لم تكن تلك"التغريدة"إلا "طُعما" وقعتُ في فخه!!غرد الأستاذ "طلال الجابري" بهذه الأحرف :(سألني شخص يريد أن يصبح مثقفا ومطلعا على الكتب والثقافة والفكر فقلت له ابدأ بكتاب"هروبي إلى الحرية"وتتبع كل كتاب يذكره،كل رواية،كل اسم شخص،وحاول أن تقرأ لكل من ذُكر أو بعضه"؟؟")ولما خُط مسبقا في القدر .. علقتُ :(فكرت – مرة – أن أحصي الكتب التي ذكرها في كتابه"هروبي إلى الحرية".. ولم أفعل .. ولعلي وضعت خطوطا تحت عناوينها. وأقول دائما أن"بيجوفيتش"تميز بكونه ابنا للحضارة الغربية – ولس دخيلا عليها كغيره – وهو ابن بار أيضا للثقافة الإسلامية)فجاء الطعم الثاني عبر تعليق الأستاذ"سعود الغربي":(ليتك فعلت)فرددت .. ربما – في لحظة تهور – (لعلي أفعل إن شاء الله). كأي "مبتلع""لطعمٍ،دون أن يفطن له .. شمرت،في أول يوم أحد هبط علينا بعد الحوار .. وهرعت إلى الكتاب الذي يستلقي في هدوء في مكتبي في العمل .. ولحسن الحظ أو؟؟ فنحن في فترة "بيات شتوي"لسير العمل،لأسباب لا داعي لذكرها ..النص الأول الذي وقفتُ عليه،كان موجها لي ولأمثالي ممن يقرءون في استرسال ... ودون تأمل .. ولعلها رسالة موجهة لمن سأل الأستاذ "طلال" .. يقول الأستاذ :(القراءة المبالغ بها لا تجعل منا أذكياء. بعض الناس يبتلعون الكتب،وهم يفعلون ذلك بدون فاصل للتفكير الضروري،وهو ضروري لكي يهضم المقروء ويتبنى ويفهم. عندما يتحدث إليك الناس يخرجون من أفواههم قطعا من هيجل و هايدجر أو ماركس في حالة أولية غير مصاغة جيدا. عند القراءة،فإن المساهمة ضرورية مثلما هو ضروري للنحلة العمل الداخلي والزمن،لكي تحول رحيق الأزهار المتجمع إلى عسل){ ص 25 -26 (هروبي إلى الحرية ) / علي عزت بيجوفيتش / ترجمة : إسماعيل أبو البندورة "على الغلاف الداخلي،ترجمة : إبراهيم أبو البندورة!!" / دمشق / دار الفكر / الطبعة الثالثة 1429هـ = 2008م}.كانت"التعسيلة"الأولى قد مرت قبل عدة صفحات من هذا النص :("يعرف هيجل الزنوج والهنود والصينيين بصورة سيئة للغاية (..) "هيجل فلسفة التاريخ". تعليقي : في هذه التصريحات توجد عنصرية واضحة (..) "الفرد هو الذي يوصف بأنه أخلاقي أو غير أخلاقي،وليس الشعب،ولذلك فإن كل تعميم غير مقبول){ ص 21 - 22}.اسم"هيجل" – في كتابه"فلسفة التاريخ" وغيره – سوف يتكرر كثيرا في الكتاب."التعسيلة"الثانية كانت حول :(تيريزا بطلة رواية – كونديرا"خفة الكائن اللامحتمل" تحيا العري كعلاقة على التماثل الإجباري لمعسكرات الاعتقال – علاقة الإذلال.(..) في الحب بين"الرجل والمرأة"هناك بالإضافة إلى أشياء أخرى إعلان الفردية. "أحبك وحدك" تعني : أنني أفرق بينك وبين كل الأخريات،والمرأة المحبوبة لا يمكنها "أو لا يجب عليها"أن تفكر بأنها أجمل وأفضل من كل الأخريات،وإنما بأنها مغايرة. وهذا هو الحب والغيرة؟إنها ثورة ضد المساواة،وضد إزاحة الفردية. أعتقد بأن هذه واحدة من أفكار كونديرا في كتاب" خفة الكائن اللامحتمل"){ ص 26}.