أحبك ولكن// محبرتي.
انهمكت في ترتيب حاجياتها بينما وقف بدون حراك متكئ إلى الجدار .. ثم قالت:
ـ أنا في حاجة للسفر.. الدراسة لا تعوض.. مويصدفأن أهلي يقيمون الآن في الخارج
صمتت قليلا وتابعت : أحببت أن تكون معي كما علمت .. وتأتأت.. ولكن.. حسنا، سنة سنتان .. ليستا كثير.. سنتكلم دائما..سأنتظر زيارتك
في هذه الأثناء كانت منشغلة عن النظر إليه، بينما عيناه تنظران لسقف الغرفة وترتدان لأرضها
لم تنتبه لقلب تمنى بقاءها ولا لصمت حمل أمنيات وطمس داخله توسلات مطمورة بالبقاء
حزمت أمرها.. الشهادة والدراسة العليا رغبة ألحت عليها ، ستتابع بعد أن نالت منحتها ..هذا قرارها.. مهما كلفها الأمر...
لكنها تعلم أنه من الكثير عليها أن تفقده..! لم تتصور أنها تفقده.. لا بد أنه سيهدأ .. لابد للمياه أن تعود للمجرى..
حمل الحقائب.. أنزلها بتأني، وضعها في صندوق السيارة. لم يتحدث.. وصلا المطار، فتح الباب .. كعادته إنسان في منتهى التهذيب
بكل ما تحمل الكلمة من رقي.. يحترم قبل أن يحب وبعد أن يحب!
بدا الصمت يبتلعـ..يبتلعهما.. تمنت أن يقول شيئا في هذه اللحظات
أن يعاتب ، أن يهزها بانفعال.. بغضب أو يشتمها.. أن يلعن عقلا تركه.. لكنه كان جامدا ولم يقل شيئا
صعدت للطائرة.. وهبطت أحلامها إلى حيث بقي ..مزيج مختلط من الاشياء داخلها.. تنظر لوطن تلاشى المدينة، الأشجار المزارع
صارت تضمحل وتختفي شواطئ بلدها.. كأنما تفقد وطنا تلو وطن.. دمعة فرت منها بإتجاهه.. مقيتة المسافات.. التي تفصلنا... سأعود سأعود.
سارعت تكلمه.. وصلت بآمان .. هنأها..صوته بدا باردا كالجو الجديد الذي لم تألفه
هناك الدفء بدأ منذ نيسان.. وهنا ما زال الطقس باردا.. أنهت المكالمة.. شعرت بوحدة.. غربتها تبدأ اليوم
بدأ شيء من الندم يخالجها.. هل ما فعلته صواب؟
لكنها سرعان ما انشغلت وعندما هدأت التقطت كتابا، سيكون أنيسها كلما أرادت أن تنام.
لم تكن لتنساه ببساطة. تلتقط أخباره من القادمين.. تكلمه من حين لآخر لتسمع صوته وتطمئن يطمئنها يتلكأ عن تكليمها فتبطئ المرة التالية.. وعلى البال حتما
توقعت قدومه ولقائهما.. لكنه لم يفعل.. تحول الظروف.. ليته رافقها.. لكنها أعماله وتجارته..لم تضغط عليه وأذعن لإصرارها
تبعث إليه رسالة نصية .. تنام والجهاز إلى جانب رأسها لعلها تحس اهتزازا يحرك هذا الجمود.. وكثيرا ما تجافيها آمالها بخيبة
لم يتزوج.. باق على العهد.. حتى بعد هذا الوقت.. رغم مخاوف بثهاالبعض في نفسها.. عامان عامان ونصف ... مرت سنوات وقاربت المهمة على الانتهاء
ستعود قريبا تحمل شهادة الدكتوراة التي طالما حلمت بها وتمنتها.. مشتاقة له، افتقدته في لحظات الحزن والفرح.
ـ سأعود قريبا.. سنلتقي.. أستستقبلني في المطار؟
ـ حقا ستعودين؟ و متى؟ رد تلقائيا بصوت مشدوه، بدا إنه نسي إنها ستعود
ـ قريبا
قريبا؟ ولكنك تأخرت.. تأخرت كثيرا و..
لم يكمل.. فهمت شيء وتصورت آخر على شبه يقين مما سيقوله.. وكانت تتوجس من الجمود بينهما .. كانت ستقول له فهمت
و كان الأسبق للكلام.. عذرا انتظرت كثيرا.. و سأتزوج غدا.