المدونات الفرنسية آخر تحديث:الجمعة ,22/08/2008

صالح الخريبي

ديجول مات وفي نفسه حسرة من شعبه الذي لا يتفق على رأي، فقد كان يقول: “كيف يحكم الإنسان شعباً يأكل 75 نوعاً من الجبنة”. ويتحدث سهيل إدريس مطولاً عن النقاشات الفلسفية والأدبية التي تجري في مقاهي الحي اللاتيني التي تعبق أجواؤها بالدخان، أما إيغور ليشينوف الذي اختار اسماً فرنسياً هو جاك ليست فيقول إن باريس لا تزال عاصمة الثقافة في العالم: “لأنها العاصمة الوحيدة في العالم التي أثبتت أن لحية لينين لم تكن تشبه السوق الأوروبية المشتركة ولذلك سقطت الشيوعية”، وفي الحي اللاتيني تستطيع أن تجد فناناً يرسم الموناليزا على ظهر امرأة، أو يخوض معك في نقاش طويل ليقنعك أن الدجاج ينبغي أن يضع ربطة عنق”.

وفي عصر الإنترنت حمل الفرنسيون نقاشاتهم من مقاهي الحي اللاتيني إلى الإنترنت، فقد كشفت الإحصائيات أنهم من أكثر شعوب العالم ولعاً بالمدونات الإلكترونية التي تعتبر صحافة عصر الانترنت، وهم بذلك يتفوقون على الألمان والبريطانيين والأمريكيين، فخلال الشهر الماضي زار 60% من مستخدمي الإنترنت الفرنسيين موقع بلوج أو أكثر، في مقابل 40% في بريطانيا و32% في الولايات المتحدة و35% في ألمانيا، وإذا كان الفرق يبدو شاسعاً، فإن الساعات التي يمضيها هؤلاء في المواقع توضحه بشكل أكبر، فقد أمضى الفرنسيون ما يزيد على الساعة في زيارة هذه المواقع في مقابل 12 دقيقة للأمريكيين و3 دقائق للألمان.

وما يزيد على 3 ملايين مستخدم إنترنت فرنسي، أو ما يعادل 12% من المشتركين، يمتلك مدونة خاصة به، وتتميز المدونات الفرنسية عن غيرها بكون مقالاتها أطول، وأكثر جرأة في الانتقاد وأكثر إثارة للاستفزاز، ويرى الفرنسيون أن المدونات انبعاث حقيقي لثقافتهم، ففرنسا أول دولة في العالم حاولت استخدام ما يشبه الإنترنت، عندما أنشأت شركة مينيتيل التابعة لشركة فرانس تيليكوم شبكة لنقل رسائل بين مشتركيها قبل أن يسمع الكثيرون بالإنترنت.

وكم يبدو طريفاً أن نقرأ في إحدى المدونات الفرنسية لشخص يقول إنه فكر في “إنقاذ فرنسا” وترشيح نفسه لرئاستها، ولكنه تراجع لأنه ليس على استعداد لتحويل رأسه إلى صندوق من الخشب.