عنصرية القوانين الإسرائيلية
- د . غازي حسين
تقوم الصهيونية على أساس أن اليهود هم شعب الله المختار.وقاد الإيمان بالاختيار و الاستعلاء إلى التمييز بين اليهود وغيرهم من أبناء الديانات الأخرى .
وانعكس هذا التفاوت و التمييز العنصري , ليس فقط على الفكر الصهيوني وإنما أيضا على الكيان الصهيوني وليد الصهيونية و الامبريالية العالمية .فأصبحت عنصرية الدولة هي السائدة في "إسرائيل".
ودرجت الصهيونية على بث الأساطير و الخرافات و الأكاذيب في نفوس اليهود وشحنهم بأفكار التفوق العنصري و الذكاء و النقاء العرقي ,وإيقاظ مشاعر التعصب والانعزال والاستعلاء ومقاومة الاندماج في الشعوب الأخرى والإيمان بازدواجية الولاء مع أفضليته للصهيونية و الكيان الصهيوني .
تأسست "إسرائيل" بموجب قرار التقسيم (غير الشرعي ) رقم 181 و الذي ينص على انه "لا تمييز بين السكان من أي نوع ,على أساس العرق أو الدين أو اللغة أو الجنس".وينص في الفقرة الثامنة من الفصل الثاني على انه "لا يسمح بمصادرة ارض يملكها عربي في الدولة اليهودية أو ارض يملكها يهودي في الدولة العربية إلا للأغراض العامة. وفي جميع الحالات المصادرة يدفع تعويض كامل قبل نزع الملكية ,كما تحدد ذلك المحكمة العليا ".
تنطلق القوانين الإسرائيلية من الأيدلوجية الصهيونية كما نص على ذلك القانون الأساسي ومن التعاليم التوراتية و التلمودية ومن المبادئ الليبرالية و التي تطبق على اليهود وحدهم دون غيرهم .
تحث التوراة و التلمود على كراهية الكنعانيين العرب و احتقارهم والاستعلاء عليهم و على الشعوب الأخرى وعلى استباحة أراضيهم وأملاكهم وثرواتهم ومصادرتها وتهويدها كما يجري حاليا في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا .وتطالب اليهود بالتسلط على غيرهم من الشعوب وكسر إرادتهم كما حدث في مفاوضات كامب ديفيد الأولى واتفاق أوسلو وفي المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية.
وتتضمن القوانين الإسرائيلية بعض ما ورد من النزعات العنصرية في التوراة و التلمود و الصهيونية تجاه العرب ,وذلك لاقتلاعهم من أرضهم وترحيلهم وإحلال يهود العالم محلهم بالحروب العدوانية والمجازر الجماعية وتكريس الأمر الواقع بمساعدة الولايات المتحدة الأميركية و الدول الأوروبية و القوانين الإسرائيلية و ممارسات الجيش و المؤسسات الحكومية وحركات الاستيطان اليهودية.
1
ولا يزال هذا التوجه العنصري مستمرا منذ أكثر من ستين عاما ويتجلى حاليا في الهولوكوست على قطاع غزة والإيغال في تهويد القدس و المسجد الأقصى المبارك .
بدأت القوانين الإسرائيلية العنصرية بالظهور منذ تأسيس "إسرائيل" ولا تزال مستمرة حتى الآن بمصادرة الأراضي و المياه الفلسطينية وترحيل الفلسطينيين وتهجير اليهود إليها . وتعمل شخصية اليهودي المعقدّة و المريضة دورا أساسيا في الاستيلاء على الأراضي و المياه و الثروات العربية وتدمير المنجزات وإبادة الشعب الفلسطيني .
إن شخصية اليهودي في أوروبا مزيج من بقايا الغيتو,وروح الاستعلاء و التفوق , و الشعور بالدونية والاضطهاد و التمتع بامتيازات و أوضاع لا يتمتع بها غيرهم من الأوروبيين .
