رحم الله سلطان العاشقين سيدى عمر بن الفارض حين قال:
قَلْـبِي يُـحَدِّثُنِي بِأَنَّكَ مُتْلِفِـي.......................................
قَلْـبِي يُـحَدِّثُنِي بِأَنَّكَ مُتْلِفِـي*** رُوحِي فِدَاكَ عَــرَفْتَ أَمْ لَمْ تَعْرِفِ
لَمْ أَقْضِ حَقَّ هَوَاكَ إِنْ كُنْتُ الّذِي*** لَمْ أَقْضِ فيهِ أَسًى وَمِثْلِيَ مَنْ يَفِي
مَا لِي سِوَى رُوحِي وَبَاذِلُ نَفْسِهِ***فِي حُبِّ مَـنْ يَهْوَاهُ لَيْسَ بِمُسْرِفِ
فَلَئِنْ رَضِيتَ بِهَـا فَقَدْ أَسْعَفْتَنِي ***يَـا خَيْبَةَ المَسْعَى إِذَا لَمْ تُسْعِــفِ
يَا مَانِعِي طِيبَ المَنَامِ وَمَانِحِي*** ثَـوْبَ الْسَّقَامِ بِــهِ وَوَجْدِي المُتْلِفِ
فَـالوَجْدُ بَاقٍ وَالوِصَالُ مُمَاطِلِي***وَالـصَّـبْـرُ فَـانٍ وَاللِّقَاءُ مُسَوِّفِي
عَطْفًا عَلَى رَمَقِي وَمَا أَبْقَيْتَ لِي***مِنْ جِسْمِيَ المُضْنَى وَقَلْبِي المُدْنَـفِ
لَمْ أَخْلُ مِنْ حَسَدٍ عَلَيْكَ فَلاَ تُضعْ***سَـهَـرِي بِتَشْنِيِع الخَيَالِ المُرْجِفِ
وَاسْأَلْ نُجُومَ الليلِ هَلْ زَارَ الكَرَى*** جَفْنِي وَكَيْفَ يَزُورُ مَنْ لَـمْ يَعْرِفِ
لاَ غَرْوَ إِنْ شَحَّتْ بِغُمْضِ جُفُونِهَا***عَيْنِي وَسَـحَّتْ بِالدُّمُوعِ الـذُّرَّفِ
وَبِمَا جَرَى فِي مَوْقِفِ التَّوْدِيعِ مِنْ***أَلمِ النَّوَى شَاهَدْتُ هَـوْلَ المَوْقِفِ
إِنْ لَمْ يَكُنْ وَصْلٌ لَدَيْكَ فَعِدْ بـِهِ*** أَمَلِي وَمَاطِلْ إِنْ وَعَــدْتَ وَلاَ تَفِي
فَالمَطْلُ مِنْكَ لَدَيَّ إِنْ عَزَّ الوَفَا يَحْلُو*** كَـــوَصْلٍ مِنْ حَبِيبٍ مُسْعِفِ
أَهْفُو لأَنْفَـاسِ الـنَّـسِـيمِ تَعِلَّةً ***وَلِوجْـهِ مَـنْ نَقَلَتْ شَذَاهُ تَشَوُّفِي
فَـلَعَـلَّ نَارَ جَوَانِحِي بِهُبُوبِهـا*** أَنْ تَـنْطَـفِـي وَأَوَدُّ أَنْ لاَ تَنْطَفِي
يَـا أَهْلَ وُدِّيَ أنْتُمُ أَمَلِي وَمَـنْ*** نَـادَاكُمُ يَـا أَهْــلَ وُدِّي قَدْ كُفِي
عُودُوا لِمَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِـنْ الوَفَا ***كَـرَمــًا فإِنِّيَ ذَلِكَ الخِـلُّ الوَفِى
وَحَيَـاتـكُمْ وَحَيَاتِكُمْ قَسَماً وَفِي*** عُـمْرِي بِـغَـيْرِ حَيَاتِكُمْ لَمْ أَحلِفِ
لَوْ أَنَّ رُوحِي فِي يَدِي وَوَهَبْتُهَا*** لِمُـبَـشِّـرِي بِقُدُومِكُمْ لَـمْ أُنْصِفِ
لاَ تَحْسَبُونِي فِي الهَوَى مُتَصَنِّعاً*** كَـلَـفِي بِـكُـمْ خُلُقٌ بِغَيْـرِ تَكَلُّفِ
أَخْفَـيْـتُ حُبَّكُمُ فَأَخْفَانِي أَسىً*** حَـتَّى لَـعَمْرِي كِدْتُ عَـنِّي أَخْتَفِي
وَكَـتَـمْـتُـهُ عَنَّي فَـلَـوْ أَبْدَيْتُهُ*** لَوَجَدْتُهُ أَخْفَى مِنَ اللُّطْفِ الخَفِي
وَلَـقَدْ أَقُولُ لِمَنْ تَحَرَّشَ بِالْهَوَى ***عَرَّضْتَ نَفْسَـكَ لِلْبَـلاَ فَاسْتَهْدِفِ
أَنْـتَ القَتِيلُ بِـأَيِّ مَنْ أَحْبَبْتَهُ فَاخْتَرْ*** لِنَفْسِكَ فِي الهَوَى مَنْ تَصْطَفِي
قُلْ لِلْعَذُولِ أَطَلْتَ لَوْمِي طَامِعاً*** أَنَّ المَـــلاَمَ عَنِ الهَوَى مُسْتَوْقِفِي
