الشاعرة المغربية هدى بنادي: قصيدة الهايكو ذات طابع استثنائي ثقافي وروحي يختلف من بلد إلى آخر.. والمجتمع العربي لازال رهين سلطة ذكورية مُسيرة تتزعم أغلب الميادين
حاورها من باريس حميد عقبي:
يزخر الوسط الثقافي العربي بوجود نماذج وتجارب لديها رغبة للإنفتاح على مختلف الثقافات العالمية بإعتبارها نشاط روح إنساني شفاف ينتصر للجمال دون تمييز أوعنصرية، نستضيف ضيفتنا الشاعرة المغربية هدى بنادي المحبة لقصيدة الهايكوذات المنبع الياباني هذا النوع من الشعر يغني للطبيعة الجميلة يصورها يُحسّ بها، عبر العديد من المجموعات الفيسبوكية المهتمة والمتخصصة في شعر الهايكوتجد نفسك في واحات مدهشة وساحرة، هنا عالم شعري إنساني لا صراعات سياسية ولا كراهية أوجدل عقيم، لا تحريض على العنف، تحليق مع الشعر يدغدغ اعماق الروح، توجد وجوه شعرية مبدعة تغني هايكومدهش من ضمن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر الاصدقاء: باسم القاسم، محمود الرجبي، رامز طويلة، حمدي اسماعيل، سامر زكريا، وغيرهم كلما تحلق في صفحاتهم تشعر بلذة ورعشة مدهشة، نتمنى في حلقات قادمة نستعرض ونبحر أكثر مع مبدعين ومبدعات لنقترب من هذه الروعة، ندعوكم الآن الترحيب والسفر مع ضيفتنا نستكشف بعض روعة هذا الفن.
ـ الشاعرة هدى بنادي نود أن تحدثينا شيء عن الهايكوما المغري في قصيدة الهايكو؟
ـ الهايكو قصيدة شعرية يابانية الأصل،لها خصائص فنية إذ لا يمكن لرواد شعر الهايكو
الإنسلاخ عن مبادئه.
الهايكولغة سهلة/ممتنعة، لا يعترف باللغة المنمقة، بعيد تماما عن الشعر التقليدي المعهود عليه في المجاز والقافية وما إلى ذلك من محسِّنات لفظية.
الهايكو نقل بسيط لمشهدية معينة تجعل القارئ يلمس عنصر الدهشة والمتعة سواء كانت من الطبيعة أوالحياة اليومية.هوقصيدة مبنية على الإختصار والإختزال، تتكون من ثلاثة أشطر تتكاثف في صياغة لحظة حياتية انتهاء بقصيدة مكتملة. أكثر ما يشدني بل ويغريني، عندما أجدني من خلال ممارستي لهذا الفن أقول ما يمكنني العكوف عليه ليلة كاملة في لحظة ما!. كل ما يُلامِس شغاف القلب فهو هايكو.. نصير للحب، عطاء متجدد، دعوة للتسامح والتصالح مع الذات اولا ثم مع الآخرين. أشبَه بكرة طائرة إما أن تلتقطه أولا تلتقطه.
ـ ما هي العناصر المهمة التي ساهمت في نضج تجربتك الشعرية وكيف كان تاثيرها؟
ـ بحكم تفاعلي مع الشبكة العنكبوتية وانتمائي إلى موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، استطعت ليس بالزمن البعيد ولوج عالم الهايكو. أولا باطلاعي على عدة قصائد مترجمة للهايكو، وبعدها عضويتي لدى مجموعات تعنى بكتابة قصيدة الهايكو العربية، والتي احتضنت تجربتي البسيطة بكل الحب، فكانت ركيزة أساسية في صقلها.
ذاع صيت شعراء وشواعر في هذا الفن الجميل، أذكر منهم من وصل مرحلة الإحترافية ومنهم القادمون بقوة. عرفتهم من خلال الهايكو،الشعراء؛ سامح درويش، سامر زكرياء، بكاي كطباش، رضوان أعيساتن، فيليب جرماني، حمدي اسماعيل، أحمد الفلاحي، لميس حسون، الدرويش غيث، غادة الحاج حسين، رادا حسن، وغيرهم كثر…
هؤلاء الشعراء الأصدقاء عبروا عن الهايكوانطلاقا من ذواتهم ورؤيتهم الشخصية، تميزوا بالتفرد،حتى اذا سمعت قصيدة هايكوأدركت أنها من إبداع ذاك الشاعر..لكلٍّ بصمته الخاصة ولكلٍّ إبداعه الفني.
ـ هل نضجت التجربة العربية لنعلن هايكو عربي؟
ـ الجدير بالقول أن قصيدة الهايكوذات طابع استثنائي، ثقافي وروحي يختلف من بلد إلى آخر، بعيد نوعا ما عن الثقافة العربية، إلا أنه هناك تحديات من نوع آخر في البحث والدراسة الحثيثة لنقل التجربة من أجل النهوض بقصيدة الهايكوالعربية. من ثمة جاءت بعض الترجمات لقصائد يابانية، نقلها بأمانة مترجمون إلى عدة لغات. ترجمها شعراء عرب من العيار الثقيل أمثال: الشاعر الفلسطيني محمد الأسعد في كتابه”واحدة بعد أخرى تتفتح أزهار البرقوق” وحديثا الشاعر الفلسطيني محمد حلمي الريشة في كتاب مترجم”الخريف كمان ينتحب” وغيرهم من الشعراء إلى أن أصبحت مكتبة الهايكوالعربية تستقطب قراء وشعراء عرب أغنوا الساحة الأدبية الثقافية بإبداع جديد مضاف،يبشر بنضوج التجربة على المدى القريب للإعلان عن قصيدة هايكوعربية. وهنا أشير إلى أن هؤلاء الأدباء إضافة الى ما قدموه من ترجمة فهم صناع إبداع، عملواعلى نقل التجربة ومناخ الفكرة اليابانية ثم تطويعها إلى العربية الجميلة، إلى أن ساهموا في إشعال فتيل الهايكو وتجويده عربيا.
