صحفية تحبط مخطط القنصل الفرنسي في جدة
20-05-1436 05:55
موقع المثقف الجديد- حبيب عبدالله::
أحبطت صحيفة "مكة" لقاء خاصا بين القنصل الفرنسي السيد لويس بلين وسيدات سعوديات , وذلك في سكنه الخاص في مدينة جدة، وهو عبارة عن أمسية كانت "مخصصة للسيدات فقط" بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ومن أجل توزيع جائزة "القنصلية الفرنسية في جدة للمرأة" ومن أجل تكريم عدد من السيدات السعوديات اللاتي تمت دعوتهن للقاء اللقنصل في سكنه الخاص.
القنصلية الفرنسية التي لم تنوه باللقاء ,ولم توجه أي دعوة صحفية ,وحرصت على سرية اللقاء وعدم الكشف والتحدث عنه لأي وسيلة إعلامية أو وسيلة تواصل اجتماعي على شبكة الإنترنت، وحرصت على أن يكون اللقاء في منزل القنصل الخاص ,وليس في مكان عام كفندق أو حتى مبنى القنصلية.
ويبدو أن خبر صحيفة "مكة" عبر الصحفية فاطمة العوفي وكشفه للتفاصيل والمكان قبيل اللقاء وعلى الصفحة الأولى فاجأ القنصل الفرنسي الذي قام بدوره بإلغاء "أمسية السيدات" والتواصل مع جميع السيدات السعوديات وإبلاغهن بإلغاء المناسبة، ومما يؤكد دور صحيفة مكة بإلغاء المناسبة هو استياء زوجة القنصل الفرنسي من قيام الصحفية بنشر الخبر في الصحيفة بدون أن توضح القنصلية "سبب الإلغاء"، ولكن يظهر أن سرية اللقاء كان مخططا لها إلا أن كشف الصحيفة عنه تسبب في إلغائه.
وهنا يتبادر للذهن ثلاث قضايا أولها السعي الدؤوب للسفارات الأجنبية واستمرارها في عملية الاستغلال الثقافي للسعوديين تحت مسميات التكريم والجوائز في مختلف المناسبات العالمية كيوم المرأة وحقوق الإنسان ومؤتمرات الشباب والقيادة، وهنا لا أقلل من قيمة الأشخاص المكرمين ,وهناك أسباب لقبولهم مثل هذه الجوائز ,ولكن لا مجال لذكرها هنا ,ولكن منها التهميش المحلي وغياب التكريم المادي والمعنوي، ولكن هناك أيضا من يكرم وهو لا يستحق ذلك التكريم إطلاقا لا محليا ولا خارجيا بل لمجرد أنه "سعودي" أو أنه "متمرد" على الثقافة السائدة وعلى مجتمعه المحلي، وغالبا لأنها مجرد "امراة"، ويأتي اهتمام السفارات الأجنبية كالفرنسية والأميركية مركزا حول قضايا المرأة السعودية تحت عناوين التغيير ودعم القيادات النسائية والشابة.
والقضية الثانية هي حرص السفارات على سرية نشاطاتها ومحاولاتها الحذرة لتجنب الحديث والتواصل مع وسائل الإعلام أو حتى الإشارة لنشاطاتها في حساباتها على شبكات التواصل الاجتماعي في حين نجدها تهتم بإعادة نشر أي أخبار تخص المرأة السعودية في الخارج مثلا حصولها على جائزة علمية أو ثقافية في أوروبا أو اميركا أو مشاركتها في مناسبة رياضية، بينما لا تهتم إطلاقا بحصول أي رجل سعودي على أي جائزة أجنبية مهما كان حجمها ونوعها.
