نبذة مختصرة
أحمد السباعي شيخ المؤرخين السعوديين، والأديب القاص والصحافي المؤسس، والتربوي الرائد في وضع المناهج الدراسية ، قام باصدار العديد من الصحف والمجلات ورأس تحريرها أيضا، منح جائزة الدولة التقديرية في الأدب عاما1404 هـ واستلم جائزتها من يد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز في حفل أقيم تكريما له ولزميليه الشيخ حمد الجاسر والشيخ عبدالله بن خميس.
مولده ونشأته
ولد عام 1323 هـ في مكة المكرمة ، وتعلم أولا في الكتاتيب حيث حفظ القرآن، ثم دخل أول مدرسة نظامية أسسها الشريف حسين في مكة ، وانتقل بعدها إلى المدرسة الراقية، كما التحق بمدرسة الأقباط العليا بالإسكندرية لمدة عامين، ثم توقف تعليمه الرسمى عند هذا الحد، وقد عمل بعدها بالتدريس، وبدأ رحلته الأدبية بالكتابة في جريدة صوت الحجاز، عندما أنشئت الشركة العربية للطباعة والنشر عهد إليه بأن يتولى إدارة جريدة صوت الحجاز، ثم أصبح بعد ذلك مديرا لشركة الطبع والنشر ومديراً للجريدة ورئيسا لتحريرها، انتقل بعد ذلك للعمل بوزارة المالية فترة من الزمن طلب بعدها الإِحالة على التقاعد ليتفرغ للأدب والثقافة والتأليف عام 1370 هـ، ثم أسس مطبعة الحرم التي أطلق عليها فيما بعد مسمى مطبعة قريش، وفي سنة 1377 هـ أصدرجريدة الندوة ثم تخلى عنها بعد انضمامها إلى جريدة حراء، وأصدر مجلة قريش سنة 1380 هـ واستمر في إصدارها حتى أتى عهد المؤسسات فتركها سنة1383 هـ، وقد لقب فيما بعد بشيخ الصحافة السعودية
وللسباعى فى مجال التأليف عدد من الكتب:
منها ما هو قِصَص قصيرة، ومنها ما هو ترجمة ذاتية، ومنها ما هو تاريخى، ومنه ما هو فى التربية والتوجيه الاجتماعى وتحليل الجرائم ودوافعها، ومنها ما هو فى مناسك الحج والأماكن المقدسة. وكذلك له كتاب فى “الأمثال الشعبية فى مدن الحجاز”.
وأهم ما يمتاز به السباعى مقدرته الكبيرة والرائعة على تصوير ذكريات الماضى وبعثها حية نابضة أمام عين القارئ مثيرة للشجن والحنين ومقدمة زادا عظيما من المتعة الفنية. وهو، فى هذا، يذكّرنى بعبقرى الأدب العربى المرحوم إبراهيم عبد القادر المازمى، الذى صور بقلمه ذكريات طفولته وأوضاع الأحياء الشعبية القاهرية فى زمانه وتقاليد المجتمع والروابط الأسرية وعمارة الشوارع والبيوت…إلخ، فإذا بهذا كله يهبّ منتفضا من أغوار الماضى الميت وقد اتشح بالحياة، وبالذات فى “قصة حياة” و”أحاديث المازنى” و”ع الماشى” و”صندوق الدنيا”.
وأهم ما يتبدى فيه إنتاج المرحوم أحمد السباعى هو كتابه: “أيامى”، وتأتى بعده مجموعة “خالتى كدرجان”. وهو يقدم لنا فى هذين الكتابين صورا آسرة لعدد من الجوانب الاجتماعية التى كانت موجودة فى طفولته وصباه.
إنه يصور الكتّاب ونظامه وطريقة التعليم فيه وعَرِيفه وفقيهه وحفلاته.
وهو يصور الألعاب التى كان يمارسها هو ولِدَاته، وأنواع الحلوى التى كانوا يأكلونها، والخرافات التى كانت معششة فى أذهان الناس عن العفاريت، والعصبية التى كانت بين الأحياء وكانت تدفع صبيان الحى وشبانه إلى الاعتداء على نظرائهم من الأحياء الأخرى إذا ما تجرأوا وتخَطَّوْا حدود حيهم حتى لو كان ذلك فى زفة عُرْس، إذ تنطلق ساعتئذٍ القذائف الحجرية وتنهال العصى الغليظة.
