التقويم القمري أو التقويم الهجري

فقد جعلها الله عز وجل اثني عشر شهراً وعلمها للإنسان كما في الآية الكريمة :
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقِينَ ) ( التوبة 36)
وتتألف السنة القمرية من اثني عشر شهراً وهي : محرم– صفر- ربيع الأول – ربيع الثاني-جمادى الأولى-جمادى الآخرة – رجب- شعبان - رمضان- شوال- ذي القعدة- ذي الحجة , وعدد أيام كل شهر 29 أو 30 يوماً . وتنتهي السنة القمرية بنهاية شهر الحج . ومن الصعب تثبيت بداية الأشهر القمرية , حيث يعتمد بداية الشهر على ظهور هلال القمر من جهة الغرب بعد غروب الشمس في الأفق .
لقد اعتمد العرب على التقويم القمري قبل الإسلام ، واعتبروا نهاية العام القمري في مواعيدهم بنهاية موسم الحج ، وعند بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بقيت العلاقة مرتبطةً بين العبادات والأعياد بالأشهر القمرية .
وبعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم تابع المسلمون
مواعيدهم على أساس التقويم القمري , ونهاية العام مع نهاية شهر الحج ، حتى عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث أمر أحد ولاته بالقدوم إليه إلى المدينة قبل موسم الحج ، فالتبس الأمر على الوالي لأنه استلم الكتاب بعد انتهاء موسم الحج ، وهل كان الخليفة يقصد موسم الحج الذي مضى أم القادم ؛ولهذا السبب أوجد المسلمون التقويم الهجري ، وذلك عندما اجتمع الخليفة عمر بن الخطاب مع كبار الصحابة وشاورهم على اختيار بداية للتقويم فاختاروا السنة التي هاجر فيها رسول الله صل الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة , حيث اعتبروها الحدث الأكبر في ظهور دين الإسلام , وسمي بعد ذلك بالتقويم الهجري .
وبعد قيام ثورة الفاتح بقيادة الزعيم معمر القذافي عام 1969 في ليبيا قام بتغير التقويم القمري من بداية هجرة الرسول إلى المدينة إلى اعتماد سنة وفاته
واعتبر سنة وفاة الرسول هو الحدث الأكبر في حياة المسلمين بسبب انقطاع الوحي الإلهي وانتهاء الرسالات السماوية والنبوة بوفاة خاتم النبيين محمد صل الله عليه وسلم وربما يتفق كثير من الناس وأنا منهم على أن وفاة الرسول هي الحدث الأكبر في حياة المسلمين وليس بولادته بعكس ما حدث في ولادة السيد المسيح حيث اعتبر ولادته الحدث الأكبر إلا أن الهدف من التقويم هو الاتفاق وتوحيد المسلمين على تحديد المواعيد وليس للاختلاف , ومهما يكن أراء الصحابة رضي الله عنهم في اختيار بداية السنة الهجرية , إلا أن الهدف من تحديد بداية السنة الهجرية لتكون مرجعية واحدة للمسلمين وأن يكون لنا تقويم واحد وليس تقويمان
حيث تعتمد الأشهر الهجرية على منازل القمر التي تنتج عن :
· دوران القمر حول نفسه .
· و دوران الشمس والقمر حول الأرض بسرعتين مختلفتين .
· وعلى مساحة أشعة الشمس التي نسقط على الوجه الأمامي للقمر .

وسبب إضاءة القمر ، من الهلال في بداية الشهر الهجري إلى البدر في منتصف الشهر ثم إلى المحاق في نهاية الشهر , ناتجة عن أن القمر كروي الشكل , وتغطي أشعة الشمس نصفه بشكل دائم باستثناء وقت الخسوف ، وتدور الشمس والقمر حول الأرض بفرق سرعة زاوية تساوي نصف درجة بالساعة .
ففي بداية الشهر الهجري يكون وجه القمر المقابل للأرض مظلماً ووجهه الخلفي مضاء".
وحيث أن الشمس والقمر يدوران من الشرق إلى الغرب مع عقارب الساعة ؛ فإن الشهر الهجري يبدأ عندما تكون الشمس والقمر على خط واحد تماما" كما يحدث مع المتسابقين عند بداية السباق ضمن مضمار الجري .
وبما أن السرعة الزاوية للشمس تزيد نصف درجة عن السرعة الزاوية للقمر في دورانهم حول الأرض ,فإن القمر يتراجع عن الشمس نصف درجة بالساعة, وبسبب قوة أشعة الشمس فإننا لا نستطيع رؤية هلال القمر ، حتى يكون فرق الزاوية بين الشمس والقمر 5 درجات من جهة الغرب ونزول الشمس تحت الأفق ، ولهذا السبب يتم إثبات بداية الشهر


