إطلالة



على



آداب الحوار








كتبها: فيصل الملوحيّ








أذكر حوارا- وربما كان حوارا في الشكل، تعاليا بالباطل في النية نمّت عنها التصرفات.



بدأه معلم المرحلة الابتدائية– الذي أنعم الله عليه فدرّس في المرحلة الثانوية- وسأل عددا من مدرسي اللغة العربية عن ضبط عَيْن فعل (يضرب ) فقال أحدهم: عَيْن الفعل مكسورة في المضارع. لم يسمع المعلّم ما كان قرأه في المعجم، فأنكر على مدرسي العربيـة جهلهم، وقال: هي مضمومة.. وكأنه قرأ الفعل المضارع (ضرُب)، ولم يقرأ ما تقدمه .. وأعلن مدرسو اللغة العربية خطأهم– بالسكوت– وانتصار معلّمنا عليهم..– وإذن البكر صُماتها !


المشكلة في المتحاورين أنهم لا يلتزمون– في أكثر الأحوال – موضوعية الحوار.. وبخاصة القائم على السؤال والجواب .


فالسائل:


- قد يسأل سؤاله وهو سليم الطّويّة يطلب الحق ، يستخبر عن معلومة لا يعرفها،


- أويريد التثبّت منها وينتظر من المسؤول ما يشفي فؤاده ويوصله والمسؤول إلى الحق،


- أو قد ينوي اختبار المسؤول محاولاً إحراجه أمام الزملاء تعاليا بعلمــه- أو ما يدّعيه من علم- وإثباتا لذاته.


والمســؤول:




- قد يكون مشغول الذهن،


- أو في حالة صفاء فكري،


- وقد يكون ممن يرجون الحق– و الحق وحده،


- أو من المتعالين محبّي إثبات الذات،


- قد يكون عالما بالجواب كله.. بآرائه المتعددة،


- أو عارفا بجواب واحد،


- أو جاهلا بالمسألة كلها.



فتخيّل صورة هذا الحوار.. وافترض في نفسك الاحتمالات. فكم من جواب يمكن أن تسمعه:


- قد يكون الجواب كاملا مرضيا،


- أو مبتورا مشــوّشا،


- قد يكون وقع الجواب على السائل مريحا لنفسه، مرضيا له،


- أو ضيقا في الصدر من علم المســؤول، مثيرا لغيرته،


- فيردّ باتهام المســؤول بالجهل وضيق الأفق.


- وقد لا يرضى المسؤول بالهزيمة أمام من يخاصمه..



وهكذاتأخذ كلا منهماالعزة بالإثم
ويتحول الحوارإلى جدل ومنافسـة وعراك وحبّ بالفوزوالانتصار.


ومما يزيد الطين بلَة أن يستخدم المتحاورون أسلوب السخرية والاستهزاء،


فتنقلب المعركة تماماً إلى انتصار للذات وتشبث بالرأي وعناد .



لا أزيد معلومة، فكلّنا نعلم هذه الحقائق.



كلّ ما أودّه أنْ نُذكّر،



والذكرى تنفع المؤمنين ( بالحقّ، الباحثين عنه لا عن كسب أو تجبّر ).