كما يسوق لنا أسماء الكتب التى كانت رائجة فى تلك الأيام.
وهو، حين يفعل ذلك، يجعلك تسمع وترى، بل وتشارك فى الواقعة.
لنطالع معا ذلك المشهد من مشاهد الكتّاب:
“كان شيخنا مصابا بما يشبه الصداع فى رأسه، وأعتقد أن صداعه من نوع لا يخفف وطأته إلا مزاولة العُطَاس. لهذا كان يُعِدّ فى جيبه أعوادا من الكبريت وشيئا من القطن النظيف، فإذا بدأ جلسة الصباح بيننا نسى وظيفة الحصة الأولى وشرع يلف القطن على أعواد الكبريت الذى أحضره لفًّا رقيقًا تبدو نهايته رفيعة دقيقة ثم دسّه فى أنفه وبالغ فى إيصاله إلى آخر ما استطاع أن يبلغ من خيشومه حتى يواتيه العطس… وكان يحلو لبعض المتشيطنين أن يداعبه أو يداعب الطلبة فيعمد إلى اصطياد بعض الذباب بيده، ثم يجعل فى مؤخرة كل ذبابة “قَشَّة” رفيعة طويلة، ثم يطلق الذباب فى الغرفة ليثير الضحك بما صنع لها من أذناب طويلة. فإذا طر ق سمعَه الضحكُ وتلفت إلى مصدره هدأ المصدر، وانطلقت ضحكة غيرها فى جهة أخرى. فإذا التفت إلى الثانية هدأ صاحبها، وانطلق ثالث فى زاوية غيرها يضحك. فإذا شعر الشيخ أن المزاح قد ثقل وأن ترتيبه متفق عليه أطرق إلى الأرض وراح يبحث عن قطن جديد يعالج به أنفه. فإذا أبت ذبابة إلا أن تحط على أنفه وترسل ذَنَبها من القَشّ إلى ما بين عينيه رفع يده ثم وضعها على “القشة” الذَّنَب، ثم عاد فأطلقها وهو يكتم ضحكة خافتة يخشى أن يسمعها الصبيان. وتنتهى عملية القطن والأعواد والعطاس بانتهاء الحصة الأولى”
نبذة مختصرة
أحمد السباعي شيخ المؤرخين السعوديين، والأديب القاص والصحافي المؤسس، والتربوي الرائد في وضع المناهج الدراسية ، قام باصدار العديد من الصحف والمجلات ورأس تحريرها أيضا، منح جائزة الدولة التقديرية في الأدب عاما1404 هـ واستلم جائزتها من يد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز في حفل أقيم تكريما له ولزميليه الشيخ حمد الجاسر والشيخ عبدالله بن خميس.
مولده ونشأته
ولد عام 1323 هـ في مكة المكرمة ، وتعلم أولا في الكتاتيب حيث حفظ القرآن، ثم دخل أول مدرسة نظامية أسسها الشريف حسين في مكة ، وانتقل بعدها إلى المدرسة الراقية، كما التحق بمدرسة الأقباط العليا بالإسكندرية لمدة عامين، ثم توقف تعليمه الرسمى عند هذا الحد، وقد عمل بعدها بالتدريس، وبدأ رحلته الأدبية بالكتابة في جريدة صوت الحجاز، عندما أنشئت الشركة العربية للطباعة والنشر عهد إليه بأن يتولى إدارة جريدة صوت الحجاز، ثم أصبح بعد ذلك مديرا لشركة الطبع والنشر ومديراً للجريدة ورئيسا لتحريرها، انتقل بعد ذلك للعمل بوزارة المالية فترة من الزمن طلب بعدها الإِحالة على التقاعد ليتفرغ للأدب والثقافة والتأليف عام 1370 هـ، ثم أسس مطبعة الحرم التي أطلق عليها فيما بعد مسمى مطبعة قريش، وفي سنة 1377 هـ أصدرجريدة الندوة ثم تخلى عنها بعد انضمامها إلى جريدة حراء، وأصدر مجلة قريش سنة 1380 هـ واستمر في إصدارها حتى أتى عهد المؤسسات فتركها سنة1383 هـ، وقد لقب فيما بعد بشيخ الصحافة السعودية
وللسباعى فى مجال التأليف عدد من الكتب:
منها ما هو قِصَص قصيرة، ومنها ما هو ترجمة ذاتية، ومنها ما هو تاريخى، ومنه ما هو فى التربية والتوجيه الاجتماعى وتحليل الجرائم ودوافعها، ومنها ما هو فى مناسك الحج والأماكن المقدسة. وكذلك له كتاب فى “الأمثال الشعبية فى مدن الحجاز”.