الهجري بعد غروب الشمس ،فإذا ظهر الهلال فوق مكة المكرمة
بعد غروب الشمس , فإن الدول الواقعة غرب خط الطول المار من مكة المكرمة , يجب أن تشاهدوا الهلال إذا توافرت شروط رؤية الهلال .
مع العلم أن معظم الدول العربية تقع غرب خط الطول المار من مكة المكرمة , ويختفي الهلال تحت الأفق بعد مضي 20 دقيقة بسبب دورانه حول الأرض ، ومع مرور الوقت يزداد فرق الزاوية بين الشمس والقمر , وتزداد الإضاءة على وجه القمر الأمامي , وتنقص الإضاءة عن وجه القمر الخلفي ويزداد حجم الهلال , وخلال 24 ساعة يصبح فرق الزاوية بين القمر والشمس 12.15 درجة , وبعد مرور سبعة أيام ونصف تقريبا" يصبح فرق الزاوية بين القمر والشمس 90 درجة ، ويكون وجه القمر الأمامي نصفه مضاء" ونصفه مظلما"، ووجه القمر الخلفي يكون نصفه مظلما" ونصفه مضاء" .


وعندما يكتمل فرق الزاوية بين الشمس والقمر 180 درجة ,
يكون وجه القمر الأمامي للأرض بدراً والوجه الخلفي للقمر ظلاما" .


وبزيادة فرق الزاوية بين الشمس والقمر تتناقص مساحة الإضاءة عن وجه القمر الأمامي وتزداد الإضاءة على وجه القمر الخلفي .
وتختفي الإضاءة عن وجه القمر الأمامي عندما تكتمل الزاوية بين القمر والشمس 360 درجة ، وذلك بعد مرور29 يوماً و 14 ساعة و40 دقيقة .
حيث يبدأ شهر هجري جديد من موقع جديد على الأرض؛
ولهذه الأسباب لا نستطيع رؤية الهلال لتثبيت وتحديد خط الطول على الكرة الأرضية لبداية ونهاية الشهر الهجري بسبب أشعة الشمس وصغر حجم الهلال وعلينا الانتظار حتى اليوم التالي لوقت غروب الشمس ونزولها تحت الأفق ،
وبذلك تكون الزاوية بين القمر والشمس أكثر من 5 درجات للموقع الذي بدأ عنده الشهر الهجري المنصرم .
ولذلك يضاف عدد من الساعات إلى الشهر الهجري الجديد ، وهذا يفسر اختلاف عدد أيام الشهر الهجري بين 29 أو 30 يوماً وقد أشار رسول الله صل الله عليه وسلم:
أن الشهر الهجري يبدأ بمشاهدة الهلال بعد غروب الشمس , وأن عدد أيامه إما 29 أو30 يوما" ؛ فقال صلى الله عليه وسلم :
( الشهر هكذا وهكذا ) (رواه البخاري برقم 1809 ومسلم برقم 2522)
ورغم تقدم العلوم وحساب أوقات الخسوف والكسوف بدقة متناهية ؛ إلا أن اختلاف المسلمين في الدول العربية في إثبات رؤية الهلال مازال قائما" , خاصة شهري رمضان وشوال والذي يؤدي إلى اختلاف المسلين في العالم في عبادتهم وأعيادهم ,
حيث يقام في معظم مساجد أوربا وأسيا وإفريقيا وأمريكا في كل عام 31 صلاة تراويح وصلاتي عيد فطر ,
فيستجير أئمة المساجد من هذا الانقسام بين المسلمين ؛ بسبب اختلاف الراصدين في الوطن العربي ؛ وعدم معرفتهم بأسس رصد الهلال ؛ حيث أن قرار رصد ومشاهدة الهلال يتم من قبل شخص واحد من المحكمة الشرعية , ولكامل الدولة في معظم الدول الإسلامية , وهذا الراصد ليس له علاقة بحركة الشمس والقمر .
فيجب على مراكز إعجاز القرآن والإفتاء في العالم الإسلامي , إصدار شروط رصد الهلال ؛ لتثبيت بداية اليوم والشهر الهجري بطريقة علمية كالتالي :

شروط تحري الهلال

يبدأ اليوم الهجري اعتبارا" من أذان المغرب , بعد غروب الشمس تحت الأفق .
1. أن يتم رصد الهلال من جهة الغرب
2. أن يكون أمام الراصد أفقٌ مستويٌ لا يقل عن40 كيلومتر , ولا يوجد أضواء أمام الراصد تؤثر على رؤية الهلال .
3. لا تصلح المناطق الجبلية دائما لرصد الهلال , حيث يكون الهلال في بعض الأحيان تحت أفق الجبل .
4. أن تكون السماء صافية" عند الأفق ولا يوجد غيوم أو ضباب أو غبار أو دخان سيارات و مصانع .


