إعلامنا صورتنا !!
محمد ناصر نصار
تعتبر تجربة الإعلام الفلسطيني تجربة قصيرة مقارنة مع دول العالم رغم أن فلسطين عرفت أول أنواع الصحافة المكتوبة منذ العهد العثماني وتميزت عن الدول العربية بتطور الصحافة وقد ظهرت عدد من الصحف في فترات مختلفة ففي العام 1867ظهرت جريدة عثمانية بإسم القدس الشريف وظهرت صحيفة النفير والتي أسسها إبراهيم زكا فكانت تصدر من القدس في العام 1908 رغم أن أولى المطابع دخلت عن طريق الإرساليات الروسية في العام 1846 كان تأخر إصدار الصحف ناتج عن تشديد الدولة العثمانية ، وهكذا توالت الصحف رغم ما تعرضت له فلسطين من إحتلال بريطاني وثورات وهبات شعبية وكانت الصحافة هي صوت الشعب وتعبر عن الأحزاب والعائلات الفلسطينية ونقابات العمال والفلاحين وظهرت نقابة الصحافيين في عهد الإنتداب ، وقد اصدر الانتداب جريدة the Palestine news في العام 1918.
إلى أن جاءت النكبة وبقيت بعض الصحف تعمل في أراضي ال48 ، كما أن الشتات والهجرة ساهم في تدعيم تجربة الصحافيين الفلسطينيين في الخارج في العديد من الصحف ووسائل الإعلام ، كما كان لإصدار منظمة التحرير مجلة فلسطين الثورة في العام 1966 دوراً في وجود صوت فلسطيني يوجه للفلسطينيين في شتاتهم ،وفي العام 1973 أصدرت منظمة التحرير وكالة وفا كجسم إعلامي لجميع فصائل المنظمة ، وبعد قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية في العام 1994فظهرت وسائل الصحافة الحديثة تباعاً كالإذاعات ومحطات البث التلفزيوني ومن ثم الفضائيات ، ومع إشتعال الإنتفاضتين ساهم الإعلام في الإنتفاضة وساهم في تشكيل مفهوم الإعلام المقاوم ونشر الوعي الجماهيري وتعزيز صمود المواطن الفلسطيني واثبت التجارب أن الإعلام الفلسطيني أصبح يستخدم الصحافة بإسلوب ذكي وممنهج لفضح جرائم الإحتلال ،كما أن الظروف العالمية ووجود تطور سريع في وسائل الإتصال وطرقها فأصبح العالم كقرية صغيرة سرعان ما ينتشر الخبر بطريقة رسمية عن طريق وسائل الإعلام الرسمية أو بطريقة غير رسمية عن طريقة وسائل التواصل الإجتماعي ، فأصبح من الصعب إخفاء الحقائق أو تزييفها لأن الكل أصبح يساهم في صنع الخبر والحدث، وقد قدم الصحافيين الفلسطينيين العديد من الشهداء والجرحى لكشف حقيقة هذا المحتل الإسرائيلي الذي لم يتوانى عن إستهدافهم في كل تصعيد أو هجمات.
لقد تميز الإعلام الفلسطيني بسرعة تطوره من الناحية الفنية والبشرية حتى أصبح الصحفي الفلسطيني يساهم عربيا وعالميا ليغطي مناطق ساخنة وحساسة نظرا لخبراتهم وجرأتهم ، فإعلامنا يحتاج المزيد من الجهد والوقت ليرتقي ليس ليتفوق على ماكنة الإعلام الإسرائيلي والذي أثبت في الحرب الأخيرة أنه جدير بالثقة بل من أجل أن ينقل رسالة الفلسطينيين للعالم بشكل أوضح وهذا يحتاج للعديد من الخبرات التي يجب أن يكتسبها الإعلام الفلسطيني منها معرفة ثقافة الشعوب ،ووسائل نقل الرسالة الإعلامية الأجدى والأسرع والمتميزة ،وأن يجد المدخل الصحيح للعالم الخارجي ليتأثر برسالتنا الإعلامية ،وتصل رسالتنا الإعلامية وتحقق هدفها ، فالإعلام كان وما زال يخيف الساسة وغيرهم فقال نابليون قديما أخاف من ثلاثة صحف أكثر مما أخاف من مئات الآلاف من الطعنات بالرمح فما بالكم اليوم مع التطور الهائل والسريع في وسائل الإعلام.