قصيدة لم تجدْ ورقا


إلى قصيدةَِ قلب ٍ لم تجدْ ورقا=أو مكتباً يـَتـَشَهَّى سطرَ مَنْ عَشِقـَا
فيمَ اعتذارُك عن ليل ٍ ضربتِ له=وعدا، وأخلفتـِه عن موعدٍ حـَدَقـَا؟
أمـَّا وقد حان لومي،غيرُ معترف ٍ=لولاك، فاللومُ غيرَ النوم ِ ما سرقا
بيني وبينك لا تكفيه خابية ٌ=أو حانة ٌ وفرَّتْ للصحوة ِ الرَّمقا
والشعرُ يـَجـْفـُلُ حتى لا أُدَجـِّنـُهُ=مني، وقدْ هـَجـَّرَ الأحلامَ وانطلقا
من حيث يلقاك طفلا شاب خاطره=وفيه يـُتـْمُ امرئ عن ثغره افترقا
وقدْ خرجتُ اتقاءَ الهمس ِ عن شفتي=فهل آتاك حديث بالرضا اختنقا؟
سـُكـْرِيْ تـَقـَهـْقـَرَ والتفـَّتْ مشاربـُه=حولَ اندحارٍ أتى للصيف مرتزقا
وفي مباهلةٍ قـِيْمَتْ على خجل ٍ=تـَقـَدَّمَ الصفحُ من أطرافنا نـَزِقـَا
أعارني الليلُ كرَّاسـا ًوحَنْجَرَةً=وما استطعتُ بما يُهديه أنْ أثـِقـَا
***=****
أيا قصيدة صبح مات أو خنقا=لا بد من صرخةٍ تحيي به الخلقا
وقد عزمتُ على تهريبـِها،جمحتْ=عني فأرسلتُ في آثارها القلقا
فقادني من شمال النبض نحو يدي=وجه مع العفو والأعذار ما اتفقا
لو كنتِ جنبي أيا أعنيك ِلانتبذت=عيناي قبلَ دخولي نكبتي الخـِرَقـَا
صرعى عيونُ البكاء المُسْتـَحِقِّ دما=فهل تعود بشمس ٍ تـُوْقـِظـُ المؤقا؟
أوَّاه منذ ارتكابِ الصمت حنجرتي=أو كادَ،عاثَ النوى في غـَـصَّتـِي طـَلـِقـَا
قلبي إلى غزةَ المجنون ِ سائلها=ماذا؟سيدركـُه حيثُ الكرى مـَرَقـَا
بأيِّ أطيافِ هذا الجرح قيـَّدني=عشقٌ ومبْدَؤُهُ في قيدهِا وَثـَقـَا؟
قد أطفأ البدرُ قبلَ الليل طلـَّتـَهُ=حزنا عليك ولم يحفلْ بما احترقا
والشعر من أجلك استرضيت نفرتـَه=فعاد حولَ دواة ِ الرفض ِمـُنـْغـَلـِقـَا
وأخلفتني يراعا كانَ يجمعنا=والهمُّ ثالثـُنا لم نـَغـْتـَصِبْ شـَفـَقـَا
شـَدَّتْ إليك سبيلي كلَّ أزمِنَتِي=فعدتُ أدراجَ عُمْريْ أحملُ الطـُّرُقا
وما تـَوَسـَّلـُتُ إلا الحزنَ يَصْحَبـُنِي=حيثُ الطفولة ُ تـُقـْصَى للأسى مزقا
وكدت أحرقُ في ركن ِ الغياب دمي=لكنَّ قلبي إلى غاباتـِه سـَبـَقـَا
ها قدْ دخلتِ مجالَ الحـُلـْم ِ سيدتي=فهل عَرَفـْت ِ سواه اليومَ محترقا؟
عودي إليَّ لقد هيـَّأتُ متكأ= والشوقُ أحنى لمن أكـْبَرْنـَهُ العـُنـُقـَا
بين الضلوع حصى عمري أقلـِّبُها=ولا أزيد لها مسَّا لتنسحقا
أين المواعيدُ هل غارتْ دقائِقـُها=في مُوْحِلِ الهجر،أم وقتُ الهوى نـَفـَقـَا؟
يا .. صرتِ ملهمتي ما بالُ مكتبتي=جَفـَّتْ وغـَزَّةُ لم تـُسـْقـِطـْ لها ورقا؟
حتى الكلامُ بلا مأوىً يلوذ به=إنْ هبَّ شعري وأمسى بالصدى زلـِقـَا
أعرتـُهُ صَفـَحَاتٍ كان خبـَّأها=بالأمس صمتي ،ولم يبلغْ بها العَرَقـَا
وَعـَقـَّنِي الصبحُ بعد الكأس منشغلا=عن ردةٍ نازعتني السُّكـْرَ مُعـْتـَنـَقـَا
تجثو على رُكـَبِ الأطلال خاوية ً=شمسٌ وتطلب ضوءا بالدُّجى التحقا
كأنها من جواري الشعر راودها=ليلٌ وما أغلقتْ عن حلمِها الأرقا
نامت على زندِها الألعابُ واحتجبتْ=عنها الطفولة ُفي حِضْن ِالثـَّرى مِزَقـَا
لا الحبرُ يُرْجـِعُ عنـْها قيدَ مقلمةٍ=موتا،ولا الشعرُ أشلاءَ الدُّمى رَتقا
طفل هناك وأطراف هنا بـُتـِرَتْ=والموتُ بينهما نهر الدما لعقا
أجلْ أتيتـُكِ من أقصاي أتبعـُهُ=حينَ المسار أتى بالذل ممتشقا
سوءاتنا في مهب الخصف عارية ٌ=والعار في جمعها من أمتي طـَفـَقـَا
هبي بكامل أوجاع وإن قصرت=عما استجد لجرح فاذرعي الفلقا
في كل واد خصيب الموت مثقلة=بالحزن تأتيك أمٌّ صبرُهـُا انسحقا
من كربلاءَ مرورا بالفراتِ إلى=(تطوان) كمْ ألم ٍ في أمتي غرقا!!
وكم توجَّس من أبصارنا أمل=والليل أخفاه واستبقى له الغسقا
منذ امرئ القيس أرخى عن مناكبه=همَّا وقفنا له نستوضح الأفقا
حينا مع الريح نمشي أو نخالفها=وجها ونمضي إلى تجميله فـِرَقـَا
وما جمعنا بأيدينا سوى سقط=ومثله في متاهات الكرى انزلقا
حتى إذا امتلأت بالذل خيبتنا=عن بكرة الخزي،جئنا دربها نسقا
******=*******
تأبـَّط النوم من عين الدجى الغسقا=وَجـِيْءَ بالليل مكتوفا وما نطقا
وبين آثاره في عشو سيرتنا=وما تيسـَّر من خيباتنا علقا
في ذمة الليل أحلام وكم حلم ٍ=يفرُّ من ظلمنا لليل مختنقا
لكنه مع رفات أضمرت لغد=طفلا بكل مسارات الدمى صدقا
ما بالها عتباتُ الفخرِ تحتَ يديْ=ذلٍّ وخلفَ النـُّجُوْم ِ استعبدت طـُرُقـَا؟
ــــــــــــــــــــ
الكويت : 18/1/ 1430ـ الموافق لـ:16/1/2009
مع شكري وتقديري لأخي الشاعر هاني درويش الذي ذكرني بالقصيدة لأعيدها إلى ذاكرة الورق .