منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. #1

    هموم الكتابة وهوان لغتنا





    هموم الكتابة و هوان لغتنا


    لا يختلف اثنان على أن اللغة هي المحرك الأساسي لآليات النص مهما كان ، ولا يعتلي هذا الأخير منزلة النص الا اذا كانت العبارات راقية ودقيقة ، تعبر من مواقعها عن المقاصد والمعاني ، ولا وجود لمركبة ترفع من قيمة الأسلوب الا تنامي اللغة مع تنامي الحدث باختيار الجواهر من كنوز اللغة وما يتلاحم ووجهة النص في تبليغ الرسالة . لا شك أن ثورة التوليد في بعض اللغات جاءت عندما تجاوز التفكير معاني كلماتها ، هذا الذي تستغني عنه لغتنا العربية بما تشمله ، وباستعدادها الفطري لكل تعبير، والدليل على ذلك ، ها هي ذي تساير كل المدارس الأدبية الفكرية والفلسفية ، واستطاعت وبكل جدارة أن تنقل الينا كل الثقافات بأمانة واخلاص ، بل تجاوز الأدباء العرب في تحميلهم لثقافة الغير وأصبحوا يضاهون في طروحاتهم ما ابتكره الغرب الى درجة الذوبان في الآخر ، وبمجرد ما تترجم النص العربي الى اللغة الغربية حتى تشك في عروبة الكاتب ، فلا تستطيع أن تمس أي ركيزة لتبرير هذا الذوبان فان فعلت سقط البناء على رأسك .. فزادت هذه الممارسة في قيمة الأدب الغربي وتسببت في ابتذال اللغة العربية وتمييعها بل وتدجينها بانحطاط النص الى مستوى لغة الشارع ، بل كتب عمالقة الأدب العربي أعمالا بلهجاتهم العامية ، طبعا ، كانت حجتهم البسيط الممتنع لايصال رسائلهم الى السواد الأعظم ، وراء هذه الممارسة نية حسنة حقا وأطماع تجارية لا شك فيها ، بالمفهوم الواسع أصبحنا ننتج الأدب الاستهلاكي من حيث التركيبة اللغوية (أنا لا أقصد بهذا الأهداف والقناعات) . فهل غيرت هذه الكتابات من الوضع الثقافي والحضاري المزري الذي تعيشه الأمة العربية بصفتها القاطرة الرئيسية ومن بعدها الأمة الاسلامية ؟ ؟ .. بالطبع لا ، والواقع يشهد على ذلك .
    أنا لا أدعي اطلاعا واسعا ومعرفة عميقة في هذا المجال ، الا أنني حتى الآن أسير ضمير منعني أن أضحي باللغة العربية وما لها من مميزات وجواهر العبارات وأساليب التواصل من أجل تبليغ رسالة أنا قادر على تبليغها بلغة الأسواق في حلقات الأسواق ، وبلغة المقاهي في المقاهي ، ولكل مقال مقام . أقول في نفسي ، اذا كنت أحمل فكرا قادرا على التحدي فمع الفكر الآخر أقيم الحوار ، والتبسيط تضمنه وسائل أخرى بشرية ومادية ، وبطرق مشرفة أكثر هكذا من القمة الى القاعدة( تنازليا )ومن القاعدة الى القمة (تصاعديا) ، فيرتقي المجتمع ويدخل الجميع في نقاش مسؤول وواع ، كل حسب مستواه .
