نقيب الفنانين أسعد عيد
الدرامـا السورية... تعكس نبـض الشارع
ســورية هوليـود الشـرق
نجحت في تصوير مشاهد في عمق البحر
«على موج البحر» المسلسل الاجتماعي المعاصر، الذي صُوّر في أجمل مناطق سورية الساحلية.. للمخرج أسعد عيد نقيب الفنانين، الذي حدثنا عن مضمون المسلسل... وعن نجاحات الدراما السورية، والتصدي لأية موضوعات تخترق وحدة سورية الوطنية، وعن المحور الهام وهو نجاحه في تصوير مشاهد في عمق البحر عبر اليخوت.
المسلسل اجتماعي معاصر ... يروي حياة شرائح مختلفة من البيئة الساحلية خاصةً، وواقع الأسر عامةً، مستعرضاً طرق الفساد والاغراءات المادية، التي تقف في وجه القيم النبيلة السامية التي نتمسك بها رغم صعوبة، البقاء والاستمرار... وصولاً إلى حياة متوسطة، وفي منحى آخر.. يلج إلىأعماق الشخصيات.. ليصوّر أحلامها وهواجسها ورغباتها، وما يعترض مسارها من فساد وحبّ وكره وانفصال وفراق وصراعات داخلية وخارجية، كما يكشف واقع الطبقات الثرية والمتوسطة وطبقة القاع، ويجسّد العلاقة الشائكة بين تلك الطبقات... كل هذه الأبعاد جميعها نراها في أمواج البحر، بما تحمله من متغيّرات المدّ والجزر.. المسلسل غني بالخطوط الدرامية الشائقة والمثيرة.. سواء من حيث الأمكنة أو الحدث الدرامي.
> صُوّر المسلسل في أجمل مناطق سورية (أم الطيور - وادي قنديل - اللاذقية - عمق البحر..)، فماذا تقول عن العناصر الجمالية والمؤثرات الفنية والتقنيات..؟؟
>> سورية هوليود الشرق، لأننا نستطيع أن نصوّر فيها في كل الفصول، وأنا اخترتُ موعد بداية التصوير ابتداءً من شهر أيلول ولأشهر متتابعة، حيث الصورة مختلفة تبعاً لعوامل الطقس، وتعطينا أبعاداً متعددة بلغة سينمائية بحتة، يستطيع المتلقي من خلالها أن يفهم تفاصيل البيئة الساحلية.. طبعاً كان العمل متعباً لتعدد الأمكنة وارتباطه بمسح شامل لتلك البيئة بكل عناصرها (البحر، الجبل، الغابة، الشاطىء، وسط المدينة، الشارع والمطاعم والمنازل، وأماكن العمل) والنقطة الهامة والشائقة هي إضافة بعض المشاهد وتحويلها إلى عمق البحر، إذ تم التصوير داخل البحر عَبْر اليخوت، وكان هناك الكثير من المؤثرات الفنية والأكشن والمشاهد الحوارية، إضافةً إلى زوارق المطاردة وزوارق الكاميرا والمراقبة، فكان التنفيذ صعباً جداً، فقد فشل الكثير من المخرجين سابقاً في التصوير داخل البحر.... لكن فريق العمل كان متعاوناً، وبعض الفنيين انسحبوا لدوار البحر، ولم يبقَ إلا المعنيون بالمشاهد، وبقدر ما تحمل هذه المشاهد من اثارة بقدر ما كان تنفيذها خطراً، فأي خطأ غير مقصود يعرض حياة أحد العاملين للموت والغرق، أما على الشاطىء فكانت الاستجابة كاملةً، وأقول: إن المسؤولين عن الانتاج قدموا كل المساعدة والحرية المطلقة.
ركزتُ في العمل على إيجاد توازن بين العنصر الجمالي والحدث الدرامي، وقد استخدمتُ أدواتي كمخرج وفق مقولة: «من لم يقرأ علم النفس لا يفهم الدراما»، وهذه المسألة مسلم بها فكانت الكاميرا تتكلم عن خلفيات الشخصية وأبعادها، ووظيفتها في التقاط الحالة النفسية، وهذا يعود إلى الأرضية الثقافية للمخرج في توظيف الحدث الدرامي... أما التكتيك العام فأي إنسان يتابعه بمساعدة مدير الإضاءة والصوت، ثم تأتي المؤثرات الموسيقية، ما يهمنا مضمون النص والتنفيذ... فحين نرصد بيئة، نرصد الواقع وليس المهم ان نرصده كما هو، وانما كما ينبغي أن يكون هذا الواقع.