5. لا يفضل الرصد فوق البحر ؛ بسبب وجود بخار الماء الذي يعيق الرؤية .


6. أن تتم الاستعانة ببرنامج شروق وغروب القمر ؛ لتثبيت رؤية الهلال في حال ولادة الهلال حسابيا".


7. أن يتم رصد الهلال فجرا" في يوم 29 الشهر الهجري قبل شروق الشمس ، فإذا تمت رؤية الهلال فجرا" قبل شروق الشمس
يوم 29 من الشهر الهجري ؛ فان الهلال سيغيب في الأفق يوم 29 قبل غياب الشمس , ومن المستحيل رؤية الهلال لشهر هجري جديد , وعلينا إكمال الشهر ليصبح عدد أيام الشهر30 يوما"
أما إذا لم يشاهد الهلال عند فجر يوم 29 الشهر الهجري قبل شروق الشمس ؛ فهذا يعني أن هلال القمر سيظهر مع أو بعد شروق الشمس , وبسبب قوة أشعة الشمس لا نستطيع رؤية الهلال صباحا" .
وبعد مرور 12 ساعة من شروق الشمس وانتهاء النهار ستنتقل الشمس والقمر إلى جهة الغرب وتختفي الشمس تحت الأفق قبل القمر , وسوف نستطيع رؤية الهلال لشهر هجري جديد بعد غروب الشمس يوم 29 الشهر الهجري ؛ بسبب أن السرعة الزاوية للشمس تساوي 15 درجة بالساعة , والسرعة الزاوية للقمر هي 14.5 درجة بالساعة , ويكون الفرق بين السرعتين 0.5 درجة بالساعة , وخلال 12 ساعة يصبح الفرق بين الشمس والقمر 6 درجات من وقت شروق الشمس إلى وقت غروب الشمس , وهذا الفرق يكفي لمشاهدة الهلال إذا توافرت الشروط .
وهذا يوافق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الشهر هكذا وهكذا ) أي أن الشهر يمكن أن يكون 30 أو 29 يوما" .
** هذه الأرقام والدراسة قياسية وصحيحة لجميع الدول الواقعة بين مدار السرطان ومدار الجدي , ومنها مكة المكرمة ، وعلى مدار السنة .
إلا أن رؤية الهلال لشهر هجري جديد تزداد صعوبة كلما اتجهنا باتجاه القطبين ؛ بسبب اختلاف زاوية رؤية القمر .
وتكون فتحة الهلال للأسفل في بداية الشهر الهجري الجديد للدول الواقعة بين مدار السرطان ومدار الجدي , وتتجه فتحة الهلال باتجاه الجنوب كلما اتجهنا إلى القطب الشمالي .
كذلك تتجه فتحة الهلال باتجاه الشمال كلما اتجهنا إلى القطب الجنوبي بسبب اختلاف زاوية الرؤية .
ونظرا" لمكانة مكة المكرمة يجب اعتبار خط الطول المار منها بداية خط التاريخ الإسلامي الهجري ؛ لأن جميع الدول العربية التي تغيب الشمس عنها تأتي بعد غيابها في مكة المكرمة , واحتمال رؤية الهلال في الدول العربية التي تقع غرب مكة المكرمة تكون ضعيفة إذا لم يشاهد في مكة المكرمة .


وبتطبيق هذه الشروط سوف يكون احتمال أكبر لمشاهدة الهلال في كل الدول العربية التي هي مصدر الخلاف بين المسلمين في العالم , وبالتالي يتناقص الجدال والاختلاف بين المسلمين الذين يقيمون خارج الدول الإسلامية , وتتوحد معظم الدول العربية في صيامها وأعيادها .



نادر جنيد سوري الجنسية
شهادة طيار خط جوي من أمريكا
مكتشف نظرية الأرض لا تدور حول نفسها ولا حول الشمس
مختص في علم الفلك والفضاء والتقويم الهجري والميلادي ومواقيت الصلاة