ثم إلى"الشيخ زبير"والذي يتكرر اسمه أيضا بشكل متكرر :(في تراجيديا الملك لير،يبين شكسبير،كيف أن لير حتى وهو في حالة جنون يفهم الحياة،وجلوستر حتى وهو أعمى يرى الحياة. العقل والعيون غالبا لا ترى. الروح هي تلك التي تفهم وترى!!){ ص 27}.ثم قفزة إلى"الشرق" :(المفهوم الصيني"تاو = منحدر من لاوتسي" واسع تقريبا وغير واضح بشكل كاف (..) "كتاب لاوتسي – تاوتي كنغ Tao-Te-King ،كتاب عن التاو والفضيلة){ ص 29}.ثم العودة – السريعة – إلى إسبانيا :(كيف يمكن فهم "دون كيشوت سرفانتس" إلا على أنه تراجيديا فرد،يعيش خارج وضد زمنه){ص 35}.ثم إلى فرنسا :(رواية"غثيان"لسارتر يمكن فهمها كفلسفة عن أولوية الوجود على الجوهر){ ص 35}.ولم يبتعد كثيرا ..(رواية بيكيت"مولوي"تنتهي بالكلمات التالية : في منتصف الليل المطر يتدفق على حافة النافذة .. لم يكن منتصف اليل .. لم ينزل المطر "تناقضات التفكير المنطقي".. التحرك الذي تكون نتيجته لا شيء!){ ص 35 -36}.قلتُ: صمويل بيكت،الكاتب إيرلندي 1906 – 1989م،مات في فرنسا .. وكتب روياته"مولوي" بالفرنسية،سنة 1951،ونُشرت باللغة الإنجليزية سنة 1955،ترجمها باترك بولس،بالتعاون مع المؤلف.ثم ينقل عن كاتب،لا يعرفه"آية الله قوقل"!!(فهم الإنسان كفرد تاريخي حر لم ينحدر من المثيولوجيا اليونانية والفلسفة وإنما من التقاليد اليهودية،والتي دخلت عبر المسيحية إلى الثقافة الأوربية"م. سولار – الفكرة والقصة"){ ص 36}.ثم يحدد تاريخ انتهائه من قراءة أحد الكتب .. متحدثا عن عمر ابنه،وعن سنوات سجنه :(أنهيت اليوم قراءة "لعبة الكريات الزجاجية"لهيرمان هسة السبت 28/6/1986م. "يبلغ ابني اليوم تمام الثلاثين عاما،وأمامي تسع سنوات سجن تقريبا"،إنها نص معقد،حتى أن مشاعر اجتاحتني بأنها غابة كثيفة،لا أستطيع عبورها إلا بصعوبة بالغة. إنها إحدى أفضل الكتب التي قرأتها،وطبعا إحدى الكتب الأقرب إلى أفكاري ومشاكلي. ){ ص 39}.في نفس الصفحة نجد إشارة إلى كتاب آخر :(في كتابه"مدح الغباء" لـ"إيرازموس روتيرداموس" 1467 – 1536م"يريد أن يثبت كيف ينجز الكثير باسم الغباء،وكم يدين له العالم. الغباء : يقول عن نفسه :"الناس يستدعونني دائما،ويشعرون مع كل خطوة بأثري اللطيف،ولكن على الرغم من ذلك،وخلال هذه القرون لم يقم أحد وبكلمات محترمة بإظهار المدح للغباء"){ ص 39}.ومرة أخرى .. يشير الأستاذ إلى انتهائه من قراءة كتاب،ولكن دون تحديد التاريخ :(فرغت لتوي من قراءة رواية"ديكنز – ديفيد كوبرفيلد"وفكرت هل أن السيد موروستون وشقيتقه اللذين اخترعا ذلك النظام التربوي الغريب من وجهة نظر الأخلاق الرسمية،هما شخصان غير سويين؟ (.) الرواية الواقعية للقرن التاسع عشر "خصوصا ديكنز،شاكري،بلزاك"بينت بأن الروح الإنسانية بمواصفاتها اللانهائية للخير والشر وهاويتها التي لا تطال،يمكن أن تؤشر بالوقت نفسه على الموثوق والمتعدد في شخصيات أصحاب الصانع والبقالين وفقراء المدينة ...){ ص 42}."ديكنز"يرد أسمه عدة مرات في الكتاب .قبل أن أبتعد – أو أنسى – "هرمان هسه"أيضا يتكرر ذكره في الكتاب،مثل قول الأستاذ :(بقراءة هيرمان هيسه لاحظت بأنه كان مهموما بالأفكار نفسها مثلي،ولكنه أقدر مني على التعبير عنها.){ ص 267 - 268}.