والقضية الأخيرة هي وبالرغم من نشر خبر اللقاء الخاص بين القنصل الفرنسي وبين السيدات السعوديات "فقط" وفي "سكنه الخاص" وعلى الصفحة الأولى لصحيفة "مكة"، لم يتجرأ كاتب أو إعلامي ومثقف سعودي على انتقاده أو حتى طرح تساؤل برئ حول نوايا وأهداف مثل هذا اللقاء، وأقصد بمفردة"أحد" اولئك الذين يصابون بالهوس والجنون عند أي لقاء بين داعية سعودي وبين نساء رغم أن التواصل عادة يكون عبر شاشة تلفزيونية ,وليس بشكل مباشر كما هو في الجامعات كجامعة الأميرة نورة أو الملك سعود، وأولئك الذين يملئون الشبكات الاجتماعية ضجيجا وهيجانا عند تواصل الداعية السعودي مع فنانين وفنانات من أجل الدعوة وتليين القلوب وتذكيرها ,ورغم عدم وجود السرية في نشاطات هؤلاء الدعاة، ورغم إحسان الظن في نواياهم التي لا يمكن مقارنتها بنوايا سفارات أجنبية.
وتبقى غايات السفارات الأجنبية محل شك، ولا يمكن بأي حال من الأحول إحسان الظن في نواياها وأنشطتها وجوائزها فما هي إلا باب ثقافي واسع يمكن الولوج من خلاله لصلب أي مجتمع، ولأن ما تحتاجه نساء في دول أخرى كفلسطين ودول فقيرة ومهمشة أخرى حول العالم أكثر بكثير مما تحتاجه المرأة السعودية ,وهنا يظهر النفاق الدبلوماسي وخبث الغايات، وقد كانت معظم الجوائز الأجنبية التي سلمت لشخصيات سعودية أو حتى عربية كانت لرجال ونساء ناقمين على مجتمعاتهم وثقافتهم، ولم يتسلم بعضهم تلك الجوائز حتى أثبتوا خروجهم وتمردهم على الدين والأعراف الثقافية والاجتماعية وكل بحسب ملاءمة تمرده مع أعراف وثقافة وتقاليد بلده.
قديماً يُحرّج «الدلاّل» على «التركة» ليتم توزيعها في «جو» من التسامح والهدوء
توزيع الميراث.. من البساطة والتراضي إلى الانتظار والمحاكم
ساهم صفاء النفوس قديماً في توزيع التركة دون مشاكل
إعداد: حمود الضويحي
عندما يرحل المرء عن هذه الدنيا الفانية، فإن الحزن يرتسم على وجوه أحبته، خاصةً أقاربه، ليتجرع أهل البيت الزوجة والأبناء مرارة الفراق، وهذه هي سنة الله في خلقه، الجميع راحلون.
وعند رحيل الميت لابد أن تتم قسمة تركته التي جمعها طوال حياته، وهو لا يدري بأنه يجمعها لغيره كما قال الصحابي "علي بن أبي طالب" -رضي الله عنه- في شعر الحكمة:
أموالنا لذوي الميراث نجمعها
ودورنا لخراب الدهر نبنيها
تركة الأولين: «قدور»، «صحون»، «دلال»، «زوالي».. في الوقت الحالي زادت وتعقدت
فبعد أن يتقبل ذوو الميت التعازي في رحيل فقيدهم يتم اجتماع الورثة ليتقاسموا التركة -الميراث-، وأول خطوة يتم اتخاذها تكون بحصر التركة من أموال سواءً كانت نقداً أو أثاثاً أو عقاراً، ومن ثم النظر هل على المتوفى ديون؟، فتسدد من التركة في الحال، ثم النظر في وجود وصية من الميت لأحد من غير الورثة من هبة أو وقف، على أن لا تتجاوز ثلث التركة، وبعد هذه الخطوات يتم توزيعها على الورثة حسب النصيب الشرعي لكل واحد منهم.
أعطى أبناءه أمواله قبل وفاته فوجد إهمالاً منهم ليرد عليهم بطريقة «الصندوق الثقيل»!
