أوسكار 2012 . . الحنين للزمن الماضيترشيحات كثيرة وتوقعات بالجملة، عاشها عشاق الفن السابع في الأيام القليلة الماضية، وهم يترقبون نتائج حفل توزيع جوائز الأوسكار للعام 2012، هذه الجائزة الأكثر شهرة وعالمية بين الجوائز السينمائية الأخرى، وتحظى بمتابعة إعلامية استثنائية قبل وبعد إعلان نتائج جوائزها، وتتحول جميع الأفلام السينمائية التي ترشح للفوز بواحدة أو أكثر من جوائزها إلى محط أنظار واهتمام عشاق الفن السابع، عوّدتنا هذه الجائزة دائماً على الغرابة والمفاجأة في كسر جميع التوقعات، لكن في أوسكار هذا العام، صدقت تكهنات الكثيرين حول انحسار المنافسة حول الجائزة الأهم «أفضل فيلم روائي طويل» بين «هيوغو» للمخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي، و«الفنان» للمخرج الفرنسي ميشيل هازانافيكوس، وربما هي المصادفة التي جعلت كلا الفيلمين يتحدثان عن السينما في زمنها الجميل، عندما كانت لا تزال صامتة، إلا من هواجس وأحلام مبدعيها، الذين عملوا سريعاً على تطوير تقنياتها، حتى وصلت إلى أبعاد في تقنيات الصورة والصوت، ربما لم يكن يتخيلها العقل البشري عندما أدار الأخوين لوميير عجلة الفيلم السينمائي في أحد أقبية باريس عام 1895م.
التنافس القوي احتدم بين الفيلمين بعد أن حاز كلاً منهما على العديد من الجوائز السينمائية العالمية مثل «كان» و«غلوب» وبافتا» وغيرها وبلغ مجموع الجوائز التي ترشحا إليها 23 جائزة، لكن مساء الأحد الماضي حسمت المنافسة لصالح فيلم «الفنان» -أوسكار أفضل فيلم روائي طويل- الذي يعيدنا إلى زمن السينما الصامتة بين عامي 1927 و1932، عصر الأضواء والشهرة والنجومية التي كانت تصنعها الشاشة السحرية، وعن تلك اللحظة التي أعلنت انتقال السينما إلى عصر جديد، يقدم الصورة المتحركة مع صوت أبطالها الممثلين، لعب دور البطولة الممثل الفرنسي جان دورجادين «39» عاماً وحاز على أوسكار أفضل ممثل رئيسي، الذي يحاول في الفيلم إثبات وجوده وحضوره النجومي الساحر، بعد التطوير غير المتوقع الذي حصل في صناعة السينما، لكنه يقع فريسة تعنته برأيه ومواقفه، ويصل به الأمر إلى محاولة الانتحار، لكنه يعود إلى رشده بعد أن تقبّل التطور الجديد، ويرقص على أنغام صديقه بيي ميللر «لعب الدور بيرنسي بيجو» وينطلق نحو النجومية مجدداً، أما في فيلم «هيوغو» يبتعد سكورسيزي هذه المرة عن عالم الجريمة والعصابات والدموية والقتل، ليقدم لنا فصولاً من طفولته وسيرته الذاتية، عندما كان لا يزال يافعاً يبحث عن أي فيلم سينمائي ليشاهده، وهناك بعض النقاد وجدوا في فيلم سكورسيزي الجديد، استكمالاً لمحاولاته السابقة في كتابة تاريخ السينما، والتأريخ لبدايتها الأولى، مع أعمال رائد السينما والمخرج الفرنسي جورج ميلييس «1861-1938» الذي يظهر في الفيلم، هذا المخرج الذي أنجز حوالي 500 فيلم سينمائي، ربما كان الملهم والمعلم لسكورسيزي في حياته الفنية، يستحضر صاحب «عصابات نيويورك» معلمه وملهمه في فيلمه الأخير «هيوغو» الذي قاده عشقه للسينما إلى تدمير نفسه والقضاء على حياته، بدورها فازت الممثلة البريطانية ميريل ستريب بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة عن دورها في فيلم «المرأة الحديدية The Iron Lady» الذي جسدت فيه دور رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، وتعتبر هذه المرة الثالثة التي تحقق فيها ستريب أوسكار أفضل ممثلة، التي تم ترشيحها للجائزة 17 مرة، وفاز الممثل الكندي كريستوفر بلامر «82 عاماً» بجائزة أوسكار لأفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم «مبتدئون Beginners» ليصبح أكبر شخص يفوز بالجائزة في تاريخ جوائز الأكاديمية.