وإلى "الشعر"وشره!!(يغني"بودلير" عن الشتاء الرمادي المتأخر عندما يهب شباط الباكي الضوء البارد الذي يشبه الغسق. ولكن هذاالشاعر المعروف بـ"شاعر الشر"يعترف بمعنى العذاب :أيها الإله المبارك الذي يوزع العذاب.الدواء الإلهي لكل القاذورات والعهر.وأفضل طريقة لكي ترحل الروح ..إلى السعادة المقدسة المنذورة للناس الأقوياء."بودلير دعوات للخير.."){ ص 45}قلتُ: شارل بودلير 1821 – 1867 .. له ديوان مشهور،هو"أزهار الشر"كانت مكتبتي تحتوي نسخة منه .. آمل أن تكون قد لاذت بالفرار.تتراوح نقولات الأستاذ بين الكلام المرسل .. وأحينا ينقل بين هلالين .. دون ذكر اسم الكتاب،مكتفيا باسم الكاتب .. وأحيانا يوثق نقله .. كما حصل هنا :(إليكم مثالا عن المادية المتماسكة : هناك حتمية واحدة مشابهة،تدير قطعة حجر والعقل الإنساني "إميل زولا – الرواية التجريبية ص 119"،ولذلك وفقا لأفكار"زولا"الطرق نفسها يجب أن تكون مشتركة للعالم ولكاتب الرواية. كاتب الرواية يكمل عمل الفيزيولوجي،وهذا عمل الفيزيائي أو الكيميائي .. حدود العلم هي حدود الرواية){ ص 45}.وإلى المسمى"أبو المسرح"الحديث هنريك إبسن 1828 – 1906م :(فكرت بمسرحية "إبسن : كاتيلينا"من العبث أن تبحث في هذه المسرحية عن حقائق تاريخية واجتماعية،في تلك المسرحية وصف نضال روح ثائرة ضد المحيط الأقوى منها. وفي هذه النظرة الأخلاقية المسرحية حقيقة،على الرغم من الزيف المشكل للحقيقة،التي تفتح إطارا تاريخيا اجتماعيا يحدث فيه صدام الإنسان والواقع){ ص 46}.أشار أيضا – في نفس الصفحة – لمسرحية (براند) لإبسن كذلك.في صفحة 49 حدثنا عن"إبسن" كذلك.وينقل عنه عبارة لافتة :(إذا لم توقظ اللحظات الصعبة الشعب للنضال والأعمال النبيلة،فإنه عندها لا يستحق الخلاص.){ ص 48}.وإلى الحاصل على جائزة نوبل للآداب سنة 1911/البلجيكي،الذي يكتب بالفرنسية .. موريس ماترلنيك 1862 – 1949 :(بالنسبة لإيديولوجيا "مترلنيك"الرمزية،فإن أفضل تعابير الروح هو الصمت. باللغة يوصف هذا العالم،وبالصمت ذلك الآخر الأكبر .. الحق كلما تحدثنا عن شيء فإننا بطريقة غريبة ننزع قدسيته "مترلنيك".أكبر الحقائق هي تلك التي لا تستطيع معرفتها أو التعبير عنها. وهذا وفقا لرأيي معنى السر المقدس المسيحي.){ ص 47}.وإلى فيلسوف الوجودية المؤمنة .. الدانماركي سورين كير كغارد 1813 – 1855 :("وفي كل مكان،ودائما ينظر بجدية إلى العمل.يقول"كير كغارد" أخذا في الاعتبار قانون"إبسن أو نيتشه" "إما - وإما"إما أن تكون ذلك المدعو والجاهز بلا شرط،لكي يضحي من أجل المثل،أو ألا تكون كذلك. ...){ ص 48}.ويطير الأستاذ إلى الوراء،إلى اليونان القديمة .. :(إن ما يميز"التراجيديا"اليونانية "خصوصا آسخيل و سوفوكل"هو الموقف الضمني بأن أية جهود للميت،لا تستطيع إزاحة تطبيق قانون المصير. ..){ ص 49}.