كانت قسمة الإرث فيما مضى يسيرة لا تستغرق سوى أيام معدودة، وذلك يرجع إلى سببين أولهما؛ قلة المال المتروك للوارث فيما مضى، والثاني صفاء النفوس ورضاها بما تيسر بما تملكه من إيثار ومحبة، لذا فقد كانت القسمة تتم في جو من التسامح والهدوء، وتنتهي مراسم التوزيع بعدل ورضا من الحضور، فكثيراً ما كانت تشهد جوامع القرى جمهرة الناس بعد صلاة الجمعة من أجل حضور "الحراج" على متاع أحد الموتى، حيث يجمع ورثة الميت متاعه وتسليمه ل"الدلاّل" الذي يبدأ "التحريج" على التركة التي كانت قديماً بسيطة مثل أن تكون أواني مثل "ميقعة"، "قدور"، "صحاف"، "صحون"، "دلال قهوة ومعاميلها"، وأثاث مثل "زوالي صوف" وملبوسات، وربما كان هناك "حلي" أو أدوات زراعية، وبعد اتمام البيع يدفع "الدلاّل" قيمة التركة إلى أصحابها بعد أن يخصم عمولته، وقد تغير الحال في العصر الحاضر عمّا كان عليه سابقاً، فقد تعددت ولله الحمد والمنة النعم وزادت التركات عمّا كانت عليه سابقاً، وصار أمر توزيعها يستلزم وقتاً أطول، وقد تحدث بعض العقبات، مما يستدعي الأمر إلى تدخل القضاء والمحاكم في الفصل في ذلك.
وأثناء توزيع التركة يتم التراضي بين الورثة غالباً على التقسيم، فمثلاً يتم توزيع العقارات على عدد منهم، بينما يأخذ البعض مقابل ذلك نقوداً، والبعض الآخر شيئاً من الأثاث، لكن عند الاختلاف يتم بيع كل الممتلكات ويكون للورثة الحق في الشراء إذا نفذ البيع على أحد خارج الورثة، ويكون له حق "الشفعة"، وذلك بأن يدفع ثمن ما يباع ويشتريه هو، فيكون هو أولى من غيره بالشراء شرعاً، ومن ثم يتم توزيع ثمن كل التركة على جميع من يحق له الإرث فيأخذ كلٌ نصيبه المقدر.
قاصر وجنين
وكان توزيع التركة سهلاً وميسراً إذا كان كل الورثة من الراشدين، حيث يتم توزيع التركة حسب الأنصبة الشرعية، مما يشعر الجميع بالرضا، أمّا في حال كان في الورثة من هو صغير لم يبلغ سن الرشد، والذي يطلق عليه اسم "قاصر" فإن توزيع التركة يكون فيه تمهل، وذلك بأن تقسم حسب النصيب الشرعي لكل الورثة، ويترك مال القاصر لمن يعمل بالوصاية عليه والذي يسمى "ولي"، فلا يتم التصرف فيه إلاّ بعد أن يكبر ويرشد فيسلم له، أو في حال كون التصرف في أرثه مصلحة فيحددها القاضي بعد عرض الولي ذلك عليه واقتناعه بذلك.
وقد يكون أحد الورثة في مرحلة الحمل ومع ذلك فلا يتأخر توزيع الإرث على الورثة، بل يحسب على أن الجنين ولد فتوزع التركة ويتم إبقاء نصيب الحمل كولد وعند الولادة يسلم لوليه إن كان ولداً، وإن كان أنثى فيتم احتساب النصف ويتم توزيع الباقي على بقية الورثة كل حسب حصته الشرعية، وقد يكون لكل قاعدة شواذ وذلك بأن يكون المولود توأماّ من الذكور فيدفع الورثة نصيب الابن الثاني مما قد أخذوه من الإرث سابقاً، وقد يتم التريث في توزيع التركة إذا كانت زوجة المتوفى في حال وعمر يسمح لها بالحمل، فينتظر حتى إتمام العدة فإن بان عليها حمل فيتم توزيع التركة على أن الحمل ولداً زيادة في الاحتياط.
الدلال يبدأ بالتحريج على التركة وبعد بيعها يتم توزيع المال على الورثة
والحقيقة أن نظام الإرث في الشريعة الإسلامية يؤسس على مجموعة من القواعد التي يتميز بها عن سائر الأنظمة الأخرى، فقد كفل لكل ذي حق حقه فلا يضاهيه نظام قبله ولا نظام بعده وفيه تغليب على مصلحة كل وارث من ذكر وأنثى، لذلك أصبح علم المواريث أو "الفرائض" من العلوم المهمة التي يتم الرجوع اليها في أي مشكلة قد تطرأ في أي زمان ومكان، ومن أجل ذلك وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه نصف العلم.
