في تحجر وتجمد للمفاهيم الثقافية فهي تحاول ان تقنعنا من جديد ام العامل الوراثي المصنع او المسروق او المبدل هو المشروع لتقنيات القرن الحادي والعشرين وعملت على إسقاط دور البيئة والتربية والثقافة والحضارة القادمة من الأزمنة الماضية حيث اختزل البش إما جينياَ او نسخ واستنساخ فكأنها تحسن ثقافة الرقم والعدد ولا تعرف ان البشر مدد .
إنما سحر العلم والمعرفة طغى في بعض المعامل والعقول
مهدداً يتلوث بيئي جديد من خلال الإنسان نفسه وحاول صنع السوبرمان أو حاول أن يقلد البغل الهجين . ما ذكرته هو حقائق علمية موجزة مما كتب ومما لم يعلن فالعالم يرى هذا الواقع من خلال أفلام السينما التي تحاول ان تنقل المستقبل القريب خاصة أفلام الخيال العلمي التي تنقل صور لكائنات مهجنة من بشر او حيوان معالجة للناس عند ظهورها فالنفس لئلا
تصدم بالواقع غير معتادة عليه تعالج المعلومة تدريجيا ولو عن طريق الخيال لتستقبلها عتية القبول والإقناع .

وأخيرا أمام ماذكر ماذا يمكن أن نقدم للإجيال المسلمة والعربية بكل أطيافها وعقائدها ؛ بداية ألجأ لمفهوم ديني وتربوي قد يفتح المجال لنعالج ما التهاون العلمي في الجسد العربي وترك مفاهيم أصيلة علينا تبنياها قبل أن تتسارع عجلة العبث البشري في قطار لا يدرك محطاته
ومن يركب في قاطرته بأشكال بشرية . ومنها الإهتمام بمفهوم ومبدأ استشراف المستقبل
حيث أن هذا البحث يدور في فلكه
الكاتبة وفاء عبد الكريم الزاغة