تاريخ الجائزة
الجهة المانحة للجائزة هي أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة التي تعد أكاديمية فخرية وليست تعليمية، تأسست في 11 مايو 1927 في كاليفورنيا وتضم هذه الأكاديمية أكثر من 6000 عضو مختص بالفنون السينمائية منهم لجنة تصويت ضخمة تتكون من 5816 ممثلاً وممثلة ومختصون في السينما منهم 1311 ممثلاً وممثلة، وتنظم الأكاديمية إضافة إلى مسابقات جوائز الأوسكار السنوية مسابقات سنوية للطلاب غير المتخرجين من الجامعات المختصة بالفنون السينمائية بعد.

تمثال الجائزة والتسمية
وشروط الترشيح
لم يتفق المؤرخون السينمائيون على أصل كلمة «أوسكار» غير أنه يشاع أن أمينة مكتبة الأكاديمية مارغريت هاريك، قالت عندما شاهدت التمثال لأول مرة عام 1928: «إنه يشبه عمي أوسكار»، وهناك من يقول إن الممثلة الراحلة بيت ديفيس أطلقت هذا الاسم نسبة إلى زوجها الأول.
يبلغ طول الجائزة 34 سم ووزنها 3.85 كغ وهو على شكل فارس يحمل سيفاً، يقف على شريط فيلمي، مصنوع من مادة البريتانيوم الذي هو خليط من القصدير والنحاس ويطلى في المرحلة الأخيرة من التصنيع بطبقة من الذهب، من طرائف الجائزة أنه في عام 1988 نالت الجائزة الممثلة المشهورة «كلي ولتر» ولكنها عندما رفعت الأوسكار تزحلق من يديها وسقط على الأرض وتحطم.
ولكي يرشح الفيلم في هذا المهرجان يجب أن يكون تم عرضه في صالات السينما في كاليفورنيا في السنة السابقة من 1 كانون ثاني إلى 31 كانون أول، ويجب أن تكون مدة الفيلم لا تقل عن 40 دقيقة لكي يتنافس على جائزة الأفلام الطويلة، وإلا فسوف يصنف كفيلم قصير، ويجب كذلك أن يكون حجم الفيلم الذي صور عليه العمل السينمائي إما 35 ميلمتراً أو 70 ميلمتراً، تصدر الترشيحات عادة أوائل شهر شباط من كل عام، وهذه الترشيحات تصدر لجوائز السنة.
ينظم عادة مهرجان توزيع الأوسكار سنوياً في نهاية شهر شباط أو بداية شهر آذار، في صالة مسرح كوداك في مدينة لوس أنجلوس- ولاية كاليفورنيا الأمريكية، ويعتبر هذا الحدث من الأحداث التي تحظى بتغطية إعلامية واسعة واستثنائية، ومشاركة الكثير من الشركات الكبرى التي تحاول استخدام ليلة المهرجان لترويج منتوجاتها، من الملابس والزينة وفي بعض الأحيان يستخدم المهرجان للتعبير عن آراء سياسية مثيرة للجدل من قبل الحائزين على الأوسكار، مثل رفض الممثل الشهير مارلون براندو الحصول على جائزة أفضل ممثل بسبب موقف حكومة الولايات المتحدة من الهنود الحمر، وأيضاً أثناء حفل توزيع الجوائز عام 2003 حينما ندد العديد من الفائزين بالحرب على العراق لاسيما المخرج مايكل مور الذي حاز على جائزة أفضل فيلم وثائقي.


أنس زرزر
http://www.albaath.news.sy/user/?id=1378&a=121884