حكايا زمان....يطوّرها الأوان!!
قصة منقولة عدّلها: فيصل الملّوحيّ
أصل المثل:
في قديم الزمان وسالف العصر والأوان كان الناس يلجؤون إلى الحمّامات العامّة يرفعون بها ما تعلّـــــق بأجسادهم من قذارات الزمن.
وكلكم تعلمون أن الناس كانوا محرومين من الترفيه للتسخين والتدفئة الأحدث كـ( المازوت) والكهرباء، فكانت تغمرهم السعادة حين يجدون الحطب والأخشاب ونشارتها لتسخين أرضية الحمام وتسخين المياه لتمرير البخار من خلال الشقوق.
حتى القباقيب التي كانوا ينتعلونها بأرجلهم في الحمامات - وغير الحمّامات - ومناورها التي تنوّر عليهم مجالسهم صنعوها من خشب.
حدث ما حدث ممّا يقدّره الله على العباد – ممّا نرى أضعاف أضعافه في عصرنا هذا عصر العلم والتقدّم!! - أن حريقاً شبّ في حمام للنساء-ومعلوم في عصور التخلّف!أن الحمّام كان وقت منه يخصص للرجال، ووقت آخر للنساء، فلا تدخله امرأة في وقت الرجال، و لا يدخله رجل في وقت النساء، كيلا ينكشف أحد الجنسين على الآخر، ويبدوَ المستور وما حرّمه الله على الرجال من التلصّـــــــــص على عورات النساء، و ما حرّمه الله على النساءمن البصبصــــــة على عورات الرجال.
ولمّا كان الحمام في وقــــت الحريق مقتصراً عليهنّ لا يدخله غيرهن، أخذن حريتهن في التنعّم بما أفاء الله عليهنّ عاريات لا يسترهن إلا بخار الماء المتراكم بعضه فوق بعض.
أمّا النساء الكاسيات اللواتي سترهنّ الله بستره وجدن السبيل ميسّراً لهروبهنّ من الحريق الذي ســــــدّ المنافذ إلا ما يعبرنه بشقّ النفوس، وأما النسوة العاريات فقد خشين الفضيحة والتكشّف أمام الأغراب، و ألزمهنّ الحياء فبقين في أماكهنّ لا يحركن ساكنأ، ورضين بقضـــــــــــــاء الله وفضلن الموت على عار الانكشاف وشنار القيل والقال.
وبعد أن هدأت الأمور، وأُ طفئت نيران الحمّام – لا نيران القلوب الحزينة الملتاعة – عاد صاحب الحمام يتفقد ماله، ويطّلع على الكارثة، هاله مارأى من خراب يكلّفه ما دخل جيبه من فضّة و(نكلات)، ثمّ فطن إلى دا فعي ( الضرائب ) الذين منهم يقيم أوده ويصلب عوده،وسأل حارس الأرزاق عنده: هل مات أحد من النساء ؟
فأجابه الحارس: نعم!
فقال له: من مات ؟
فكان الجواب الذي اخترق الآفاق، وعبر المحيطات والقارّات، وتردّد على لسان كلّ من يتحسّر على أيام القيم والأخلاق:
( اللياستحوا ماتوا ).