القطار
انطلق القطار يطوي الأرض طيّا، ليفرزها خطّا أسودا يمزّق رماديّة سماء ضواحي باريس..
اخترق المساحات الإسمنتيّة، وسط قطع متفرّقة من الضباب..
داخل العربة، ساد الصمت ، وعلا الوجوه شحوب المدن الكبرى..
امرأة، وقفت متردّدة على عتبة سنّ اليأس.. في ركن قصيّ، التصق خدّها المبلّل، ببرد زجاج النّافذة.. على كتفيها انسدل حقل من الذّهب المتموّج تحت أشعّة فانوس كهربائي، التصقت بعض من خصلاته بالخذّ المبلّل وببرد زجاج النّافذة..
بدت عليها معالم ماض عريق في الجمال..
كانت تبكي..
ضمّت إلى صدرها كتابا مغلقا.. انعكست صورة غلافه على زجاج النّافذة: "كيفيّة الإنتحار"*.
كان القطار لا يزال يطوي الأرض طيّا، عندما صفع برد متسلّل كالحيّة من أحد الأبواب، شحوب المدن الكبرى..
ومزّق رمادية سماء ضواحي باريس.. خطّ أحمر..



*Suicide : mode d'emploi