ثم تحدث الأستاذ عن شخصين يحملان اسم العائلة نفسها بدأ بالرجل :("كنوت هامسون"يدعونا بأن نتعمق في سلوك ما يسمى بالإنسان الطبيعي،لكي نفهم كم يوجد في تصرفاته أشياء فائضة لكي يبدو طبيعيا تماما،يجب أن نتمسك ببعض القواعد التي لا معنى لها غالبا،وأية فردية،وأي انسحاب من هذه الوسطية يبدو لا عقليا ..){ص 51}.وثنا بالانثى :((قرأت اليوم نشيد الحب من"فيكتوريا هامسون". وهذه أشعار رفيعة فلم أقرأ أبدا شيئا أكثر أصالة من هذا الموضوع. لأنه قارن الحب بالنسيم الذي يحلق على الورد في ليلة صيفية وسماء مشعة بالنجوم،وحديقة شاذة حيث تنمو الفطريات السامة الغامضة،وتوصل هامسون إل أن"الحب هو شيء مغاير،ولا يشبه شيئا آخر في العالم"وينهي هامسون نشيده بالكلمات التالية : لكن طريقها جميعا مغطاة بالورد والدماء .. الورد والدماء){ ص 51}.قلتُ: الرجل " كنوت هامسون " 1859 – 1952 نرويجي،له رواية ذائعة الصيت – حسب آية الله قوقل – اسمها"الجوع"فازت بجائزة نوبل – سنة 1920 - ترجمها إلى العربية الأستاذ محمود حسني العرابي،وراجعها جورج جرداق .. صدرت طبعتها الأولى سنة 1965،عن "دار الروائع"ببيروت ..وصدرت طبعتها الثانية سنة 1999،عن دار"المدى"بدمشق.أما الأنثى .. فقد تبين أنني كنت واهما .. إلى حد ما !! فـ"فكتوريا"ابنة"كنوت هامسون" الأدبية أي رواية كتبها!! و نشرتها دار"المدى"أيضا وترجمها الدكتور خالد أقلعي.وهنا يعطينا الأستاذ "كورجة"من الأسماء ... ولكنها لا تسيل على لسانه جزافا .. وإنما يصدر رأيا بناه على قراءتهم :(قرأت اعترافات"تولستوي وهوجو ودوستويفسكي ورسو،واستنتجت بأن الجميع،وحتى أولئك الذين نعتقدهم عباقرة،لم يكونوا متحررين من العيوب والضعف,){ ص 57}.وهذه لمحة أو استراحة .. معطوفة على "هوميروس" مؤلف الملحمتين الشعريتين "الإلياذة"و"الأوديسة" :(الرجال الحقيقيون ليسوا قساة. فلهم عواطفهم التي لا يخجلون منها. أبطال هوميروس المشهورين والذين وصفهم هوميروس وصفا حيا في أعماله البطولية لا يخفون الدموع. عندما رأى"باتروكلو"كيف يقتل موطنوه الآخيون عند طروادة انحدرت الدموع على خديه مثل ماء على حجر صخري. فيقول له أخيل : لماذا تبكي يا باتروكلو مثل فتاة تركض وراء أمها وتبكي،لأن الأم لا تمسك بيدها؟ ولكن عندما قتل"باتروكلو"وقع أخيل على الأرض وناح بشكل مؤلم (..) أبطال هوميروس لم يكونوا أقل رجولة بسبب هذه الدموع){ ص 60 - 61}.ليس نادرا أن يأتي الأستاذ بأسماء كتاب لم يسمع بها"آية الله قوقل" .. وخصوصا الأدباء اليوغسلاف .. ومن في حكمهم :(تقول مارينا سفيتابيفا "إن عبور الحياة لا يشبه عبور حقل"((وهذا الوصف يشبه السيل الجارف،والمضيق والسهل بينهما صغير وشحيح حتى ينتظرنا في النهاية نهرا حيكما)) والأفضل لنا عبور النهر. ){ ص 67}.هنا تبين لي أن أكاد أن أغرق في محيطات الأستاذ .. كأنني أركب "الباقوطة"،سفيتة التحويت في"موبي ديك" والتي ستقضي في رحلة صيد الحوت ثلاثة أعوام!أخذتُ نفسا عميقا لأخرج من هذه المحيطات المتلاطمة الأمواج .. استعدادا لأخذ قفزة إلى الأمام – وليست قفزة "جانبية" حسب التعبير الألماني !!!! – لقد تجاوز عدد الصفحات التي أشرت عليها المئتين .. وفي بعض الصفحات أكثر من كتاب .. وأكثر من كاتب !!