ـ هل يوجد توازن في الساحة الأدبية المغربية هل الصوت النسائي مسموع وفاعل أم ان سلطة ذكورية تتزعم الساحة؟
ـ باعتقادي أن المجتمع لازال رهين سلطة ذكورية مُسيرة تتزعم أغلب الميادين إن لم نقل جُلَّها، ولكن بالرغم من هذا الاحتكار إلا أنه قد برزت أقلام بحبر الأنوثة سجلت أسماءها سواء كانت كن شاعرات أوكاتبات أوناقدات إلى غيره من أشكال الإبداع. المجال الأدبي البعيد/القريب مني ألحظه عن بعد،فأدرك آسفة ابتعاد البعض من رواده عن الجوهر ودفن رسالته اتجاه القراء،من أجل مصالح غلبت الفكرة والموضوع.
ـ هل مايزال للشعر جمهوره ومحبيه هل تجدين كشاعرة اهتمام من مؤوسسات رسمية تدعم الإبداع؟
ـ آمالي تفوق واقعي إلى إيصال الإبداع الشبابي النسائي مطامحه باشراقة ترقى بفئة الشباب خاصة والذي انتمي اليه،إلى ضخّ جرعة دعم من مؤسسات ودور للنشر تشجيعا لما نقترفه من كتابات وإبداعات تصل بأصواتنا الشعرية يد القارئ كأنجع وسيلة تواصلية، بيد أن الإلقاء الشِّعرِي لا يخدم مصلحة الشاعر دائماً، ولا أعمِّم إلا من اعتبرتهم شعراء المشاعر،لا يقبلون الاختلاف ظلوا يعتلون المنصات الشعرية على المدى البعيد، لا يفرقون بين الشعور والشعر حتى وإن صُفِّق لهم.
ساحتنا الأدبية ملأى بأصوات شعرية عشوائية في ظل غياب لنقد فعلي بنَّاء يساهم بشكل أوبآخر في إبراز كل إبداع وكشف كل اعتداء يداهم الشعر عنوة، ثم توجيه القارئ صوب الشعر وحقه.
ـ نود معرفة هدى بنادي شاعرة ومبدعة حدثينا عن اهم المراحل والمنعطفات في تجربتك واين وصلت وجديدها؟
ـ الشعر جزء مني.. يُباغِتني بشغف إلى القصيدة فأجدني أتجدد مع كل نبض/نص جديد. لا أصنع القصيدة صناعة ولكنها تأتي إلي وحدها وطوعا منها،أستقبلها مستسلمة للحبر. أعتبرني ذات تجربة شعرية متواضعة،فالبعض أشاد بتجربتي وصوتي الشِّعرِي والبعض لا يعترف أولم يعرف بعد هدى بنادي الشاعرة.
أصِبت بطمث شعري سابق ابتعدت فيه عن الكتابة،الشيء الذي أخر نوعا ما من إصدار ديوان شعري يضم قصائي بين دفتي كتاب.لي فكرة إصدار ديوان لكنها مؤجلة إلى حينها، أكتب الشعر اوربما هويكتبني لا أنتظر مقابلا ولا شكورا. إضافة إلى محاولتي في التعريف بقصيدة الهايكوالعربية محليا، فأنا أكتب بحبر يعبر عن هدى بنادي، يصنع أسلوبها الخاص بها في قالب شعري.
تبقى كتابة الشعر تنموبلغة الشاعرة فيَّ، والتي تصب في عمق المعنى الشعري المكثف بلغة حداثية غير معلنة، تمنح للقارئ حقا شرعيا في في التأويل،محتفظة بمكنوناتها، مركزة على جمالية النص النثري، بلغةِ الجسد والمشاعر المتدفقة، في تركيبة لغوية شعرية متفردة.
نماذج للشاعرة
فوق قِمَّة جَبل
لا زالَت في أَلبُومِها،
صورَتنا بارِدة.
بِذَاكِرتي ـ
أتذَوَّق ثِمارَها
شَجَرة التِّينِ المقطوعة.
بِدايةٌ خَريفية
فِراخُ السُنونو،
شَجَرتها فارِغة.
طريقُ الغابَة
فارِغٌ تَمامًا،
إلاَّ من رائحَةِ الخَيزُران.
على بُقَعِ الماء
تتَنقَّلُ ضحَكاتُ الأطفال،
مطَرٌ هَطِل.
على الأرجُوحةِ ذاتها
أنا وابنتِي،
نُعانق السَّماء.
البُرتُقال المُتساقِط
لا يعُودُ يضيءُ،
تِلكَ الشَّجَرة.