بساط الحجرات المظلمة ..
ذات مساء في حجرتي القصية و برغم هزيم الرعود الذي أوشك ان يخلع الفؤاد من الصدر ، وبرغم قوة الرياح الهادرة في الخارج استقرضت جزءا يسيرا من وميض برق و أصطحبته معي ..
استلقيت متعبة على بساط الأمل الربيعي باحثة عن سكينة رغما ..
مددت كفي أصافح القمر الذي جل حسنه في وجه سماء الروح فمد كفا من نور صافحت ربا الصدر و تغلغلت في ثنايا النفس فانتشرت و أزاحت ستائر الحجرات المظلمة فيها فتهافتت الأطيار لتفتح الأقفاص عنها ، و دوى شدو أطرب الأغصان التي أحناها ظمأ الهجران ، فانتعشت و أرسلت رغم قسوة الضعف الذي كانت فيه أناملها لتحرر الشدو السجين ..
سرعان ما طفقت تنفض عن أجنحتها غبار الأسر ..
حامت حول الأغصان ملقية تحية شكر الامتنان .....
شرعت الأطيار تترامي على ضفة نهر السعادة ، فنهلت منه حتى ارتوت و تقوّت ، فاجتمعت و حملت الأقفاص بعزم و ألقت بها في بطن النهر ليأخذها إلى البعيد البعيد ، ثم دار حديث رقراق بينهما تمخض عنه جدول صغير يسقي جزوعا مهجورة زمنا لتنهض و تملأ الأفق ازهرارا ..
أما النجمات فأبت إلا ان تشاركنا السعادة ..
حيث تمايلت بوميض مزهل على جنبات القمر كأنها ثملة من عذوبة المشهد فازداد جمالا و ازداد عذوبة ، و يكأني ثملتُ أنا أيضا ؟!
و لم يصحّني من ثملتي إلا صوتهم حيث هتفوا لي جميعا بصوت واحد : هيا بنا نبدأ من جديد فالربيع لا شك قادم .
لن تكون أمسياتي الوحيدة بعد الآن إلا على ذلك البساط .