فمن الصفحة (67) نقفز إلى الصفحة (265)!!كتب الأستاذ :(أحد شعراء إسباينا الإسلامية "أبو الوليد الوقاصي من طليطلة 1107 – 1095م"يقول في إحدى قصائده : إن للناس علمين فقط : علم حق لا يمكن أن يصلوا إلى حدوده أبدا،وعلم كاذب لا ينفع. يعتقد البعض بأن الوقاصي فهم هذين العلمين على أنهما الميتافيزيقيا والمنطق){ ص 265}.وإلى علم آخر من أعلام المسرح الحديث .. (يقول أحد نقاد المسرح عن"بريخت"ومسرحه :"برتولد برخت" كاتب مسرحي تجاوزه الزمن بهدوء،ودون أن يلاحظ. ومسرحه المسمى بالمسرح الملحمي،لا يثير أحدا،فالمشاكل هي شيء آخر اليوم. موضوعات برخت وتوجهاته ومشاعره البروليتارية،والشعور بالعظمة،جففت المعطى الجمالي.){ ص 293 - 294}.ومضة أخرى .. كتب الأستاذ :(سؤال ألان بوسكيه أي فلسفة تختار؟ فأجاب "السلام الداخلي المملوء بالشهوات"){ ص 299}.قلتُ: " ألان بوسكيه " شاعر فرنسي – 1919 / 1998م - يبدو لي أنه كان يبحث عن الإسلام. ولكن هذا خروج عن تتبع مصادر ثقافة الأستاذ .. فلنعد إلى محور حديثنا،حيث يقول الأستاذ :(من مقدمة رواية"المرآة المحطمة – لسفيتسلاف باسار" : ها نحن وسط الخديعة التاريخية،الإنسان يختار راضيا أن يكون من نسل القرد (..) ولكن لا مزاح مع الميتافيزيقيا. إذا كان ذلك خياره،فعليه تحمل النتائج.سيصبح – أراد ذلك أم لا – يعامل كقرد،وعرضة للترويض،ومحبوس في الاحتياط "إذا كان مطيعا"أو في قفص إذا قاوم،سيكون وقع سوء استعمال الحرية مريرا،إنه قد يقلص إلى قطعة خبز ومكان صغير. في مثل هذا العالم"المعذب"ومهما دعا إلى الحرية،فإن الحرية غير ممكنة فكل شيء محدد ليس من أجل حفظ النظام،وإنما من أجل قوننة الفوضى.){ ص 324}.هذا اليوم الذي أكتبُ فيه هو التاسع من أغسطس .. وقد كتب الأستاذ :(اليوم هو الثامن من آب 1988م،أنهيت من عمري ثلاثة وستين عاما،ومضى على وجودي في السجن خمسة أعوام ونصف،وبقي لي أقل من النصف – ثلاثة سنوات ونصف. وبينما تنهض في الخارج ثورة عارمة لا أستطيع سوى المراقبة،وهذا شيء يدل في حد ذاته على أن المشهد في غاية الإثارة){ ص 367}.إلى المستشرق"جولد زيهر" – 1850 / 1921 - اليهودي المجري الشهير :(جولدزيهر : الإسلام السني هو دين "الإجماع konsenzusa"والإسلام الشيعي – دين السلطة"الإمام". الاجماع للسنة ولكن بلا اجتهاد "التحليل الابتكاري الطلق"وللشيعة العكس،فالجماهير الشيعية بكليتها أكثر خرافة من السنة"فضل الرحمن – المصدر نفسه – ص 244"){ ص 377}.هذا يعيدنا إلى المربع الأول .. وإلى أول نص نقلته عن الأستاذ،ومنه :(عند القراءة،فإن المساهمة ضرورية مثلما هو ضروري للنحلة العمل الداخلي والزمن،لكي تحول رحيق الأزهار المتجمع إلى عسل){ص 26}.لقد "هضم" الأستاذ رأي "جولد زيهر"وصاغه في عبارة مسبوكة : (بينما يدعو الشيعة إلى شرعية مبدأ الإمامة،تدعو السنة إلى مبدأ الاجماع الديمقراطي.){ ص 380}.