وتتسم شخصية اليهودي في "إسرائيل" بالإيمان في المبادئ والأهداف الصهيونية القائمة على الاستعلاء و التفوق و النقاء, "تفوق اليهود على العرب " , حيث تمارس المؤسسات الإسرائيلية و الشعب الإسرائيلي التمييز العنصري تجاه العرب .
ويقود الإيمان اليهودي داخل "إسرائيل" وخارجها بالنقاء و الذكاء والتفوق إلى تبرير استخدام " إسرائيل " للقوة والإرهاب والإبادة الجماعية و التمييز العنصري تجاه العرب . فالشخصية اليهودية تؤمن بالانغلاق و التعصب التسلط العنصري , والغطرسة و الفخر والاعتزاز بالحروب العدوانية و المجازر الجماعية ضد العرب وبالتعامل مع العرب انطلاقا من مقولة صهيونية تقول : " إن العرب لا يفهمون إلا لغة القوة وان العربي الطيب هو العربي الميت".
ويعتقد الصهاينة بان القوة وحدها كفيلة بتحقيق المجال الحيوي للصهيونية وفرض هيمنة "إسرائيل" على "منطقة الشرق الأوسط" , والمحافظة على اغتصاب الأراضي و الممتلكات و المياه العربية .
وتغذي الصهيونية و "إسرائيل"في نفوس اليهود التربية العسكرية والإيمان بالقوة لإقامة "إسرائيل العظمى" الاقتصادية عن طريق الشرق الأوسط الجديد .
وتظهر سياسة التمييز العنصري التي تمارسها "إسرائيل"في العديد من القوانين التي صدرت وتصدر منذ تأسيسها وحتى اليوم لتدعيم قطعان المستوطنين اليهود للاستيطان في الأراضي الفلسطينية وترحيل الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم و مياههم وتدمير منجزاتهم للمحافظة على النقاء العنصري لدولة اليهود,وتأكيد تفوق اليهود العنصري على العرب وممارسة سياسة التمييز العنصري تجاههم .
ويجسد قانون العودة لعام 1950 وقانون الجنسية لعام 1952 و التعديلات التي أدخلت عليه عام 1971 وقانون أملاك الغائبين وقوانين الأراضي و العديد من القوانين الأخرى ومنها
2
قانون المواطنة في عام 2007 العنصرية في القوانين الإسرائيلية بأجلى مظاهرها وعلى مرأى ومسمع الحكام العرب والأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان .
ينص قانون العودة على أن "كل يهودي (في العالم) له الحق في العودة إلى البلاد كيهودي عائد".
ويعتبر هذا القانون من أكثر قوانين "إسرائيل" عنصرية وبل انه مصدر أساسي لعنصرية الدولة ولا يوجد له مثيل في قوانين أي بلد من بلدان العالم . وهو موجه إلى جميع اليهود في العالم يدعوهم للهجرة إلى فلسطين بغض النظر عن جنسيتهم أو الشعوب التي ينتسبون إليها, وبغض النظر عن عدم وجود أي علاقة بينهم وبين فلسطين, وإنما على أساس كونهم يهوداً .ويجسد قانون العودة أبشع أنواع العنصرية و التمييز العنصري والكولونيالية المرفوعة إلى مستوى القداسة الدينية ويجسد أيضا التفرقة العنصرية تجاه الفلسطينيين ,وينكر عليهم حقهم في العودة إلى ديارهم لكونهم عرباً وليسوا يهوداً . وتمت صياغة هذا القانون المغرق في العنصرية لاغتصاب فلسطين العربية وتهويدها والهيمنة على الوطن العربي ومسح وجه العربي الإسلامي عن طريق الشرق أوسطية و المتوسطية .ويُظهر هذا القانون عنصرية الدولة والجيش وبقية المؤسسات الحكومية و المجتمعية في "إسرائيل" ولا مثيل له في العالم على الإطلاق حتى في ألمانيا النازية إبان حكم هتلر .