    الرب سبحانه وتعالى لما خاطب البشر ، دون تمييز ، خاطبهم بأساليب راقية اكراما لهم وتقديرا ، وعلى هذا الانسان أن يترفع عن الدنايا في خطابه الثقافي والخلقي حتى يتميز بهذا العقل عن ما يمارسه وغيره من عبثية تحركها الغريزة .
    يؤلمني جدا عندما أقرأ لأقلام عربية ، من المفروض أن تخاطب مجتمعاتنا من أعالي المنصات ، تدعوهم للتداول والنقاش والاثراء ، تتبنى الخطاب الدنيء بحجج واهية ...
    أيها الأعزة في هذا المنتدى الموقر، تلك هي همومي تملأ الصدر ولا متنفس لها .. أستنصحكم فانصحوني ..
    حقيقة ، أن المدارس الأدبية المعتمدة في الوطن العربي كلها من الغرب ، غلقت علينا في اطار مسيج ومكهرب هذا ما لا أرضاه ولو بقيت طيلة حياتي مطاردا ، ومنبوذا من طرف الجميع ، أفتخر باطلاعي على الأدب الغربي ، وقد ارتويت من ينابيعه ، وتذوقته كما يتذوق العربيد الخمرة ، وأحب أن أقرأ لهم بشغف وبلغتهم (الفرنسية ) ولكن لا أسمح لنفسي بتوظيف اللغة العربية كخادمة ذليلة ، مذمومة تحت رحمتهم ، باسم التفتح والانسانية أو غيرها من الدعوات المشبوهة ، وديمقراطيتهم أكبر دليل على مخادعتنا .
    كم أتمنى أن تضاهي القصة عندنا الشعر وتحادي الرواية ، حيث تجتمع لذة القراءة ومتعة السياق ، حيث تجتمع فنيات الخطاب وتساير تنامي الحدث ، على ايقاع سمفونية بلاغية رائعة تطرب النفس ، وتغذي بمنطقها الفلسفي العقل .. قضية عادلة بلغة راقية ومنطق سليم قابل لكل نقاش معتدل .
    كم أتمنى أن يتمرد الكاتب العربي ويبدع ما يميزه عن غيره ليشارك في هذا الفسيفساء الأدبي والفكري بلون خاص يصبغ أعماله ... أم هي العربية عقمت ؟ .
    ان اعتمادنا على الأدب الاستهلاكي الجاهز لن يرفع من قيمة اللغة الى المكانة التي نأمل ، ويعود المتلقي على البلع دون هضم ، ونراهن على الكم عوض الكيف ، فيتقاعس الانسان العربي بموت دوافع الجد والكد والبحث والاستنباط ، وتموت خلايا اللغة ، وعلى وجودنا البقية في حياة الغير .
    هكذا ضاعت رسائل الأدباء العرب وتفرقنا ، واتهمنا بعضنا بعضا ، وشردنا بعضنا بعضا ، وتفككت وحدة نخبنا ، وكثر الهرج ، انها مخلفات سوء استعمال الكلمة وسوء توظيفها .
    اخفاقات في توحيد الخطاب العربي على كل المستويات ، وشرخ كبير بين الشعوب والنخب والحكام أنتجه سوء تسيير اللغة التي بدورها أنتجت المهندس الفاشل ، والفبزيائي الفاشل ، والكيميائي الفاشل ، والسياسي الفاشل ، انها وبكل بساطة مخلفات ذلك الأديب الذي اعتمد في نصوصه على الخطاب (المجاني) لايصال فكرته الى (الأكثر) .
    مستحيل يا سيدي أن تضع رجلا في أعلى السلم والرجل الأخرى في أسفله ..