مجرد هبة
دأب قلة من الناس إلى توزيع تركته على ورثته قبل وفاته، خاصةً إذا كان كبيراً في السن وظن أن أجله قد دنا، وهو يرجو بذلك أن يرى نفع ماله على ورثته وهو على قيد الحياة ويظن أن الاحتفاظ بالمال وهو ضعيف لا يقوى على التصرف فيه سيفوت فرصة استفادة الورثة منه لعدة سنين، والغالب على من يفعل ذلك لمن يجد في ورثته الصلاح والتقوى فيريد بذلك أن يعينهم على الخير ويرى ثمرة ذلك في حياته، لكن عدداً من علماء الإسلام رفض سلوك الآباء الذين يوزعون أموالهم وممتلكاتهم على أولادهم خلال حياتهم، حتى لو تم وفق قواعد الميراث الشرعي، وأكدوا أن الميراث الذي قررته شريعة الإسلام لا يوزع إلاّ بعد وفاة المورث، لكن من يوزّع تركته يتحجج بأن ما يفعله هو مجرد هبة، فهو يهب الورثة المال في حياته وبنفس طريقة الإرث حتى يكون في ذلك عدالة، وعلى الرغم من ذلك فإن هناك العديد من القضاة والمحامين والقانونيين ورجال مال وأعمال يرون إيجابية توزيع الإرث في حياة الملاك، معللين ذلك بالحفاظ على الترابط الأسري بين الأبناء بعد وفاة المورّث، وعدم اللجوء إلى المحاكم لحل النزاعات بينهم، وترك المجال أمام الورثة للتصرف بأموالهم في وقت مبكر دون الحاجة إلى انتظار سنوات طويلة، وكذلك استمرارية الأعمال التجارية للشركات العائلية دون تأثر أو تأثير على الاقتصاد المحلي.
وزّع فندم
ومن قصص جحود الأبناء التي ابتلينا بها مؤخراً قصة ذلك الشيخ الهرم الذي أقعده الزمان وكان له ثلاثة من الولد، فخاف عليهم الفرقة بعد موته، فوزّع ثروته عليهم بالتساوي قبل مماته بعد أن توفيت زوجته وتركته وحيداً، وبعد أن وزّع ثروته أصبح بلا مال ولا مأوى إلاّ مما ظن أنه سيعفيه من ذل الزمان وهو أولاده الذي دفع لهم عصارة جهد عمر وكفاح ضيعه في جمع ثروته التي وزعها عليهم لينعموا بها في حياته، وحتى لا يملوا بقاءه من أجل أن يحصلوا عليها، وبعد مدة من الزمن لاحظ هذا الوالد ذو النية الحسنة أن اهتمام أبنائه قد بدأ يقل شيئاً فشيئاً، بل إنه بدأ الضجر يخرج منهم فكان يسكن مع أكبرهم الذي قال له: "يا والدي ما رأيك أن تزور أخي الأوسط وتجلس معه أياماً"، وبالفعل ذهب إلى زيارة ابنه الأوسط الذي استقبله على مضض ولم تمض أيام حتى طلب منه أن يزور أخاه الأصغر ليعطيه الفرصة لبره، وبالفعل ذهب إليه وبقي عنده أياماً ولكنه تضجر من وجوده وكذلك زوجته وأبناؤه، مما جعلهم يطلبون منه العودة إلى منزل الابن الأكبر وهكذا صار يعيش في دوامة، بل صارت حالته كمن هو على جناح سفر دائم، فما أن يستقر به المقام إلاّ وسفر آخر ينتظره، فخرج ذات يوم مكسور الخاطر فوجد صديقه المقرب إليه فشكا إليه حاله وأبدى ندمه على توزيع ماله على أبنائه قبل وفاته، وتذكر قول الشاعر "بركات الشريف" الذي قال في قصيدة نصح لولده:
وأحفظ حلالك اللي مع الناس يغنيك
اللي إلى بان الخلل فيك يرفاك
وأجعل دروب المرجلة من معانيك
وأحذر تمايل عن درجها بمرقاك
وأدب ولدك إن كان تبغيه يشفيك
واستسعفه من بعد مرباه يالاك