وأهم ما يمتاز به السباعى مقدرته الكبيرة والرائعة على تصوير ذكريات الماضى وبعثها حية نابضة أمام عين القارئ مثيرة للشجن والحنين ومقدمة زادا عظيما من المتعة الفنية. وهو، فى هذا، يذكّرنى بعبقرى الأدب العربى المرحوم إبراهيم عبد القادر المازمى، الذى صور بقلمه ذكريات طفولته وأوضاع الأحياء الشعبية القاهرية فى زمانه وتقاليد المجتمع والروابط الأسرية وعمارة الشوارع والبيوت…إلخ، فإذا بهذا كله يهبّ منتفضا من أغوار الماضى الميت وقد اتشح بالحياة، وبالذات فى “قصة حياة” و”أحاديث المازنى” و”ع الماشى” و”صندوق الدنيا”.
وأهم ما يتبدى فيه إنتاج المرحوم أحمد السباعى هو كتابه: “أيامى”، وتأتى بعده مجموعة “خالتى كدرجان”. وهو يقدم لنا فى هذين الكتابين صورا آسرة لعدد من الجوانب الاجتماعية التى كانت موجودة فى طفولته وصباه.
إنه يصور الكتّاب ونظامه وطريقة التعليم فيه وعَرِيفه وفقيهه وحفلاته.
وهو يصور الألعاب التى كان يمارسها هو ولِدَاته، وأنواع الحلوى التى كانوا يأكلونها، والخرافات التى كانت معششة فى أذهان الناس عن العفاريت، والعصبية التى كانت بين الأحياء وكانت تدفع صبيان الحى وشبانه إلى الاعتداء على نظرائهم من الأحياء الأخرى إذا ما تجرأوا وتخَطَّوْا حدود حيهم حتى لو كان ذلك فى زفة عُرْس، إذ تنطلق ساعتئذٍ القذائف الحجرية وتنهال العصى الغليظة.
كما يسوق لنا أسماء الكتب التى كانت رائجة فى تلك الأيام.
وهو، حين يفعل ذلك، يجعلك تسمع وترى، بل وتشارك فى الواقعة.
لنطالع معا ذلك المشهد من مشاهد الكتّاب:
“كان شيخنا مصابا بما يشبه الصداع فى رأسه، وأعتقد أن صداعه من نوع لا يخفف وطأته إلا مزاولة العُطَاس. لهذا كان يُعِدّ فى جيبه أعوادا من الكبريت وشيئا من القطن النظيف، فإذا بدأ جلسة الصباح بيننا نسى وظيفة الحصة الأولى وشرع يلف القطن على أعواد الكبريت الذى أحضره لفًّا رقيقًا تبدو نهايته رفيعة دقيقة ثم دسّه فى أنفه وبالغ فى إيصاله إلى آخر ما استطاع أن يبلغ من خيشومه حتى يواتيه العطس… وكان يحلو لبعض المتشيطنين أن يداعبه أو يداعب الطلبة فيعمد إلى اصطياد بعض الذباب بيده، ثم يجعل فى مؤخرة كل ذبابة “قَشَّة” رفيعة طويلة، ثم يطلق الذباب فى الغرفة ليثير الضحك بما صنع لها من أذناب طويلة. فإذا طر ق سمعَه الضحكُ وتلفت إلى مصدره هدأ المصدر، وانطلقت ضحكة غيرها فى جهة أخرى. فإذا التفت إلى الثانية هدأ صاحبها، وانطلق ثالث فى زاوية غيرها يضحك. فإذا شعر الشيخ أن المزاح قد ثقل وأن ترتيبه متفق عليه أطرق إلى الأرض وراح يبحث عن قطن جديد يعالج به أنفه. فإذا أبت ذبابة إلا أن تحط على أنفه وترسل ذَنَبها من القَشّ إلى ما بين عينيه رفع يده ثم وضعها على “القشة” الذَّنَب، ثم عاد فأطلقها وهو يكتم ضحكة خافتة يخشى أن يسمعها الصبيان. وتنتهى عملية القطن والأعواد والعطاس بانتهاء الحصة الأولى”