تأكيد الثقة وحرية التعبير عن المشاعر

د.عبد الستار إبراهيم

أستاذ العلوم النفسية واستشاري الصحة النفسية والعلاج النفسي / الظهران
من الجوانب الشخصية التي تبين إرتباطها بالنجاح أو الفشل فى العلاقات الإجتماعية ، ما يسمى بالتوكيدية ASSERTIVENESS أو تأكيد الذات ، أو ما أطلقنا عليه في موقع آخر حرية التعبير عن المشاعر ( إبراهيم 1995 ) .

يشير مفهوم تأكيد الذات إلى خاصية تبين أنها تميز الأشخاص الناجحين ، من وجهتي نظر الصحة النفسية والفاعلية فى العلاقات الإجتماعية . كان أول من أشار إلى هذا المفهوم وبلوره على نحو علمي ، وكشف عن متضمناته الصحية ، هو العالم الأمريكي " سالتر " ( Salter 1994 ) الذي أشار إلى أن هذا المفهوم يمثل خاصية أو سمة شخصية عامة ( مثلها مثل الإنطواء أو الإنبساط ) ، أي أنها تتوافر في البعض فيكون توكيدياً في مختلف المواقف ، وقد لا تتوافر في البعض الآخر ، فيصبح سلبياً وعاجزاً عن توكيد نفسه في المواقف الإجتماعية المختلفة . وجاء بعده " ولبي " ( WOLPE , 1958 ) و " لا زاروس" LAZARUS 1966 اللذان أعادا صياغة هذه الخاصية ، بحيث أصبحت تشير إلى قدرة يمكن تطويرها وتدريبها ، وتتمثل في التعبير عن النفس والدفاع عن الحقوق الشخصية عندما تخترق دون وجه حق . ومن ثم أشارا إلى أن بإمكان أي فرد أن يكون توكيدياً في بعض المواقف ، وسلبياً في مواقف أخرى . ومن ثم يكون هدف العلاج النفسي أن ندرب الفرد الذي يعاني من المرض النفسي أو العقلي ، على أن يتطور بإمكانياته في التعبير عن التوكيدية والثقة بالنفس فى المواقف التي كان يعجز فيها عن ذلك . ونظراً لما تمثله هذه الخاصية من أهمية في فهم الإضطراب النفسي ، فقد تحولت الأذهان في الفترات الأخيرة إلى إبتكار كثير من البرامج لتدريب هذه القدرة . وبإبتكار هذه البرامج أصبح بالإمكان التخفيف من كثير الأعراض المرضية ، التي يلعب فيها القصور في المهارات الإجتماعية أحد العوامل الرئيسة ، بما في ذلك القلق والإكتئاب . ويمثل برنامج تدريب المهارات الإجتماعية وتدريب القدرة التوكيدية والمستخدم فى العيادة السلوكية بكلية الطب ، جامعة الملك فيصل تحت إشراف المؤلف ، أحد هذه البرامج التي أثبتت الخبرة فاعليتها في البيئة العربية ، وقبل الدخول في تفاصيل هذا البرنامج ، نشير فيما يلي إلى بعض الحقائق الخاصة بمفهوم التوكيدية ، وكيفية قياسها .