    مختار سعيدي

  2. #2
    السلام عليكم
    الخطاب الذكي الراقي ذو الهدف بغية كل اديب ناضج التجربة
    ولكن اود لو شرحت تلك الجملة حصرا:
    ان اعتمادنا على الأدب الاستهلاكي الجاهز لن يرفع من قيمة اللغة الى المكانة التي نأمل

    هل تعني الموضوعات والاغراض؟

    كل التقدير
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3

    الاستاذ القدير
    ابن الهضاب الموقر
    كل سنه وانت طيب
    اللغه والمدارس الادبيه وهموم الكتابه والاسلوب نراها تحت المجهر
    وتحتاج لوقفه مبسطه بقدر ما هي متعمقه وناخذ الرواية لنلقي عليها مفاهيمنا
    وانطلاقا مما سبق فأن الرواية تأخذ اهتمام الناس بتغذيتها العديد من الدوافع لديهم في وقت واحد , وهى بهذا أكثر تأثيرا على معتقدات الناس ومفاهيمهم ... ونحن نفترض في هذا كله الواقعية في العمل الروائي , بل إن الواقعية أصبحت شرطا أساسيا في عالمنا المعاصر لنجاح العمل الروائي , بعد أن مر علينا زمن كانت الرومانسية هي الفيصل في الأعمال الروائية لكثير من الكتاب العرب أمثال السباعي وإحسان عبد القدوس , والذين كانت تجد كتاباتهم رواجا اكبر من غيرهم , أمثال نجيب محفوظ الذي نجد الواقعية في اغلب أعماله الروائية , الأمر الذي جعله أديبا راسخ القدمين أكثر من الرومانسيين وهذا الرسوخ , هو الذي يجعلنا نقف لنفرق بين الروائي , وبين الأديب الروائي الذي يقدم عملا سطحيا ولكنه مترابط ومنسق ومثير وبسيط ولكنه قد يكون من السطحية بحيث لا يجد المثقفون فيه ما يخدم قضايا المجتمع , بقدر يجدون فيه نقلا لأحاديث وحوادث كما حدثت ... بمعنى أن الروائي قد يكون واقعيا وقد يكون خياليا .. ولكنه لا يكون أديبا طالما ابتعد عن الشمولية أو الرمزية التي تخدم الشمولية .. وبمعنى آخر فان الفرق بين الروائي والأديب هو فرق في الأحاسيس , والتعبير عن هذه الأحاسيس , ها الفرق هو الذي يجعل الأديب إنسانا ملهما ليتحدث عن الناس كل الناس , عند أحاسيسه الشخصية فقط .
    اى أن الأديب هو الذي يتمكن في أعماله من خلال الرمزية أو الشمولية أن يخدم الاتجاه الشخصي ليحوله لخدمة الاتجاه الوطني , ومن ثم لخدمة الاتجاه الانسانى بشكل عام ..
    ولهذا نقول أن العمل الروائي الناجح والخالد , هو العمل الذي يتسم بالواقعية والشمول معا .. والواقعية هي لمس أوتار الحياة مجردة بدون رتوش , غير الرتوش الجمالية في توزيع الكلمات والأدوار أما الشمول فهو الوضوح لمختلف جوانب الحياة المجتمعية فى المكان والزمان المعينين , بحيث لا يكون القارئ بعيدا عن مكان وزمان الحدث الروائي .. فإذا كانت الأحداث الواقعية للرواية تخص الزمن العباسي مثلا لزم على الروائي الأديب أن ينقل القارئ ببراعة إلى ذلك الزمان بما فيه من صور الحياة وإذا كان الحدث الروائي يتعلق بقضية وطنية معينة لزم أن نعرف ببراعة أديبة متناسقة جوانب هذه القضية في المكان والزمان المعينين بذلك نخدم هدف الشمول الذي يجعل من أحداث التاريخ وحكايات التراث الشعبي , روايات يخلدها التاريخ الادبى . وهكذا تختلف قيمة الروائي عن قيمة الأديب . فقيمة الروائي لا تتعدى حاضره الذي يعيشه .... بينما الأديب يبقى في حياته منهلا للتراث الشعبي وفى مماته مدرسة , وأسلوبا تتعلم منه الأجيال الأخرى فالواقعية المجردة دون الشمول الادبى والمجتمعي , لا تعطى الفرصة لحياة طويلة للعمل الروائي , وما أكثر من سقطوا من الروائيين الذين اعتمدوا أسلوب الحكايات والذكريات وتدوين الوقائع دون النظر إليها نظرة شمولية , وما اقل من صعدوا إلى سماء الخلود الادبى من الذين اعتمدوا الوقائع . في العمل الادبى الشامل للرواية, والذي يجعل من الرواية بما فيها من وصف وتحليل للشخصيات في الرواية وأماكن وأزمنة الحدث الروائي , وما فيها من براعة في استخدام الألفاظ وتطويعها جماليا أن يجعل من الرواية كتابا مفتوحا عن حياة مجتمع اى مجتمع في فترة زمنية معينة . وبين الرواية التاريخية والعصرية والخيالية تنطلق إبداعات الكاتب لخدمة الفكرة التي يحاول توصيلها إلى القراء ...


  4. #4
    ريمه الخاني

    دائما سباقة ..أشكرك
    أقصد توظيف اللغة..

    دمت و دام الوصل الجميل

    مختار سعيدي

  5. #5
    ايها الفاضل يسري راغب شراب

    أشكرك على التدخل المميز و الاثراء، لقد أنرت النص، وظهر جانب آخر يستحق الوقوف عنده..يمكن أن نسميه..

    آليات اللغة في الكتابات الواقعية عند الغرب..للمقارنة فقط..

    تقبل احتراماتي و تقديري

    مختار سعيدي

المواضيع المتشابهه

  1. هموم شنقيطية : جناية لا سابقة
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-24-2015, 02:34 PM
  2. تحميل مساجلة هموم النساء
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-01-2015, 02:55 PM
  3. العيد في الشام هموم وأحزان
    بواسطة أ.د. محمود نديم نحاس في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-01-2014, 01:20 PM
  4. هموم كتابة القصة والخاطرة
    بواسطة ابن الهضاب في المنتدى شؤون القصة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 08-25-2009, 08:07 PM
  5. هموم عاشق حلبي :
    بواسطة فتى الشام في المنتدى استراحة الفرسان
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 05-27-2007, 04:15 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •