إهداء إلى الأعشى
" الشَّـوار " (1)

أفِقْ بُنَيَّ يكادُ الليلُ يرتحلُ
ألا نصَبتَ شَواراً أيُّها الرَّجلُ

حريدةٌ في جمالِ البحرِ واعظةٌ
تقولُ بئس خلاقُ الفتيةِ الكسلُ

إذا بلغتُ انكسارَ الموجِ قلتُ لهُ
ها قدْ أتيناكَ لا خوفٌ و لا وَجَلُ

جئناك بالحكمةِ الغرَّاءِ بالغةً
لو يرعوي الجهلُ عنها لارعوى السُّحَلُ(2)

طابَ الشَّوارُ لنا لولا شَوائبُهُ
كذلك النَّاسُ فالمحمودُ و السَّفَلُ

ألا يُمِلُّكَ من أضحى تطفُّلُهُ
هوىً لديهِ فعنهُ ليسَ يَنتقِلُ

و ربَّما زيَّنَ الأقوالَ زُخرُفُها
و اللهُ يعلمُ أينَ الصَّفوُ و الضَّحَلُ

على النِّفاقِ قلوبُ النَّاسِ ماردةٌ
فلا يَغُرَّنْكَ من يدعو و يبتهلُ

فما تراءتْ لِيَ الأعمالُ صالحةً
إلاَّ و بُـرِّزَ لي من حُجبِها الخَلَلُ

يُسدي إليكَ جميلَ النٌّصحِ مُؤتفِكٌ
و يزدهيكَ بلحنِ القولِ منتحِلُ

و غُدوةٌ بسَنا الإشراقِ باسمةٌ
و القلبُ منها على الإظلامِ مُنسَدِلُ

تَقَهْقَرَنْ عن جِراءِ الظُّلمِ مُنهزِماً
و قُلْ هُزِمتُ و فازَ الفاتكُ البطَلُ

تَخفى عنِ الخُطوَةِ العَشْواءِ ضِلَّتُها
و يَنبري لرُؤاها الشَّكُّ و الدَّغَلُ

برئتَ مِنْ شَكِّكُم هذا و ريبتِكمْ
قد استبانتْ أمورُ الرُّشْدِ فامتثِلوا



الشَّوار : متاع البيت و عند البحَّارة من شباك الصيد و هو من أمتعتهم على أي حال
(2) السُّحَل : ضربٌ من الأسماك غير مرغوب


شعر : زيــــــاد بنـــجـــر


تحيَّاتي