المصالحة الفلسطينية على قارعة الزمن
د. فايز أبو شمالة
لم يهتم الشعب الفلسطيني كثيراً بلقاء القاهرة الأخير، ولم ينتبه للاتفاق الذي ينص على أن تكون اجتماعات فتح وحماس في حالة انعقاد دائم، وحتى تشكيل حكومة الوفاق الوطني، ولم يدقق معظم الناس في الجدول الزمني الذي يحمل كثيراً من المعاني والدلالات، ومنها:
1ـ دعوة لجنة إعداد قانون انتخابات المجلس الوطني خلال أسبوع من تاريخه، لتقديم الصيغة النهائية المتفق عليها إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، لإقرارها خلال أسبوع.
2ـ بعد أسبوع من إقرار اللجنة التنفيذية لقانون الانتخابات، سيصدر رئيس اللجنة التنفيذية مرسوماً بتشكيل لجنة انتخابات المجلس الوطني.
النقطتان السابقتان جاءتا لصالح حركة حماس، فقد نجحت في تحقيق اختراق في موقف السلطة التي كانت تصر على أن المصالحة تقتصر على تشكيل حكومة تشرف على اجراء انتخابات مجلس تشريعي وانتخابات رئاسية فقط.
أما النقاط التالية فقد جاءت لصالح حركة فتح، وهي كالتالي:
1ـ اتفق الطرفان على التشاور لتشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة أبو مازن بعد شهر من تاريخه، على أن يتم الانتهاء من تشكليها خلال ثلاثة أشهر من تاريخه.
وهنا يجوز القول أن لدى السيد محمود عباس فترة أربعة أشهر من التشاور حتى الانتهاء من تشكيل الحكومة، أربعة شهر يحتاج إليها محمود عباس كي يعرف رأسه من قدميه فيما يرتب له وزير الخارجية الأمريكية، وما ستسفر عنه لقاءات "جون كري" وزيارته المكوكية، وفي تقديري أن هذه المدة جاءت لصالح عباس، وهو بحاجة إليها للضغط.
2ـ اتفق الطرفان على أن يصدر السيد عباس بعد ثلاثة أشهر من تاريخه مرسوم تشكيل حكومة الوفاق الوطني، ومرسوم لتحديد موعد إجراء الانتخابات.
غير واضح في هذه الصياغة، هل المقصود هو ثلاثة أشهر جديدة، خلافاً للثلاثة السابقة، ولو كان كذلك، فمعنى ذلك أننا أمام سبعة أشهر، حتى يحين تشكيل حكومة الوفاق الوطني، سبعة أشهر يحتاج إليها السيد عباس، حتى يصل إلى عام 2014، وهنا سيحدث الزمن تأثيره بالسلب أو الإيجاب على مجمل السياسية الفلسطينية.
لقد برز في الاتفاق بين فتح وحماس نقطة واحدة، تعادل فيها الطرفان، وتقول:
3ـ اتفق الطرفان على أن يقوم السيد عباس بدعوة المجلس التشريعي للانعقاد بعد اسبوعين من أداء الحكومة القسم أمام الرئيس.
فدعوة المجلس التشريعي للانعقاد جاءت لصالح حركة حماس التي لم تكل من الطلب بعودة الحياة البرلمانية، ولكن أداء الحكومة اليمين أمام الرئيس جاءت لصالح فتح التي أصرت على تعطيل عمل المجلس التشريعي.
ملخص الاتفاق بين الطرفين يقول: على الجميع أن ينتظر، فأمام السيد عباس سبعة أشهر من الزمان الفلسطيني المفتوح على الاحتمالات، فإما أن يصير إلى استئناف المفاوضات مع الإسرائيليين، ووقتها، لا داعي للمصالحة، ولا قيمة لها من وجهة نظر المفاوض، وإما أن تغلق الأبواب على المفاوضات، لتفرض المصلحة الفلسطينية العليا نفسها على الجميع، وتصير المصالحة تحصيل حاصل، ولاسيما بعد أن يفرز الواقع الجديد شخصياته القيادية الجديدة، والتي ستعبر عن مواقف وتطلعات ورؤى سياسية تغاير ما تربع على العرش لعشرات السنين.