دَعْ عَنْكَ تَعْنِيفِي وَذُقْ طَعْمَ الْهَوَى*** فَـإِذَا عَشِقْتَ فَبَعْــدَ ذِلكَ عَنِّفِ
بَرِحَ الْخَفَاءُ بِحُبَّ مَنْ لَوْ فِي الدُّجَى***سَفَرَ اللِّثَامَ لَقُلْـتُ يَا بَدْرُ اخْتَفِ
وَإِنِ اكْتَفَى غَيْرِي بِطَيْـفِ خَيَالِهِ*** فَـأَنَـا الّــذِي بِوِصَالِهِ لاَ أَكْتَفِي
وَقْفـًا عَلَيْهِ مَحَبَّتِي وَلِــمِحْنَتِي*** بِأَقَـلَّ مِـنْ تَلَفِي بِـهِ لاَ أَشْتَفِي
وَهَــوَاهُ وَهْوَ أَلِيَّتِي وَكَفَى بِـهِ*** قَسَمــًا أَكَـادُ أُجِلُّهُ كَالْمُصْحَفِ
لَوْ قَالَ تِيهًا قِفْ عَلَى جَمْرِ الغَضَا*** لَـوَقَفْتُ مُمْتَثِلاً وَلَـــمْ أَتَوَقَّفِ
أَوْ كَانَ مَنْ يَرْضَى بِخَدِّي مَوْطِئـًا ***لَوَضَعْتُهُ أَرْضـــًا وَلَمْ أَسْتَنْكِفِ
لاَ تُنْكِرُوا شَغَفِي بِمَا يَرْضَى وَإِنْ*** هُـــوَ بِالوِصَالِ عَليَّ لَمْ يَتَعَطَّفِ
غَلَبَ الهَوَى فَأَطَعْتُ أَمْرَ صَبَابَتِي***مِنْ حَيْثُ فِيهِ عَصَيْتُ نَهْيَ مُعَنِّفِـي
مِنّي لَـهُ ذُلُّ الخُضُوعِ وَمِنْهُ لِي*** عِـــزُّ المَنُوعِ وَقُوَّةُ المُسْتَضْعِفِ
أَلِفَ الصُّدُودَ وَلِـي فُؤادٌ لَمْ يَزَلْ*** مُـــذْ كُنْتُ غَيْرَ وِدَادِهِ لَمْ يَأْلَفِ
يَـامَـا أُمَيْلَحَ كُلَّ مَا يَرْضَى بِهِ*** وَرُضَـابُــهُ يَاما أُحَيْلاَهُ بِـفِـي
لَوْ أَسْمَعُوا يَعْقُوبَ ذِكْـرَ مَلاَحَةٍ فِي*** وَجْهِهِ نَسِـيَ الجَمَالَ اليُوسُفِي
أَوْ لَـوْ رآهُ عَائِدًا أَيُّوبُ فِــي سِنَةِ*** الكَرَى قِدَمـًا مِنَ البَلْوَى شُفِي
كُــــلُّ البُدُورِ إِذَا تَجَلَّى مُقْبِلاً*** تَصْبُو إِلَيْهِ وَكُلُّ قَــــدٍّ أَهْيَفِ
إِنْ قُلْتُ عِنْدِي فِيكَ كُــلُّ صَبَابَةٍ قَالَ*** المَلاَحَةُّ لِـي وَكُلُّ الحُسْنِ فِي
كَمَلَتْ مَحَاسِنُهُ فَـلَوْ أَهْدَى السَّنَا*** لِلبَدْرِ عِــنْــدَ تَمَامِهِ لَمْ يُخْسَفِ
وَعَلَـى تَفَنُّنِ وَاصِفِيهِ بِحُسْنِــهِ***يَفْنَى الزَّمَانُ وَفِيهِ مَا لَمْ يُوصَـفِ
وَلَقَـــدْ صَرَفْتُ لِحُبِّهِ كُلِّي عَلَى يَدِ*** حُسْنِهِ فَحَمِدْتُ حُسْـنَ تَصَرُّفِي
فَالعَيْنُ تَهْوَى صُورَةَ الحُسْنِ الّتِي*** رُوحِي بِهَا تَصْبُو إِلى مَعْنًى خَفِي
أَسْــعِــدْ أُخَيَّ وَغَنِّنِي بِحَديِثِهِ*** وَانْثُرْ عَلَـى سَمْعِي حُلاَهُ وَشَنِّفِ
لأَرَى بِعَيْنِ السَّمْعِ شَاهِدَ حُسْنِـهِ*** مَعْنًى فَأَتْحِفْنِي بِـــذَاكَ وَشَرِّفِ
يَا أُخْــتَ سَعْدٍ مِنْ حَبِيبِي جِئْتِنِي*** بِـرِسَـالَـةٍ أَدَّيْتِهَا بِتَلَطُّـفِ
فَسَمِعْتُ مَا لَمْ تَسْمَعِي وَنَظَرْتُ مَا*** لَمْ تَنْظُرِي وَعَرَفْتُ مَا لَمْ تَعْرِفِي
إِنْ زَارَ يَوْمــًا يَا حَشَايَ تَقَطَّعِي*** كَلَفـًا بِهِ أَوْ سَارَ يَا عَيْنُ اذْرِفِي
مَا لِلنَّوَى ذَنْبٌ وَمَنْ أَهْوَى مَعِـي***إِنْ غَابَ عَنْ إِنْسَانِ عَيْنِي فَهْوَ في
====
عمر بن الفارض