الشمس تميل إلى الغروب ، الطيور بدأت تغادر المكان ، الكلاب تحرس الأغنام من الذئاب الشرسة ، البنايات تتسربل وتختفي في جنح الظلام الليل يسدل ستائره ، لقد بدأت الحركة تتوقف ، كانت الجدة جالسة قرب المدفأ حاملة سبحتها ، تذكر الله ، وأحيانا ترفع بصرها إلى السماء ثم ترفع يديها ، الأطفال من حولها ينظرون إليها متعجبين ، هاهي الجدة تبتسم ثم تنادي الابن الأصغر : هيا تعالى عزيزي لأحكي لك قصة جميلة ، أسرع الطفل وجلس في حجر جدته ، ..جاءت أم الأطفال وقالت : لقد حان وقت الصلاة هيا لنصلي ، قالت الجدة بعد الصلاة سأحكي لكم قصة رائعة ، فرح الأطفال ..قال عمر لإمه هيا أمي اسرعي اسرعي ، قالت الأم وهي تبتسم : مهلا : مهلا ياعمر ، هل توضأت ..قال عمر وهو يبتسم : ها لقد نسيت ، قال الأب : هيا توضأ ماذا تنتظر ...وبعد لحضات أقيمت الصلاة ..الجميع في خشوع ، كان الأب يقرأ ويرتل ودموعه تنهمر ، لما يبكي الأب ياترى ما أصابه ، هل تذكر وفاة والدته ، لقد طال الأب القراءة والركوع والسجود ، ...ثم جلس الأب والأطفال جلوس التشهد الأخير ثم سلم ، كانت الدموع بادية على محياه ، ....قالت الجدة مابك يا بني لما هذا البكاء ، قال : وصوته قد تغير : لقد تذكرت يا أمي ...لم يستطيع الحديث ، زادت حيرة الأطفال وحيرة الجدة ، والزوجة ، تساءل الجميع ، هل يشكو من مرض ، هل أصابه مكروه ، هل عكر صفوه شخص ما ، لم يستطيع الأب أن يكمل الحديث ، لم يستطيع تناول الطعام ، الدموع لا زالت تنهمر ، أمسكت الجدة عن حكاية القصة للأطفال ، الأطفال ينتظرون الجدة لتحكي لهم قصتهم المفظلة قبل النوم ....قال الأب للجدة : إن الأطفال ينتظرونك أن ت تسرد لهم قصصا ....قالت الجدة ولكن مال أراك حزينا كئبا ...قال الأبن الصالح والزوج الرحيم للجدة ...لقد ألمني موت صديقي علي ، لقد كان يصلي وفي الركعة الأخيرة لفظ أنفاسه ، لقد بكاه الجميع ، ثم سار في جنازته كثير من المصلين ، ثم تذكرت الأخرة ولقاء الله ، ثم كأني أشاهد النار وقد إزدادت نيرانها ، والجنة قد اقتربت من الصالحين ، فقلت :ياترى ما مصيري وانتباني خوفا شديد ...بكت الجدة بكاء طويل ، وبكت الزوجة المطيعة ، وبكى الأطفال ، ثم أخذوا مصاحف وبدأوا يقرأون القرأن وهم خاشعون ......بقلم أبوبكر شرق الجزائر ..20/9/2016