بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، ثمّ الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنّا لِنَهْتَدِيَ لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ، ولا اعتصامي ، ولا توكّلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقرارًا لرُبوبيَّته ، وإرغامًا لمن جحد به وكفر ، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدًا صلى الله عليه وسلّم رسول الله سيّد الخلق والبشر ، ما اتَّصَلَت عين بنظر ، وما سمعت أذنٌ بِخَبر، اللَّهمّ صلّ ، وسلّم ، وبارك على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريّته ، ومن والاه ، ومن تبعه إلى يوم الدّين ، اللَّهمّ ارْحمنا ، فإنّك بنا راحِم ، ولا تعذّبنا فإنّك علينا قادر ، والْطُف بنا فيما جرَتْ به المقادير ، إنَّك على كلّ شيءٍ قدير ، اللّهمّ علّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علّمتنا ، وزدْنا علمًا ، وأرنا الحقّ حقًّا ، وارزقنا اتّباعه ، وأرنا الباطل باطلاً ، وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتّبعون أحْسنه ، وأدْخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة المؤمنون ، ورد في الحديث الشريف الصحيح أنّ معترك المنايا بين الستّين والسبعين ، والوقائعُ تؤكّد هذا الحديث الصحيح إذْ أنّ الناس يغادرون الدنيا فيما بين الستّين والسبعين ، أو الخمسين والستّين ، أيْ إذا تجاوَزَ الإنسان سنّ الأربعين دخل في أسواق الآخرة ، لذلك ألف الناس مِمَّن تجاوزوا الأربعين أو الخمسين أن يأتي على خاطرهم شبح الموت ، وأن ترد على مخيِّلتِهم خواطر مفارقة الدنيا ، والشيء الذي يُلفتُ النّظر هو أنّ الله جلّ جلاله جعل الموت مُغيَّبًا عن الإنسان ، وهناك حوادث كثيرة يُغادر فيها الإنسان الحياة الدنيا في سنّ مبكّر .
عُدْت إلى كتاب الترغيب والترهيب للإمام المنذري في باب الترغيب في ذِكر الموت ، فوجدْتُ من خلال الأحاديث الشريفة أنّ ذِكر الموت واجبٌ ديني ، ولا علاقة له بِسنّ من السنين ، الشاب عليه أن يذكر الموت وهو في مقتبل الحياة ، والشيخ عليه أن يذكر الموت ، والكهل عليه أن يذكر الموت لأنّ ذكر الموت عبادة ، وباب واسعٌ جدًّا ، وقد قعد فيه المؤلّف أحاديث كثيرة للنبي عليه الصلاة والسلام على التفكّر في الموت .