وإلى مستشرق آخر :(ممتع هو تعريف المستشرق الإنجليزي "جيب" باحث الإسلاميات الإنجليزي 1885 – 1971م"للعروبة. وفقا له: العرب هم كل من تعود له الأحداث التاريخية المتوسطية لرسالة محمد،وذكرى الإمبراطورية العربية،وهم عدا ذلك الذين يعشقون اللغة العربية،وثقافتها التراثية المكتوبة،كأنها ملكية مشتركة.){ ص 401 -402}.خاتمة أولى :لتصور عمق المحيطات التي كدت أن أغرق في لججها،نلقي نظرة خاطفة على بعض الأسماء التي طُرز بها كتاب الأستاذ :تورجنيف / إيفو آندرتش / إدجار ألمبو/ميشا سكيموفتش،له "الدرويش والموت" / أميل سيوران،له"التاريخ واليوتوبيا"/ شوبنهور / نيتشه / باتريك سوسكند،له"الحمامة" / شلنج / تشاسلاف ميلوش،له "العقل الأسير"،تكررت الإشارة إليه / فورباخ – منظر الإلحاد،كما سماه - /" كانت" أشار مرات إلى"نقد العقل المحض"و"نقد العقل الخالص" / فولتير / طاغور / بلزاك،أشار إلى "تاريخ فرنسا ذي العشرة أجزاء" / الدوس هكسلي / آدم سميث /أمبرتو إيكو/ إريك فروم،له"الهروب من الحرية" / إليوت،أشار إلى"جريمة قتل في الكاتدرائية"/ كارل بوبر / محمد أسد / حديث عن العمارة الحديثة عند"لي كوربيزييه".خاتمة ثانية : قد يظن واهم أن كتاب الأستاذ يخلو من الإشارة إلى الكتب العربية أو إلى الثقافة الإسلامية .. وهو كما أسلفتُ واهم .. فنحن نجد الأسماء التالية :ابن طفيل،أشار إلى"حي بن يقظان" / أبو العتاهية / البيروني / الماوردي / الأشعري / ذو النون المصري / ابن عربي / ابن حزم / أبو نواس / ابن المقفع / الفردوسي / النظامي / سعدي / حافظ / الطبري / المقدسي / ابن جبير / محمد عبده / عبد القادر محداد"جزائري" / ميخائيل نعيمة/ كامل حسين"مصري" توفيق الحكيم / جبران خليل جبران.وقد اعتمد الأستاذ على كتاب"تاريخ الأدب العربي" لفرانسيسكو جابرييلي،وهو مستشرق إيطالي 1904 – 1996م،وعلى الباحث الباكستاني فضل الرحمن،وقد عرفه المترجم – في الهامش – بأنه" كان أستاذا للفكر الإسلامي في قسم لغات الشرق الأدنى في جامعة شيكاغو.من مؤلفاته : الأسارية – الإسلام والنبوة في الإسلام – الفلسفة والسلفية – والإسلام وضرورة التحديث.من منشورات جامعة شيكاغو.المترجم){ ص 370}.الخاتمة الثالثة : كتب الأستاذ : (عندما احتل "إيوجين سافويسكي"سراييفو أحرق المدينة تماما،واقتاد عشرة آلاف من المسلمين ذكورا وإناثا إلى العبودية في النمسا. والفتيات اللاتي اختبأن لسنوات وراء حجابهن،وزعن على الجنود والضباط كغنائم حرب"جريدة أوسلو بوجينيا سراييفوا 24 آب 1988م"){ ص 405}.بهذه الومضة المئلمة .. والتي تلمح لما حصل في "سراييفو" حديثا على أيدي الصرب .. مع تغير الزمان .. كما تلمح إلى أن"الضعيف" سيقع دائما تحت تهديد القوي .. وسيظل أي الضعيف تحت تهديد ألف سفاح مثل"إيوجين سافويسكي"!!والحمد لله أنني لحقتُ نفسي .. وقفزتُ من"الباقوطة" قبل أن أغرق .. قفزتُ متأرجحا بين الوفاء بالوعد .. ونكثه .. وطيب أن أخرج لا ليَ ولا عليا.وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد وعلى آله.أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدنيالغوص في محيطات"بيجوفيتش"الثقافية!