ولمّا رأى صاحبه ما حل به هدأ من روعه وقال: "ان لدي خطة محكمة ستجعل من أبنائك بررة بك رغماً عنهم"، فقال: "دلني عليها بسرعة"، قال: "سأشتري لك صندوقاً من حديد، وسأضع فيه شيئاً ثقيلاً حتى يظنونه مالاً، وسأحكم إغلاقه جيداً، وسأجعل عليه قفلاً فخذه إلى أولادك وقل لهم ما في هذا الصندوق هو لمن يبذل قصارى جهده منكم في بري، ولن يفتح قبل أن أموت، وقل لهم بأن مفتاح هذا الصندوق قد جعلته عند صديقي فلان، فإذا ما مت فاذهبوا إليه وخذوا هذا المفتاح وما بداخل الصندوق هبة مني لمن يفوز ببري"، وبالفعل ذهب بالصندوق إلى بيت ولده الأكبر وطلب منه احضار أخوانه وقال لهم كما قاله له صديقه، ومن تلك اللحظة تغيرت معاملة الأبناء لأبيهم فالكل يطلب منه أن يذهب معه إلى منزله فيخدمه بنفسه والسهر على راحته طمعاً فيما بداخل الصندوق من مال، وبعد بضعة أيام لقي ذلك الأب صديقه المقرب وشكره على خطته التي آتت أكلها وأخبره بأنه بات سعيداً راضياً عن معاملة أبنائه له ولو كان طمعاً في المال لا في بره، وبعد حين من الدهر مات ذلك الأب على فراشه قرير العين، أما الأبناء لما بلغهم خبر وفاة والدهم فقد سارعوا إلى صديقه المقرب وأخبروه بوفاة والدهم وطلبوا منه اعطائهم مفتاح الصندوق، فقال لهم: "هل دفنتوه؟"، "قالوا: لا"، قال: "اذهبوا وصلوا عليه وادفنوه ولن يفوتكم شيء فالمفتاح في انتظاركم"، فهموا سراعاً فغسلوه وكفنوه وصلوا عليه، وعادوا إلى صديقه الذي أعطاهم المفتاح وعلى وجهه ابتسامة سخرية وهم لا يعلمون مغزاها، فذهبوا بسرعة لفتح الصندوق بعد أن اتفقوا على قسمة ما بداخله بينهم بالتساوي، لكن المفاجأة عقدت ألسنتهم لما فتحوه فلم يجدوا بداخله إلاّ "أوتاد" خشب مما تثبت به الخيام قديماً مصفوفة وعليها رقعة، فلما فتحوها وجدوا فيها عبارة مكتوبة "الصندوق وأوتاده في قفا من يعطي ماله أولاده"، فكان هذا درساً بليغاً لهم فندموا على ما قابلوا به والدهم من عقوق وإساءة رغم تضحيته من أجلهم في حياته.
قد يستغرق توزيع الإرث وقتاً طويلاً عند الاختلاف بين أفراد الأسرة
حدوث المشاكل
وعلى الرغم من وضوح مسألة توزيع الإرث إلاّ أن هناك مشاكل كثيراً ما تحدث عند توزيع التركة بعد وفاة المورّث، خاصةً إذا كان هناك من الورثة من يشترك في الأعمال التجارية مع مورثه، ولم يكن هناك اتفاق مسبق على كيفية امتلاك الأموال والأعمال التجارية، إضافةً إلى وجود توكيل لأحد الورثة في التصرف بالأموال قبل موت المورّث، مما يجعل المشاكل تدب بين الورثة مما يجعل الحل الأخير بعد انعدام الصلح هو اللجوء إلى المحاكم لفض النزاع، فيتم مراجعة القضية وعقد العديد من الجلسات لإبداء الآراء وتقديم المستندات المطلوبة لكل طرف، مما يعكر صفو العلاقة بين الورثة وإن كانوا إخوة وأخوات من أب وأم واحدة، وكم هضمت حقوق عدد من الورثة من جراء ذلك فأفرزت القطيعة بينهم، مما يجعل المرء يقف حيران أمام هذه القضايا التي باتت تطفوا على السطح، الأمر الذي يستلزم من كل صاحب مال أن يوضح كيفية امتلاكه للمال وضمان العدل عند وفاته في توزيع تركته بطريقة شرعية سليمة لا يخالطها شبهة، لتقي الورثة من الاختلاف والقطيعة فيما بينهم.