> المخرج قائد العمل.. فهل غيّرت في رسم هيكلية الشخصيات، وتعديل مصائرها، أو تحويل بعض المشاهد إلى أمكنة مخالفة تبعاً للحدث الدرامي؟؟.
>> حين يكتب السيناريست النص لا يعني ان يتحوّل المخرج إلى منفذ فقط، وإلا أصبح كل انسان مخرجاً، المخرج مؤلف آخر للنص، وهذا شيء متعارف عليه في معظم أعمالنا، وأنا أؤكد على مسألة التعاون المطلق ما بين الكاتب والمخرج، فهما شركاء في النجاح، وإذا وجِدَ أيّ عائق فهذا ينعكس سلباً على المخرج والكاتب والممثل في آنٍ واحد، أنا كمخرج استطعت ان أحوّل الكثير من المشاهد إلى لغة كاميرا، لأنني أؤمن بأنها أجدى وأكثر فعاليةً وتترك أثراً أكبر لدى المتلقي، فحينما نصوّر بالكاميرا المحمولة نصوّر سينما، وحتى أكون شفافاً أكثر، في هذا العمل لديّ بيئة وأكشن جمالي وحدث درامي... فلماذا لا أوظف اللغة البصرية المشهدية لتعطي مدلولاً سياحياً كما في الأعمال التركية.
> تحدثت عن الأعمال التركية التي غدت عنصراً فاعلاً في تنشيط السياحة إلى تركيا، فما رأيك بها لا سيما أنها تشغل ساعات كثيرة من المحطات الفضائية؟؟.
>> تعتمد هذه الأعمال بالدرجة الأولى على اللغة البصرية في إظهار جمالية المشاهد الطبيعية والساحلية، وحرية الكاميرا في الانتقال بين أجزاء الطبيعة الجغرافية الجميلة... وأقول : إن النجاح الحقيقي لها يعود إلى أصوات وروح النجوم السوريين الذين يتقمصون شخصياتها ويضيفون أحاسيسهم على حركة الشخصية أو اللهجة المحكية السورية المحببة، ولو دُبلجت في أيّ بلد عربي آخر لما حققت هذا النجاح، أما من حيث المضمون فهذه الأعمال لا تخضع لرقابة فكرية وتطرح أفكاراً ومواضيع خارجة عن مجتمعنا وتفسد الجيل اليافع، وإذا فسد فمن الصعب استعادته، ونحن في نقابة الفنانين نتصدى لهذه الظاهرة التي تشكل خطراً على عاداتنا وتقاليد مجتمعنا...
وفي منحى آخر تشكّل خطراً على الدراما، فمن حيث التوزيع ساعات كثيرة تخصص في الاستديوهات للدبلجة والمردود المالي فيها قد يوازي المردود المالي في الأعمال الدرامية، فربما يختارها الممثل لأنه يعمل بصوته وروحه، ولا يخضع لصعوبة مواعيد العمل والتصوير في مناخ طقسي معين وضمن أوقات معينة قد تخالف مخططه اليومي.
> عُرضت سابقاً مسلسلات تطرقت إلى القضايا السياسية الراهنة مثل «الاجتياح» وتُصوّر حالياً عدة مسلسلات مثل سحابة صيف - هدوء نسبي - فما رأيك بهذا النوع من الدراما «دراما الأزمات»؟؟.
>> الدراما السورية أثبتت وجودها فشغلت حيزاً واسعاً من البثّ في المحطات الفضائية الأكثر شهرةً، لأنها مرآة تعكس نبض الشارع، وما يُطرح فيه من قضايا راهنة، فهل نستطيع أن نفصل بين الفن والسياسة؟ كيف ذلك والفنان سفير فوق العادة يعمل على ترجمة الواقع.
> ذكرت إحدى الصحف أن بعض الأعمال السورية ستُدبلج إلى التركية برأيكم هل ستنجح؟؟.
>> أعمالنا متميزة، ولا تقل شأناً من الناحية الفنية عن الأعمال العالمية ، أعمالنا هادفة، وفي خدمة الإنسان العربي خاصةً والإنسان عامةً والدبلجة خطوة، سنصل من خلالها إلى العالمية.

حوار: مِلده شويكاني