الهيئة العامة للولاية
وغالباً ما يكون بين الورثة بعض "القصّر" وهم الذين لم يبلغوا سن الرشد، مما يستوجب تعيين "ولي" لهم من أحد الورثة، فإن لم يرغب أحد بذلك تولى القاضي تعيين أحد الورثة لأداء هذه المهمة، حيث يخوّل هذا الولي بالاشراف على مال القاصر وتنميته واتمام عملية البيع والشراء لهذا القاصر بشروط من أهمها وجود المصلحة والغبطة، وعند تعذر وجود ولي من بين الورثة تؤدي المحكمة بمهمة الولاية على أموال القاصر حتى يرشد فيدفع إليه ماله.
ومن أجل ذلك فقد صدر المرسوم الملكي عام 1427ه بإنشاء الهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين، ويتضمن النظام إنشاء الهيئة واختصاصاتها كمجلس إدارة الهيئة وإدارة الأموال واستثمارها والتبليغ عن الوفاة وفقد الأهلية والغيبة وإنتهاء ولاية الهيئة والأحكام العامة، كما أن النظام يمنح الهيئة صلاحية مطلقة لاستثمار الأموال التي تتولاها، سواء في عقارات أو مخططات أراض أو بناء فنادق وأبراج، أو في الزراعة أو في الأسهم أو في إقامة مشروعات صناعية، ويشمل اختصاص الهيئة إدارة أموال من لا يُعرف له وارث، وأموال الغائبين والمفقودين، ومن أبرز ايجابيات هذه الهيئة هو تعميمها على المحاكم وكتابات العدل بعدم إفراغ أي عقار مشمول بنظام هيئة الولاية على أموال القصر إلاّ بعد مكاتبة الهيئة والحصول على موافقتها، وحسب الإحصائيات فإن هناك (16) مليار ريال لأكثر (40) ألف مستفيد في بيوت المال في المحاكم والتي تولت الهيئة إدارتها، وبيوت المال في المحاكم كانت موجودة منذ عهد المؤسس الراحل جلالة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الذي أمر بتأسيسها في المحاكم عام 1346ه، وكانت إجراءات هذه البيوت بسيطة من أجل حفظ أموال القصر وفاقدي الأهلية والغائبين والأموال والعقارات المجهولة.
ضياع حقوق
عندما لا يتم الاتفاق بين الورثة على تقسيم الإرث يقع الضرر على عدد منهم، فقد يتأخر توزيع التركة لمدة سنين مع حاجة بعضهم إلى المال، وذلك بعدم الموافقة على ثمن العقارات مثلاً، مما يعطل الانتفاع بالإرث في حينه، ومع تقدم الزمن يموت أحد الورثة ويدخل أبناؤه مكان أبيهم فيكثر عدد الورثة ويزداد الأمر تعقيداً، حيث تقع المنازعات، مما يجعل الإرث معلقاً لسنين فلا يوزع فينتفع به ولا يستثمر فيزداد، وهذا أمر واقع ومشاهد فعلى من يموت مورثهم سرعة البت في توزيع وتقسيم الإرث حسب تعاليم الشريعة بنفوس صافية وطيبة، كما كان يفعل الرعيل الأول الذي اتسم بالبساطة في كل شيء والتسامح ونشر المودة والمحبة بين الجميع من أهل وأصدقاء وجيران.
الاختلاف حول أسعار أراضي المورّث يؤخر توزيع الإرث في الوقت الحالي
المحاكم مرجع المتخاصمين في توزيع الميراث
الهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين تحفظ حقوقهم مستقبلاً
وجود توكيل لأحد الأبناء في التصرف بالأموال قد يُعكّر صفو العلاقة بين الورثة